تحذيرات أميركية لحزب الله على وقع المواجهة المفتوحة بين إسرائيل وإيران

وجهت الإدارة الأميركية عبر مبعوثها الخاص إلى سوريا رسائل واضحة لحزب الله من مغبة الانخراط في الحرب الدائرة بين إسرائيل وإيران، ويأتي هذا التحذير مع تصاعد المواجهة، التي من غير المستبعد أن تخرج عن السيطرة.
بيروت - نبّه السفير الأميركي في تركيا والمبعوث الخاص إلى سوريا توماس باراك من بيروت الخميس، إلى أن تدخّل حزب الله المدعوم من طهران في الحرب الإيرانية-الإسرائيلية سيكون “قرارا سيئا للغاية.”
ويجري باراك زيارة لبيروت هي الأولى له إلى هذا البلد، في وقت دخلت الحرب غير المسبوقة بين إيران وإسرائيل يومها السابع.
وفي حين ندّد حزب الله بالضربات الإسرائيلية على طهران غداة اندلاع النزاع بين الطرفين الأسبوع الماضي، لم يعلن استعداده للدخول فيه بعد حرب دامية خاضها مع إسرائيل انتهت بوقف لإطلاق النار في 27 نوفمبر.
لكن التطورات المتسارعة بين إيران وإسرائيل، وإمكانية انخراط الولايات المتحدة في الحرب بشكل مباشر، أو تنفيذ إسرائيل لتهديدها باغتيال المرشد الأعلى علي خامنئي، قد تغير الموقف، وهو ما يبدو أن الإدارة الأميركية تتحسب إليه.
وتعرض حزب الله خلال المواجهة مع إسرائيل إلى ضربات قاصمة، حيث فقد معظم قادته في الصفوف الأمامية، وفي مقدمتهم أمينه العام حسن نصرالله، كما خسر جل ترسانته العسكرية.
وعلى الرغم من كون الحزب لم يعد كما كان في السابق، وأن ضعفا كبيرا أصابه لكن ذلك لا يعني أنه انتهى أو بات خارج المعادلة تماما، وهو ما يفسر التحرك الأميركي الاستباقي لتحذيره.
وردا على سؤال حول إمكان تدخّل الحزب في الحرب ، قال باراك لصحافيين بعد لقائه رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري “يمكنني أن أتحدث باسم الرئيس (دونالد) ترامب، الذي كان واضحا جدا، وكذلك المبعوث الخاص (ستيف) ويتكوف بأن هذا سيكون قرارا سيئا جدا جدا جدا.”
وشكّل حزب الله عنصرا أساسيا في ما يعرف بـ”محور المقاومة” الذي تقوده طهران، وكان خط الدفاع الأول عن مشروع المحور.
وقال الحزب في بيان الخميس، إن التهديد بقتل المرشد الأعلى في إيران “حماقة وتهور له عواقب وخيمة.”
وأوضح الحزب “يبدو أن بعض المتصدين في بلدانهم لا يعرفون المكانة العظيمة والواسعة للمرجع الكبير والولي الإمام القائد الخامنئي على مستوى إيران والأمة الإسلامية والعالم، وعلى مستوى الشعوب الإسلامية والحرة.”
وأضاف “أن التهديد بالقتل حماقة وتهور، له عواقب وخيمة، وعلى الرغم من سخافته وانحطاط مستوى من يهدد، فإن مجرد النطق به فيه إساءة إلى مئات الملايين من المؤمنين والمحبين والمرتبطين بالإسلام وخط الأصالة والمقاومة والعزة، وهو مستنكر ومدان بأبلغ عبارات الإدانة.”
وتابع “إننا اليوم أكثر إصرارا وتمسكا بنهج الولي القائد العظيم الإمام الخامنئي، وأكثر التفافا حول مواقفه العظيمة وتصديه مع الشعب الإيراني البطل والعزيز في مواجهة العدوان الإسرائيلي – الأميركي على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وستكتشف أميركا أنها وقعت في هاوية سحيقة بسبب دعمها الطاغوتي للعدوان الإسرائيلي الوحشي على غزة والمقاومة في المنطقة وعلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية.”
وشدد حزب الله على أنه “لا يمكن هزيمة ملايين الأحرار الملتفين حول قيادة الولي الخامنئي ولو اجتمع كفرة العالم ومجرموه والمتجاوزون للحق البشري في الحياة العزيزة، وستثبت الأيام أن جولة الباطل خاسرة، ومعالم الإيمان والمقاومة منتصرة.”
وبدا البيان الأخير لحزب الله حمال أوجه فهو وإن لم يعلن صراحة اعتزامه الانخراط في الصراع، كما هو الحال بالنسبة لبعض الفصائل العراقية الموالية لإيران، لكنه أوحى بالتحرك في حديثه عن التفافه حول مواقف خامنئي.
ويشير مراقبون إلى أنه في حال تطورت الأمور في الصراع الجاري فمن غير مستبعد أن يتدخل الحزب وباقي الأذرع بإيعاز من طهران.
وأعلنت الخارجية اللبنانية أنها “تتابع اتصالاتها لتجنيب لبنان أي تداعيات سلبية لهذا العدوان.”
والتقى باراك بالإضافة إلى رئيس مجلس النواب نبيه بري، رئيس الجمهورية جوزاف عون الذي أكد بحسب بيان صادر عن مكتب الرئاسة أن “الاتصالات قائمة لتحقيق مبدأ حصرية السلاح على الصعيدين اللبناني والفلسطيني وستتكثف بعد استقرار الوضع المضطرب في المنطقة نتيجة احتدام الصراع الاسرائيلي-الإيراني.”
حزب الله: لا يمكن هزيمة ملايين الأحرار الملتفين حول قيادة الولي الخامنئي ولو اجتمع كفرة العالم ومجرموه والمتجاوزون للحق البشري في الحياة العزيزة
وقال باراك في حديثه لصحافيين “نحن ملتزمون بتقديم المساعدة…ما نملكه جميعا هو الأمل بأن تهدأ حالة الفوضى قريبا وأن تنبثق من هذه المرحلة بوادر السلام والازدهار.”
من جهته، أعلن رئيس الوزراء نواف سلام عقب لقائه باراك أنه أكد خلال اللقاء على “تمسّك لبنان بخيار الأمن والاستقرار ورفض الانجرار إلى الحرب الدائرة في الإقليم،” بحسب منشور على منصة إكس.
وقال إنه طلب من باراك “مساعدة لبنان في الضغط على إسرائيل من أجل انسحابها الكامل من الأراضي اللبنانية المحتلة.”
وبعد أشهر على وقف إطلاق النار، تواصل إسرائيل تنفيذ غارات جوية على مناطق لبنانية عدّة من بينها الضاحية الجنوبية لبيروت، وتشدد على أنها لن تسمح للحزب بإعادة بناء قدراته بعد الحرب التي تكبد فيها خسائر كبيرة على صعيد بنيته العسكرية والقيادية.
وقتل شخص الخميس بغارة إسرائيلية على بلدة حولا في جنوب لبنان، غداة مقتل شخصين وإصابة آخر في غارتين إسرائيليتين، بحسب وزارة الصحة، في حيان قالت إسرائيل إنها استهدفت عنصرين في حزب الله.
ونصّ اتفاق وقف إطلاق النار على انسحاب مقاتلي حزب الله من منطقة جنوب نهر الليطاني (على مسافة نحو 30 كيلومترا من الحدود)، وتفكيك بناه العسكرية فيها، في مقابل تعزيز الجيش اللبناني وقوة يونيفيل انتشارهما قرب الحدود مع إسرائيل، وسحب الأخيرة قواتها من الأراضي التي توغلت فيها خلال النزاع.
ويطالب لبنان المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لوقف هجماتها والانسحاب من خمسة مرتفعات لا تزال متمركزة فيها داخل أراضيه.