تأثيرات محسوسة للحرب على حدود إقليم كردستان العراق وحركته التجارية

السليمانية (إقليم كردستان العراق)- يساهم التوتّر الإقليمي الناتج عن الحرب بين الولايات المتحدة وإسرائيل من جهة، وإيران الجارة الشرقية لإقليم كردستان العراق من جهة مقابلة، في تعميق المصاعب الاقتصادية والمالية التي يواجهها الإقليم بسبب الخلافات بين سلطاته والحكومة الاتّحادية العراقية، والتي أفضت أخيرا إلى قيام بغداد بقطع رواتب موظّفيه.
ويشترك الإقليم، المتمتّع بحكم ذاتي ضمن الدولة الاتّحادية العراقية، مع إيران في حدود طويلة وعصية على الضبط بشكل كامل نتيجة وعورة التضاريس التي تمتد عليها تلك الحدود، كما يرتبط معها بمصالح اقتصادية وحركة تجارية نشطة بعضها نظامي يمرّ عبر المنافذ الرسمية والبعض الآخر يمر تهريبا في الاتجاهين لكنّه يوفّر مع ذلك موارد رزق ومواطن عمل للكثير من السكان.
9
آلاف شخص كانوا يمرون يوميا عبر معبر إبراهيم الخليل بين تركيا وإقليم كردستان العراق قبل الحرب
وتسبّبت الحرب في تباطؤ تلك الحركة في ظل حالة من الحذر والخوف من امتداد تداعيات الصراع إلى إقليم كردستان العراق بشكل مباشر أو غير مباشر، ذلك أن صلات أمنية وعلاقات سياسية حساسة ولا تسير على وتيرة واحدة تربطه بإيران التي كثيرا ما حمّلت سلطاته جزءا من مسؤولية ضبط الحركات المسلّحة المعارضة لنظامها والناشطة في المناطق الحدودية، وقامت في أقصى الحالات بقصف مواقع وأهداف داخله سواء مباشرة عن طريق حرسها الثوري أو وكالة عن طريق الميليشيات العراقية الموالية لها، على خلفية اتهامات له بفتح أراضيه لأنشطة أميركية وإسرائيلية معادية لسلطاتها.
وقالت وسائل إعلام محلية إنّ سائقي الشاحنات يعانون في الوقت الحالي عدة مشاكل جراء تداعيات الحرب الإيرانية – الإسرائيلية، منها طول توقّفهم في المنافذ بين الإقليم وإيران في ظل حالة من التباطؤ في حركة التبادل التجاري.
ونقلت شبكة رووداو الإعلامية عن السائق دياكو محمد قوله إنّ الشاحنة تحولت إلى مكان لنومه بسبب الحرب وكثافة عمليات التفتيش على الحدود.
وأضاف محمد قوله “في السابق كانت الشاحنات تأتي وتذهب بوتيرة أسرع، لكن الآن وبسبب هذه الأوضاع لم نعد نشهد حركة تذكر. فقد حمّلت شحنة من الإسفلت متجهة إلى ميناء بندر عباس منذ عدة أيام ولم يحن دوري للعبور بعد. كما أننا نواجه مشكلة في خدمة الإنترنت.”
كما نقلت الشبكة عن محمد أحمدي، وهو أيضا سائق شاحنة من كردستان إيران، قوله “أثر هذا الوضع على عملنا وحركتنا التجارية بنسبة مئة في المئة، فالرحلة التي كانت تستغرق يوما واحدا في السابق، أصبحت الآن تستغرق أربعة أيام.”
ومع ذلك يرى أحمدي نفسه في وضع أفضل قياسا بـ”سائقين آخرين يحمّلون شحنات الإسفلت وينتظرون لعدة أيام قبل العبور.” وفي منافذ باشماخ وبرويزخان وكيلي حيث تعمل أكثر من ألف شاحنة في نقل شتّى أنواع السلع بين إيران وإقليم كردستان العراق تراجعت الحركة التجارية بشكل ملحوظ بسبب تداعيات الحرب.
◄ سائقو الشاحنات يعانون عدة مشاكل جراء تداعيات الحرب الإيرانية – الإسرائيلية، منها طول توقّفهم في المنافذ بين الإقليم وإيران
ويمتدّ تأثير الحرب أيضا إلى الحدود بين إقليم كردستان وتركيا، والتي شهدت ازدحاما وضغطا غير مسبوقين نتيجة كثافة استخدامها من قبل المسافرين والسياح العائدين بشكل سريع إلى بلدانهم والذين انسدت أمامهم طرق العودة جوا بسبب انقطاع الرحلات وغلق المطارات في الكثير من مدن المنطقة.
ووفقا للأرقام الرسمية كان قبل الحرب تسعة آلاف شخص يمرون يوميا عبر معبر إبراهيم الخليل بين تركيا وإقليم كردستان العراق، ثم قفز الرقم بعد اندلاعها بأربعين في المئة.
وعلى تلك الحدود أيضا يشتكي السائقون والمسافرون العالقون من أوضاع صعبة، حيث تقول امرأة كردية قادمة من بريطانيا عن طريق الطائرة إنّ رحلتها برا من إسطنبول إلى أربيل مركز إقليم كردستان العراق استغرقت إحدى عشرة ساعة، فيما يقول مسافر آخر متجه إلى السليمانية “اضطررت للقدوم من قطر إلى إسطنبول، ومن هناك ذهبت إلى شرناخ. والآن أذهب بالسيارة إلى السليمانية. ونحن في الطائرات والسيارات منذ أربع وعشرين ساعة.”
ويوضح مواطن عراقي عائد من روسيا بالقول “كان من المقرر أن نعود إلى بغداد لكن كان هناك حظر على الرحلات الجوية. فجئنا إلى إسطنبول ووجدنا أن هذا هو أقرب طريق إلى العراق.”