تونس تكثف جهود توعية الشريكين بضرورة الكشف المبكر عن الأمراض

تفرض تونس الفحص الطبي السابق للزواج كإجراء إلزامي يبطل عقد الزواج بدونه، باعتباره استثمارا في صحة الشريك والأسرة. وتكثف وزارة الصحة التونسية جهود توعية المقبلين على الزواج بضرورة الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية والمعدية وسط وجود أكثر من أربع مئة مرض وراثي، ما يمثل معضلة على الصحة العامّة. ويوفر البلد الفحص مجانا في المراكز الصحية الحكومية.
تونس ـ تولي الحكومة التونسية أهمية كبيرة للتوعية بأهمية الفحص المبكر قبل الزواج، حيث توفر الفحص مجانا في المراكز الصحية، وبتكلفة رمزية في العيادات الخاصة بالإضافة إلى حملات التثقيف الصحي الدورية التي تُشجع الشباب على الالتزام بهذه الخطوة.
وأمام انتشار الأمراض الوراثية بكثرة بسبب زواج الأقارب حيث يوجد أكثر من 400 مرض وراثي ما يمثل معضلة على الصحة العامّة، فرضت تونس الشهادة الطبية السابقة للزواج كإجراء إلزامي يبطل عقد الزواج بدونه.
ويقتضى الفصل الأول من القانون عدد 46 لسنة 1964 أنه: “لا يمكن لضابط الحالة المدنية أو العدول الذين وقع اختيارهم لتحرير عقود الزواج أن يقوموا بإبرام الزواج إلا بعد أن يتسلموا من كلا الشخصين العازمين على الزواج شهادة طبية لا يزيد تاريخها على الشهرين تثبت أن المعني بالأمر قد وقع فحصه قصد الزواج دون أن تذكر بها إشارة أخرى.”
ودعت وزارة الصحة التونسية كافة المقبلين على الزواج إلى الإقبال الطوعي والواعي على الفحص الطبي السابق للزواج، باعتباره أحد الركائز الأساسية للوقاية الصحية وضمان حياة أسرية مستقرة وحماية الأجيال القادمة من الأمراض الوراثية والمعدية.
وفي بلاغ لها، أفادت وزارة الصحة، بأنها توفر خدمة الفحص الطبي السابق للزواج مجانا في كل المؤسسات الصحية العمومية، مشددة على أن هذا الإجراء هو استثمار في صحة الشريك والأسرة والمجتمع، وخطوة حاسمة نحو زواج ناجح وأسرة متماسكة ومجتمع أكثر أمانا وذلك في ظل التحولات الاجتماعية المتسارعة وتزايد المشاكل الصحية.
الفحوصات الطبية الخاصة بالعيادة السابقة للزواج، تتضمن استشارة طبية متخصصة لتحاليل دم هامة، تليها جلسات إرشاد
ولفتت إلى أن هذه الخدمة تهدف بالخصوص إلى توعية المقبلين على الزواج للكشف المبكر عن الأمراض الوراثية والمعدية، والحد من انتشارها، كما تسعى الوزارة من خلال التفعيل الجيد لهذه التدخلات الوقائية إلى اعتماد الكشف المبكر عن أمراض قد تؤثر على العلاقة الزوجية أو صحة الأبناء، على غرار أمراض خطيرة مثل الثلاسميا، التهاب الكبد “ب” و”ج”، وفايروس نقص المناعة البشرية (الإيدز).
وتتضمن الفحوصات الطبية الخاصة بالعيادة السابقة للزواج، استشارة طبية متخصصة لتحاليل دم هامة وخاصّة، تليها جلسات إرشاد ومشورة صحية بناء على النتائج، كما توفر العيادة معلومات مهمة تساعد على اتخاذ قرارات صحية واعية بشأن الإنجاب، كما تساهم في الحد من انتقال العدوى داخل الأسرة والمجتمع.
وتشمل هذه الخدمة جميع المقبلين على الزواج، حيث تُعدّ الشهادة الطبية شرطا أساسيا لإتمام عقد الزواج، وتقدم الشهادة الطبية في مراكز الصحة الأساسية، ومراكز الصحة الإنجابية، والوحدات الصحية الخاصة، وينصح بإجراء الفحص في غضون ثلاثة أشهر قبل الزواج لضمان التدخل الطبي في الوقت المناسب عند الحاجة.
وبمقتضى القانون عدد 46 لسنة 1964 المؤرخ في 03 نوفمبر 1964 تم تعميم الشهادة الطبية السابقة للزواج على كامل تراب الجمهورية التونسية بموجب قرار من وزيري الداخلية والصحة العمومية مؤرخ في 28 جويلية 1995، كما صدر قرار من وزير الصحة العمومية مؤرخ في 16 ديسمبر 1995 يتعلق بضبط أنموذج الشهادة الطبية السابقة للزواج والبيانات التي يجب أن تتضمنها.
ويرى خبراء العلاقات الأسرية أن الفحص الطبي المبكر قبل الزواج يشكل خطوة حضارية تسهم في بناء أسرة واعية وصحية وتعزز الصحة العامة للمجتمع، ومع انتشار الأمراض الوراثية كالثلاسيميا، وفقر الدم المنجلي، أصبحت توعية المقبلين على الزواج خطوة ضرورية.
ينبغي أن لا يسلم الطبيب الشهادة الطبية السابقة للزواج إلا بعد الاطلاع على الفحص الطبي العام
وعلى الرغم من الإيجابية الكبيرة تجاه الفحص، هناك بعض الآراء التي تعبر عن مخاوف بشأن الخصوصية أو القلق من رفض الزواج بسبب نتائج الفحص. ومع ذلك، فإن الجهات المختصة تعمل على توفير السرية والدعم اللازمين لتجنب أي آثار سلبية.
وترمي الشهادة الطبية قبل الزواج أساسا إلى الكشف عن الأمراض التناسلية ومقاومتها حتى لا تتفشى وتمس بصحة العائلة أو المجتمع، وفق ما حدده المنشور عدد 115 الصادر عن وزير الصحة في 28 يوليو 1980.
كما تهدف إلى حماية الزوج أو الزوجة من الأمراض المعدية كمرض السل الصدري حتى لا يكون الزواج سببا في تسربها، والكشف عن الأمراض الوراثية كمرض الدم والسكري ووقاية العائلة منها وبناء عليه، فإن المشرع لما فرض الشهادة الطبية السابقة للزواج فإن ذلك يتدرج في نطاق توعية العمل الوقائي قصد المحافظة على صحة الفرد والمجتمع.
ومن أهم المسائل التي يتعين التأكد منها عند إجراء الفحص الطبي السابق للزواج الإصابة بالأمراض السارية والفيروسات المنقولة جنسيا اعتبارا لخطورتها وسرعة انتقالها.
وحدد المنشور الوزاري الغاية من الفحص الطبي الإجباري قبل الزواج، الذي يرمي الكشف عن الأمراض التناسلية ومقاومتها حتى لا تتفشى وتمس بصحة العائلة او المجتمع.
وينبغي أن توجه عناية الطبيب، بصفة خاصة، أثناء الفحص إلى الإصابات المعدية والاضطرابات العصبية ونتائج الإدمان على المشروبات الكحولية وغيرها من الأمراض الخطرة على صحة الزوج أو الزوجة أو الجنين وخاصة مرض السل ومرض الزهري.
وينبغي أن لا يسلم الطبيب الشهادة الطبية السابقة للزواج إلا بعد الاطلاع على الفحص الطبي العام، وفحص الرئتين بالأشعة وتصويرهما إذا اقتضى الحال ذلك، وفحص الدم.
ويجب على الطبيب أن يطلع المعني بالأمر على ملاحظاته ويبين له مدى أهميتها ويمكنه أن يرفض تسليم الشهادة إن تبين له أنّ هذا الزواج غير مرغوب فيه، وأن يؤجل تسليم هذه الشهادة إلى أن يزول خطر العدوى من المريض أو تصير حالته الصحية غير مضرة لذريته، وذلك وفق ما حدده المنشور الوزاري.