إتمام أول تحويل مالي سوري عبر سويفت منذ 2011

الخطوة تمثل إنجازا مهما في مساعي سوريا لإعادة الاندماج في النظام المالي العالمي.
الجمعة 2025/06/20
إعادة الاندماج في النظام المالي العالمي

دمشق - كشف حاكم مصرف سوريا المركزي عبدالقادر حصرية الخميس أن بلاده نفذت هذا الأسبوع أول تحويل مصرفي دولي مباشر عبر نظام سويفت للمدفوعات الدولية منذ اندلاع الحرب الأهلية التي استمرت نحو 14 عاما.

وتمثل الخطوة التي تم الإعلان عنها بعد يوم من اجتماع رفيع المستوى بين بنوك تجارية سورية وأميركية إنجازا مهما في مساعي سوريا لإعادة الاندماج في النظام المالي العالمي.

وقال حصرية لرويترز في مقابلة من دمشق إن “أول معاملة تجارية نفذت من بنك سوري إلى بنك إيطالي الأحد” الماضي، وإن “الباب مفتوح أمام المزيد”. وأكد أن بلاده تتوقع إجراء أول معاملة مع بنك أميركي “في غضون أسابيع”.

ويُعد النظام المالي أحد الأعمدة الأساسية للاقتصاد السوري المنهك، إلا أنه يواجه تحديات كبيرة نتيجة تراكمات عقود من السياسات الاقتصادية، فضلا عن آثار الحرب.

وقبل الأزمة، كان القطاع المصرفي، الذي يضم 21 بنكا، منها 15 بنكا خاصا، يتميّز بكونه مُغلقا ومركزيا إلى حد كبير، حيث هيمنت البنوك الحكومية على المشهد، مثل المصرف التجاري السوري والمصرف العقاري. وكان دور البنوك الخاصة محدودا للغاية، إلى أن بدأ الانفتاح التدريجي قبل عقدين عبر السماح بإنشاء بنوك خاصة وشركات تمويل صغيرة.

ومع اندلاع النزاع، دخل القطاع في حالة من الانكماش والجمود، حيث فقدت الليرة جزءًا كبيرا من قيمتها، وفرضت الدول الغربية عقوبات اقتصادية قاسية على دمشق، شملت القطاع المالي.

عبدالقادر حصرية: نفذت معاملة تجارية من بنك سوري إلى بنك إيطالي
عبدالقادر حصرية: نفذت معاملة تجارية من بنك سوري إلى بنك إيطالي

وانعزلت البنوك إلى حد كبير عن العالم خلال الحرب بعد أن أدى قمع الرئيس السابق بشار الأسد للاحتجاجات المناهضة للحكومة عام 2011 إلى فرض الدول الغربية عقوبات على دمشق بما شمل المركزي.

وأطاحت جماعات من المعارضة يقودها إسلاميون بالأسد في هجوم خاطف أواخر العام الماضي، وبدأت دمشق منذ ذلك الحين إعادة بناء علاقاتها الدولية، توجت باجتماع في مايو بين الرئيس المؤقت أحمد الشرع والرئيس الأميركي دونالد ترامب في الرياض.

وخففت الولايات المتحدة وقتها العقوبات المفروضة على سوريا بشكل كبير، ويضغط البعض في الكونغرس من أجل إلغاء العقوبات بالكامل. وأعلنت أوروبا انتهاء نظام العقوبات الاقتصادية على سوريا.

وتقول الأمم المتحدة إن سوريا تحتاج إلى المعاملات مع المؤسسات المالية الغربية لضخ مبالغ ضخمة من أجل إعادة الإعمار وإنعاش اقتصاد دمرته الحرب، مع معاناة تسعة من كل 10 أشخاص في الدولة من الفقر.

وترأس حصرية الأربعاء الماضي اجتماعا رفيع المستوى عبر الإنترنت جمع البنوك السورية وبنوكا أميركية ومسؤولين أميركيين، ومن بينهم المبعوث إلى سوريا توماس باراك. واستهدف الاجتماع تسريع وتيرة إعادة ربط النظام المصرفي السوري بالنظام المالي العالمي، ووجه حصرية دعوة رسمية للبنوك الأميركية لإعادة علاقات المراسلة المصرفية.

وقال حصرية لرويترز “لدينا هدفان واضحان: أن تنشئ البنوك الأميركية مكاتب تمثلها في سوريا واستئناف المعاملات بين البنوك السورية والأميركية. وأعتقد أن الهدف الثاني يمكن أن يحدث في غضون أسابيع.” ومن بين البنوك التي دعيت إلى الاجتماع جي.بي مورغان ومورغان ستانلي وسيتي بنك، لكن لم يتضح بعد من شاركوا بالفعل.

وفي ظل الظروف الصعبة، أُجبر المركزي أثناء حكم الأسد على اتخاذ تدابير صارمة للسيطرة على سعر الصرف، مثل فرض قيود على تداول العملات الأجنبية، وتشديد الرقابة على التحويلات المالية، ومحاولة تنظيم السوق السوداء.

ومع ذلك، أدت هذه السياسات غالبا إلى نتائج عكسية، إذ توسعت السوق الموازية وأصبحت المصدر الرئيسي للعملات الأجنبية للكثير من الأفراد والشركات، ما أضعف فعالية السياسات الرسمية.

ويعاني النظام المصرفي أيضا من ضعف الثقة، سواء من المواطنين أو المستثمرين. فالكثير من هؤلاء يفضلون الاحتفاظ بأموالهم نقدا أو في الخارج، نظرا للمخاوف من التضخم، وانخفاض قيمة العملة، وصعوبة الوصول إلى الحسابات المصرفية.

كما أن بعض البنوك تواجه صعوبات كبيرة في استرجاع القروض الممنوحة، نتيجة الانكماش الاقتصادي وغياب الضمانات الفعلية، مما فاقم أزمة السيولة وأضعف قدرة البنوك على أداء وظائفها التقليدية في تمويل الاقتصاد.

ورغم كل هذه التحديات، هناك محاولات لإعادة بناء الثقة في النظام المالي، من خلال تحديث القوانين، وتوسيع نطاق خدمات الدفع الإلكتروني، وتسهيل الإجراءات البنكية، وتشجيع الشمول المالي، خاصة في الأرياف والمناطق المتضررة من الحرب.

10