تقليص حجم الطائرات ابتكار ضروري لتنظيف النقل الجوي

الحاجة إلى خفض الوزن أصبحت أكثر إلحاحا في السنوات الأخيرة تماشيا مع ضرورة أن يحقق قطاع الطيران الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
الخميس 2025/06/19
طائرات أخف وزنا

لو بورجيه (فرنسا) – تبحث شركات الطيران عن طرق مبتكرة لتقليص حجم الطائرات الحديثة، وهي ضرورة في قطاع يسعى إلى تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050.

ويشمل هذا الاتجاه الذي بات ضرورة على ما يبدو تخفيف وزن المواد إلى اعتماد أجزاء مطبوعة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد مرورا بتصنيع مقاعد أخف وزنا.

وفي معرض لو بورجيه للطيران قرب العاصمة الفرنسية، يعرض قسم أبحاث مختبر باريس الجوي ابتكارات متنوعة، بما يشمل جزءا من هيكل طائرة مصنوع من اللدائن الحرارية.

وتُعد هذه المواد التي تلين بالحرارة وتتصلب بشكل عكسي عند التبريد، إحدى الطرق لاستبدال المعادن المستخدمة تقليديا في الطيران، والتي تكون أثقل وزنا وتصعب إعادة تدويرها.

بيار جان ليدوك: طائرات المستقبل ستستخدم الألمنيوم والتيتانيوم والبلاستيك
بيار جان ليدوك: طائرات المستقبل ستستخدم الألمنيوم والتيتانيوم والبلاستيك

وتوضح رئيسة قسم الأبحاث والتكنولوجيا المركزية في شركة أيرباص الأوروبية لتصنيع الطائرات إيزابيل غرادير “اليوم، لدينا في طائرة أي 350 حوالي 4 آلاف قطعة من اللدائن الحرارية ومثبتات صغيرة ودعامات.”

وتضيف لفرانس برس “عندما نُقدّم تقنية جديدة، نبدأ بالأجزاء البسيطة قبل الانتقال إلى الأجزاء المعقدة، مثل ما اختبرناه هنا.”

وتشير الخبيرة بيدها إلى جزء عرضي من جسم الطائرة، موضحة أن “اللدائن الحرارية قابلة للحام كالمعادن. لذا، لا حاجة إلى إضافة مادة مثل البرشام.”

وتُقدم ديمجي، وهي مجموعة فرنسية تضم بين زبائنها أيرباص وبوينغ، هذا النوع من معالجة البلاستيك، وخلال المعرض عرضت لوحة عدادات تعتزم أيرباص استخدامها في طائراتها المستقبلية.

ويؤكد الرئيس التنفيذي لديمجي بيار جان ليدوك “اليوم، تُصنع هذه القطعة في مسبك. في المستقبل، ستُصنع من مركبات اللدائن الحرارية. في نهاية عمرها الافتراضي، يُمكننا طحنها وصنع شيء آخر منها.”

ويضيف “ستستخدم طائرات المستقبل الألمنيوم والتيتانيوم والمواد المركبة والبلاستيك، لكن كلها عند اللزوم.” ويشمل ذلك أيضا الطباعة ثلاثية الأبعاد للأجزاء، ما يُعرف باسم التصنيع الإضافي.

وقال ليدوك إن هذه العملية “تتيح لنا صنع قطع غيار لا يُمكن تصنيعها بتقنيات أخرى. يُمكننا تحقيق هدف خفض الوزن بالطريقة الفضلى لأننا نضع المواد في المكان المناسب. وبالتالي نُوفر الوزن.”

ولطالما سعى قطاع الطيران إلى جعل الطائرات أخف وزنا، على ما يذكّر ريمي بونيري خبير القطاع في شركة آرتشري ستراتيجي كونسلتينغ.

ويقول “حتى قبل الديناميكية المرتبطة بإزالة الكربون، كانت هذه الحال بالفعل. فمثلا، طائرة أيرباص 350 أو بوينغ 787 تستخدمان مواد مركّبة لجعل الطائرات أخف وزنا.”

لكن الحاجة إلى خفض الوزن أصبحت أكثر إلحاحا في السنوات الأخيرة. ففي عام 2022، خلصت الدول الـ193 الأعضاء في منظمة الطيران المدني الدولي (وكالة تابعة للأمم المتحدة) إلى ضرورة أن يحقق قطاع الطيران الحياد الكربوني بحلول عام 2050.

3

في المئة نسبة مساهمة قطاع الطيران من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية

ويُسهم قطاع الطيران حاليا بنسبة تتراوح بين 2.5 و3 في المئة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية. كما أن استخدام طائرات أخف وزنا يوفر الكيروسين، إذ كل كيلوغرام غير مستهلك يمنع إنتاج 3.75 كيلوغرام من ثاني أكسيد الكربون.

ويؤكد الشريك في شركة أليكس بارتنرز والمتخصص في مجال الطيران باسكال فابر أن تخفيف الوزن “يؤثر على هيكل الطائرة، وكذلك على الجزء الداخلي من المقصورة، على سبيل المثال، من خلال ابتكارات في مقاعد خفيفة الوزن للغاية.”

ويضيف فابر “بإمكان شركات الطيران من جانبها تقليل الوزن على متن الطائرة. ومن الأمثلة البسيطة على ذلك المجلات على متن الطائرة من خلال التحول من الورق إلى النسخة الرقمية أو إدارة مياه الشرب.”

وتُقدم شركة إكسبليسيت التي تأسست عام 2011 ابتكارات في هذا المجال. ويوضح رئيسها التنفيذي أموري باربيرو لوكالة فرانس برس أن “المقاعد تمثل ما بين 5 و10 في المئة من وزن الطائرة.”

ويقول “يبلغ وزن المقعد من 8 إلى 9 كيلوغرامات لكل راكب. لقد غيّرنا المواد الهيكلية، وبتنا نستخدم الكربون المركّب مع التيتانيوم بدلا من الألمنيوم (…) المقاعد لدينا باتت أغلى ثمنا، ولكن لأنها أخف وزنا، فإنها توفر الوقود وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون.”

ومع ذلك، لا يزال الطريق إلى تقليل وزن الطائرات طويلا. فبحسب الخبراء، سيتعين الانتظار حتى عام 2035 لرؤية هذه الابتكارات تُطبّق فعليا. وقد يستغرق الأمر وقتا أطول لتطبيقها على كل الطائرات المُستخدمة.

10