داعش يضرب قلب دمشق بتفجير انتحاري غير مسبوق يستهدف كنيسة

مقتل 22 شخصا وإصابة 63 آخرين إثر تفجير انتحاري نفسه بكنيسة القديس مار إلياس بدمشق بعد إطلاقه النار في هجوم نددت به الأمم المتحدة ودول عدة.
الاثنين 2025/06/23
مجزرة تعيد طرح التحديات الأمنية أمام السلطة الانتقالية

دمشق - قتل 22 شخصا على الأقل الأحد جراء إقدام انتحاري على تفجير نفسه داخل كنيسة في دمشق، في هجوم غير مسبوق نسبته السلطة الانتقالية التي يشكل بسط الأمن أحد أبرز تحدياتها، الى تنظيم الدولة الإسلامية.

ويعد الاعتداء الذي نددت به الأمم المتحدة ودول عدة، الأول من نوعه في دمشق منذ إطاحة الحكم السابق في الثامن من ديسمبر الفائت، ووصول السلطة الجديدة التي حضها المجتمع الدولي مرارا على حماية الأقليات وإشراكها في إدارة المرحلة الانتقالية.

وأوردت وزارة الداخلية السورية في بيان "أقدم انتحاري يتبع لتنظيم داعش الإرهابي على الدخول إلى كنيسة القديس مار إلياس في حي الدويلعة في العاصمة دمشق، حيث أطلق النار، ثم فجّر نفسه بواسطة سترة ناسفة".

وأسفر الهجوم، وفق ما نقلت وكالة سانا عن وزارة الصحة، عن مقتل 22 شخصا وإصابة 63 آخرين.

وشوهد أمام الكنيسة سيارات إسعاف تعمل على نقل الضحايا، بينما فرضت القوى الأمنية طوقا في المكان.

وداخل الكنيسة، بدت المقاعد مبعثرة مع بقع دماء وأيقونات متناثرة بين الركام، بينما دمر التفجير الهيكل الخشبي بالكامل.

وقال لورانس معماري بينما بدت معالم الغضب على وجهه لوكالة فرانس برس أمام الكنيسة "دخل شخص من الخارج ومعه سلاح" قبل أن "يبدأ بإطلاق النار"، مضيفا "حاول شباب توقيفه قبل أن يفجر نفسه".

وفي متجر لحوم قبالة الكنيسة، أوضح زياد حلو (40 عاما) لفرانس برس "سمعت صوت إطلاق نار في البداية، ثم صوت انفجار وتطاير بعدها الزجاج على وجوهنا".

وأضاف "خرجنا وشاهدنا نيرانا تشتعل داخل الكنيسة، وبقايا مقاعد خشبية تطايرت حتى المدخل".

وأثار التفجير الانتحاري حالة من الهلع والذعر داخل الكنيسة التابعة لطائفة الروم الأرثوذكس التي كانت تضم حشدا من المصلين بينهم أطفال وكبار في السن، وفق شهود عيان. ولا يزال عدد من الأشخاص في عداد المفقودين وتبحث عائلاتهم عنهم.

ويعد هذا أول هجوم انتحاري داخل كنيسة في سوريا منذ بدء النزاع عام 2011، وفق المرصد السوري لحقوق الانسان، إذ تضررت كنائس عدة أو تعرض محيطها لهجمات، لكن من دون أن يستهدفها هجوم مباشر.

ولطالما قدم الحكم السابق نفسه حاميا للأقليات التي طالتها هجمات عدة خلال سنوات النزاع تبنت تنظيمات جهادية عددا منها بينها تنظيم الدولة الإسلامية.

وتضمّ سوريا أقلية مسيحية انخفض عددها من نحو مليون قبل اندلاع النزاع عام 2011 الى أقلّ من 300 ألف، جراء موجات النزوح والهجرة، وفق تقديرات خبراء.

وبعيد توليها الحكم، حضّ المجتمع الدولي والموفدون الغربيون الذين زاروا دمشق السلطة الانتقالية ذات التوجه الإسلامي على حماية الأقليات وضمان مشاركتهم في إدارة المرحلة الانتقالية، وسط هواجس من إقصائهم لا سيما بعد وقوع أعمال عنف على خلفية طائفية، عدا عن انتهاكات في مناطق عدة.

ودعت بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس، ومقرها دمشق، السلطات الانتقالية السورية بعيد الهجوم الى "تحمل المسؤولية الكاملة تجاه ما حصل ويحصل من انتهاك لحرمة الكنائس وإلى تأمين حماية جميع المواطنين".

وأكدت الخارجية السورية في بيان أن "العمل الإجرامي الذي استهدف أبناء الطائفة المسيحية محاولة يائسة لضرب التعايش الوطني وزعزعة الاستقرار"، معتبرة إياه بمثابة "اعتداء على كامل الهوية السورية الجامعة".

ويشكل بسط الأمن أحد أبرز التحديات التي تواجه السلطة الجديدة مع وجود مناطق لا تزال عمليا خارج نطاق سيطرتها الأمنية والتهديد الذي يشكله تنظيم الدولة الإسلامية المتطرف.

وقال وزير الداخلية السوري أنس خطاب الأحد إن "هذه الأعمال الإرهابية لن توقف جهود الدولة السورية في تحقيق السلم الأهلي، ولن تثني السوريين عن خيار وحدة الصف في مواجهة كل من يسعى للعبث باستقرارهم وأمنهم".

وكان خطاب أفاد الشهر الحالي عن أن التنظيم "انتقل... من العمل العبثي الذي يسبب أذية فقط، إلى عمل مدروس لأهداف استراتيجية".

وتبنّى التنظيم أواخر مايو أول هجوم له ضد قوات السلطات الجديدة، وفق ما أورد المرصد السوري لحقوق الإنسان وموقع سايت المتخصص في تعقب أخبار الجماعات الجهادية، مع تعرّض دورية لقوات أمنية لتفجير لغم في محافظة السويداء (جنوب) ما أسفر عن قتيل.

وأعلنت السلطات السورية في مايو أنها ألقت القبض على أعضاء خلية تابعة للتنظيم قرب دمشق، واتهمتهم بالتحضير لهجمات. كما قتل عنصر من قوات الأمن وثلاثة من التنظيم في عملية أمنية للسلطات في حلب في الشهر نفسه.

وأثار الهجوم تنديد دول عدة، حيث أدانت السعودية "الهجوم الإرهابي" في بيان صادر عن وزارة الخارجية وشددت على موقف السعودية الرافض لـ"استهداف دور العبادة وترويع الآمنين، وسفك دماء الأبرياء".

وأكدت وقوف المملكة إلى جانب سوريا "ضد كل أشكال العنف والتطرف والإرهاب".

كما أدانت دولة الإمارات بشدة التفجير الإرهابي، وأكدت وزارة الخارجية الإماراتية أن استنكارها الشديد لهذه الأعمال الإجرامية، ورفضها الدائم لجميع أشكال العنف والإرهاب التي تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار.

وأعربت الوزارة عن خالص تعازيها ومواساتها لأهالي وذوي ضحايا هذه الجريمة الإرهابية، وللحكومة السورية وشعبها الشقيق، وتمنياتها بالشفاء العاجل لجميع المصابين.

أعربت وزارة خارجية العراق عن إدانتها واستنكارها الشديدين للتفجير الانتحاري الإرهابي الذي استهدف كنيسة بدمشق، وأسفر عن سقوط عدد من الضحايا الأبرياء وإصابة آخرين.

وأكدت الوزارة، في بيان، رفض العراق القاطع لكافة أشكال الإرهاب والعنف التي تستهدف المدنيين ودور العبادة.

كما جددت موقف العراق الثابت في الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق.

وحذرت الوزارة من خطورة هذه الأعمال الإجرامية التي تستهدف إثارة الفتنة وزرع الفرقة بين مكونات الشعوب.

وشددت الوزارة أن استهداف دور العبادة والمواقع الدينية يُعدّ محاولة خبيثة لضرب النسيج الاجتماعي وجرّ المجتمعات نحو العنف الطائفي، وهو أمر يتطلب مزيداً من اليقظة والتعاون الإقليمي والدولي لإفشال هذه المخططات.

وتعليقا على الهجوم الإرهابي بدمشق، قال رئيس مجلس الوزراء اللبناني نواف سلام: "ندين هذا العمل الإجرامي الدنيء، الذي يستهدف سوريا دولة وشعباً، ويهدف إلى زرع الفتنة والشرخ داخل النسيج الوطني السوري".

وأكد "تضامن الحكومة اللبنانية الكامل مع الجمهورية العربية السورية في جهودها لحفظ أمنها واستقرارها".

وأعرب عن "استعداد لبنان للتعاون والتنسيق في كل ما من شأنه تعزيز الأمن ومواجهة الإرهاب".

وعبر سلام "عن ثقته بقدرة الدولة السورية ومؤسساتها على تجاوز هذه المحن والتصدي لأي مخططات خبيثة تسعى إلى زعزعة الاستقرار أو المسّ بالوحدة الوطنية السورية" .

وبدورها، أدانت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية بـ"أشد العبارات، الهجوم الإرهابي الذي استهدف كنيسة في دمشق، ما أسفر عن ارتقاء وإصابة العشرات".

وأكدت الوزارة وقوف المملكة وتضامنها الكامل مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة في هذا الهجوم الأليم، ورفضها لجميع أشكال العنف والإرهاب التي تسعى لزعزعة الأمن والاستقرار.

وجددت أيضا دعم المملكة لجهود الحكومة السورية في مكافحة الإرهاب، والحفاظ على أمن ووحدة سوريا واستقرارها، وسلامة أراضيها ومواطنيها.

وأعربت دولة قطر عن إدانتها واستنكارها الشديدين للهجوم الذي استهدف كنيسة بالجمهورية العربية السورية الشقيقة، وأدى إلى سقوط قتلى ومصابين.

وجددت وزارة الخارجية موقف دولة قطر الثابت من رفض العنف والإرهاب والأعمال الإجرامية، مهما كانت الدوافع والأسباب.

وشددت على رفضها التام استهداف دور العبادة وترويع الآمنين، كما أكدت تضامنها التام مع الحكومة السورية في كل ما تتخذه من إجراءات لحفظ الأمن والاستقرار.

وعبرت الوزارة، عن تعازي دولة قطر لذوي الضحايا ولحكومة وشعب سوريا، وتمنياتها للمصابين بالشفاء العاجل.

وفي خطوة مماثلة، أعربت وزارة خارجية البحرين عن إدانة المملكة واستنكارها الشديد للهجوم الإرهابي الذي استهدف كنيسة بدمشق، وأسفر عن مقتل وإصابة عدد من الأشخاص.

وعبّرت الوزارة عن خالص تعازي المملكة ومواساتها للحكومة والشعب السوري الشقيق، ولأسر وذوي الضحايا جراء هذا العمل الإجرامي الآثم، متمنية الشفاء العاجل لجميع المصابين.

وأكدت وزارة الخارجية تعاطف مملكة البحرين وتضامنها مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة، ودعمها لأمنها واستقرارها.

كما جددت رفضها المطلق لأعمال العنف والإرهاب التي تستهدف دور العبادة وترويع الأبرياء الآمنين، وزعزعة الأمن والاستقرار، والتي تتنافى مع كل القيم والمبادئ الدينية والأخلاقية والإنسانية.

وفي معرض إدانتها الهجوم الإرهابي الذي تعرض له مصلين مسيحيين في كنيسة بدمشق، تقدمت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية بتعازيها الحارة لأسر الضحايا وتمنياتها بالشفاء العاجل للمصابين والجرحى.

وأكدت الوزارة وقوف دولة فلسطين إلى جانب سوريا الشقيقة في مواجهة الارهاب، وثقتها بقدرتها على الانتصار عليه ومن يقف خلفه.

وأدانت فرنسا "بأشد العبارات الاعتداء الإرهابي المشين"، بحسب بيان للمتحدث باسم الخارجية الفرنسية. وذكّرت باريس بـ"التزامها من أجل عملية انتقالية في سوريا تتيح للسوريين والسوريات، مهما كانت ديانتهم، العيش بسلام وأمن في سوريا حرة وتعددية ومزدهرة ومستقرة وسيدة".

وكتب المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم باراك على منصة اكس "هذه الأعمال الجبانة الرهيبة لا مكان لها في مجتمع التسامح والتعدد الجديد الذي ينسجه السوريون"، مضيفا "سنواصل دعم الحكومة السورية في نضالها ضد من يسعون إلى زرع عدم الاستقرار والخوف في بلدانهم والمنطقة برمتها".

ومن جنيف، دعا موفد الامم المتحدة الى سوريا غير بيدرسن السلطات إلى إجراء "تحقيق شامل"، مطالبا الجميع بـ"الاتحاد في رفض الإرهاب، والتطرف، والتحريض، واستهداف أي مكون في سوريا".

واعتبرت الخارجية التركية أن الهجوم "الغادر" يهدف إلى "إثارة الفوضى" في المجتمع السوري.

وفي مصر، أدان الأزهر "الجريمة الإرهابية النكراء"، مطالبا "الجميع بالتصدي لهذا الإرهاب الأسود بكل أشكاله، وبذل كافة الجهود من أجل استقرار المنطقة وحماية المدنيين وإنقاذهم من براثن العنف والطائفية المقيتة".