المرشدية أقلية دينية صغيرة بلا حماية في سوريا

حمص (سوريا) - تتعرض الطائفة المرشدية التي ينتشر أبناؤها في قرى اللاذقية وحمص، وبعض أرياف حماة ودمشق، لاعتداءات متكررة، منذ سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في ديسمبر الماضي وصعود الإسلاميين إلى السلطة.
ووصلت الانتهاكات التي تنسب لمسلحين محسوبين على السلطة الجديدة، إلى عمليات قتل وخطف، ما دفع بالآلاف من أبناء الطائفة إلى الخروج والاحتجاج في أنحاء من محافظة حمص وحماة، على أمل إيصال صوتهم إلى المسؤولين والمنظمات الحقوقية، لوضع حد لتلك التجاوزات.
ورفع المحتجون شعارات تندد بـ”الصمت الرسمي” حيال الجرائم المرتكبة بحق أبناء الطائفة، مطالبين الإدارة الجديدة في دمشق باتخاذ خطوات عاجلة لملاحقة المتورطين، وتوضيح آليات المحاسبة عبر الإعلام الرسمي، بما يضمن تحقيق العدالة ويحقق الردع.
والطائفة المرشدية هي أقلية دينية صغيرة تتكون من بضعة آلاف (لا توجد إحصائيات رسمية بشأن عددها)، وتعود جذورها إلى النصف الأول من القرن العشرين في سوريا، عن طريق سلمان المرشد.
الاعتداءات المتكررة على أبناء الطائفة المرشدية تسلط الضوء على حجم التحديات الأمنية التي تواجه الأقليات الدينية في سوريا
وقد سمح لأبناء الطائفة المرشدية خلال حكم البعث بحرية ممارسة طقوسهم الدينية، لكنهم عانوا من التهميش، ولم يكن يسمح لهم بتولي مناصب قيادية في الدولة.
وخلال الحرب الأهلية التي شهدتها سوريا منذ عام 2012 حرص أبناء الطائفة على النأي بأنفسهم عن الصراع، لكنهم كانوا دائما ينظرون بتوجس لفصائل المعارضة بحكم خلفيتها الجهادية.
وتحول هذا التوجس إلى واقع ملموس بعد وصول هيئة تحرير الشام إلى الحكم في الثامن من ديسمبر الماضي، حيث واجه “المرشديون” حوادث قتل واختطاف متكررة.
وعثر الأربعاء على جثة محمود غصة، وهو مهندس زراعي من مواليد عام 1968 ومن أبناء حي المهاجرين في مدينة حمص، قرب قرية برابو في ريف محافظة حمص الغربي. وقد وُجدت على جثته آثار إطلاق نار وتعذيب.
وبحسب معلومات حصلت عليها الشبكة السورية لحقوق الإنسان من مصادر محلية وصفتها بالموثوقة، شغل محمود سابقا منصب نائب رئيس غرفة الزراعة في محافظة حمص ورئيس دائرة في مديرية الزراعة في المدينة، وقد تم اختطافه قبل يوم واحد من العثور على جثته، وذلك أثناء وجوده في إحدى الأسواق الشعبية في حي القصور في مدينة حمص، بعد اعتراض طريق سيارته من قبل مسلحين مجهولين واقتياده إلى جهة مجهولة.
وقالت الشبكة السورية إن العثور على جثة الضحية وعليها آثار طلقات نارية وتعذيب، دون تسجيل اشتباك مسلح في المنطقة أو مذكرة توقيف أو أي إجراء قضائي، يُشير إلى احتمال تعرّضه لعملية إعدام ميداني وقتل خارج إطار القانون، وهو ما يُعد انتهاكًا صارخًا للمادة السادسة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تضمن الحق في الحياة.
على امتداد الأشهر الأخيرة نظم أبناء الطائفة المرشدية عدة اعتصامات في حمص وحماة، احتجاجا على تصاعد الاعتداءات
ودعت الشبكة إلى فتح تحقيق جنائي عاجل، حيادي وشفاف، لتحديد المسؤولين عن مقتل غصة، مع إشراك خبراء جنائيين مستقلين، ونشر نتائج التحقيق للرأي العام.
وحملت الشبكة الحكومة الانتقالية مسؤولياتها الأمنية، مطالبة إياها بتفعيل أجهزة الرصد والاستجابة لحماية المدنيين في المناطق الريفية، وتكثيف الدوريات في المناطق ذات النشاط المدني.
وقبل أيام قليلة كان قد عثر على شابين “مرشديين” مقتولين، بعد اختطافهما من مكان عملهما في أحد مكاتب توزيع “الأمبيرات” في حي العدوية بمدينة حمص، حيث أقدم المسلحون على تكسير محتويات المكتب وسرقة دراجة نارية وجهاز حاسوب ومبلغ مالي.
ووفقًا لمعلومات حصل عليها المرصد السوري لحقوق الإنسان فقد عُثر على جثتي الشابين وعليهما آثار تعذيب وإطلاق نار.
وعلى امتداد الأشهر الأخيرة نظم أبناء الطائفة المرشدية عدة اعتصامات في مناطق متفرقة من البلاد، احتجاجًا على تصاعد الاعتداءات التي طالت مقدساتهم الدينية، إضافة إلى توثيق مقتل أكثر من 60 شخصًا منهم منذ سقوط النظام السابق.
وتسلط الاعتداءات المتكررة على أبناء الطائفة المرشدية الضوء على حجم التحديات الأمنية التي تواجه الأقليات الدينية في سوريا، رغم الوعود المتكررة التي أطلقتها السلطة الجديدة بأنها ستعمل على حماية تلك الأقليات وعدم التعرض لها.
وكانت مناطق ذات غالبية درزية في دمشق والسويداء قد شهدت خلال الشهر الماضي أعمال عنف راح ضحيتها العشرات.
وفي مارس الماضي أدى هجوم شنته عناصر موالية للأسد على قوات الأمن الجديدة إلى عمليات قتل انتقامية، أغلبها حصلت في المناطق الساحلية من البلاد، وراح ضحيتها نحو 1700 مدني، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.