تشات جي بي تي لا يزال غير قادر على إزاحة الإعلام التقليدي

نماذج الذكاء الاصطناعي تستند على البيانات الموجودة عبر الإنترنت، وهي بيانات غير دقيقة أو غير محيّنة.
الأربعاء 2025/06/18
"تشات جي بي تي" الأكثر استخداما كمصدر للأخبار

لندن- غير الذكاء الاصطناعي وفي مقدمته تشات جي بي تي شكل الوصول إلى المعلومة وسرعة نقلها والحصول عليها حيث بات مصدرا مفضلا للكثير من الشباب حسب ما لاحظه تقرير سنوي صدر الثلاثاء، ومع ذلك يقر خبراء بأن هذه التقنية المتقدمة، بكل ما تحمله من إمكانيات، لا تزال عاجزة عن إزاحة الإعلام التقليدي من مكانته كمصدر موثوق للأخبار والتحقيق المعمق والشهادة الحية.

ويُعدّ التقرير، الذي يصدر سنويا عن معهد تابع لجامعة أكسفورد البريطانية، مرجعا لتحليل التحوّلات التي تطال وسائل الإعلام. ويستند إلى استطلاعات رأي إلكترونية تجريها شركة “يوغوف” على 97 ألف شخص في 48 دولة.

في الوقت الحالي، يُعدّ إجمالي عدد المشاركين الذين يقولون إنهم يستخدمون الذكاء الاصطناعي أسبوعيا للحصول على الأخبار “منخفضا نسبيا” (7 في المئة)، بحسب التقرير. لكن هذه النسبة “أعلى” لدى الشباب، إذ تصل إلى 12 في المئة لدى من تقل أعمارهم عن 35 عاما و15 في المئة لدى من هم دون الخامسة والعشرين.

ميتالي موخيرجي: تُستخدم روبوتات المحادثة المدعومة بالذكاء الاصطناعي للمرة الأولى كمصدر للأخبار

ومن بين هذه الأدوات، كان برنامج “تشات جي بي تي” (شركة “أوبن إيه آي” الأميركية) الأكثر استخداما كمصدر للأخبار، متقدّما على “جيميناي” من شركة “غوغل” و”لاما” من “ميتا”.

وتقول مديرة معهد “رويترز” لدراسة الصحافة ميتالي موخيرجي، في مقدمة تقريرها لعام 2025 بشأن الأخبار الرقمية، “تُستخدم روبوتات المحادثة المدعومة بالذكاء الاصطناعي للمرة الأولى كمصدر للأخبار”.

وعلى الرغم من هذا الاستخدام الناشئ، لا يزال المشاركون عموما “متشككين في استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال الأخبار، ويفضّلون مواصلة البشر تأدية دورهم.” ويخشون أن تكون المعلومات التي ينتجها الذكاء الاصطناعي بشكل رئيسي “أقل شفافية” و”أقل جدارة بالثقة”.

وتقع برامج الذكاء الاصطناعي في الكثير من الأحيان في تقديم بيانات غير دقيقة أو غير محيّنة، خاصة في بعض الملفات التي تتطلب تحققا ميدانيا أو فهما دقيقا للسياق. ويعود ذلك إلى اعتماد هذه النماذج على البيانات المتوفرة مسبقا في المصادر المفتوحة التي قد تكون ناقصة أو غير محدثة.

وتستند نماذج الذكاء الاصطناعي على البيانات الموجودة عبر الإنترنت، بينها المحتوى الصحفي، لإنتاج نصوص أو صور بناء على طلب بسيط بلغة شائعة.

ولتحقيق عائدات، اختارت بعض وسائل الإعلام إبرام اتفاقيات مع الشركات المتخصصة بالذكاء الاصطناعي. في المقابل، رفعت أخرى دعاوى قضائية بسبب انتهاك هذه البرامج حقوق الطبع والنشر.

وتظهر المعطيات أن العلاقة بين الذكاء الاصطناعي ووسائل الإعلام مازالت في الوقت الحالي علاقة تكاملية أكثر منها تنافسية، إذ يستخدم الصحافيون تشات جي بي تي وغيره من البرامج كمساعدة تقنية لتطوير أعمالهم أو تسريع إنجاز المهام مثل التدقيق اللغوي، دون أن تحل محل الصحافة الميدانية أو الخبر الموثوق.

نيك نيومان: مقاطع الفيديو تقدّم فوائد تجارية محدودة لوسائل الإعلام

وعلى نطاق أوسع من مسألة الذكاء الاصطناعي، يقدّم التقرير في نحو مئتي صفحة الاستنتاج العام نفسه الذي توصّل إليه في السنوات السابقة: تراجع تأثير وسائل الإعلام التقليدية (التلفزيون، الراديو، الصحف المطبوعة، مواقع الإنترنت..) لصالح وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات الفيديو.

فبالإضافة إلى تقويض الجدوى الاقتصادية لوسائل الإعلام، يُشير التقرير إلى أن هذا “التحوّل” له عواقب سياسية، إذ سمح “لسياسيين شعبويين” مثل “دونالد ترامب في الولايات المتحدة وخافيير ميلي في الأرجنتين، بتجاوز وسائل الإعلام التقليدية والتوجّه إلى المؤثرين ومُنشئي البودكاست ومُستخدمي يوتيوب المُؤيدين لهم،” مثل الأميركي جو روغان.

وعلى غرار السنوات السابقة، يلفت التقرير إلى تصاعد أهمية الصيغ القائمة على الفيديو، إذ أصبحت منصات المصدر الرئيسي للأخبار بالنسبة إلى 44 في المئة من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاما.

ونتيجة لذلك، يجذب “أهم مُستخدمي يوتيوب وإنستغرام وتيك توك” قاعدة متابعين أوسع في دول مثل “الهند والبرازيل وإندونيسيا وتايلاند”.

وفي أوروبا، “انخفض عدد منشئي المحتوى الذين نجحوا في اكتساب مكانة، رغم وجود استثناءات،” وفق التقرير الذي يذكر أوغو ديكريبت في فرنسا. ويصل محتواه الذي ينتشر بشكل رئيسي على يوتيوب وتيك توك، إلى 22 في المئة من الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 35 عاما.

ويؤكد المعدّ الرئيسي للتقرير نيك نيومان أن ازدهار هذا النموذج المتمثل بعرض الأخبار ضمن مقطع فيديو مع تولّي شخصية مشهورة تقديمها، يمثّل “تحدّيا كبيرا” لوسائل الإعلام التقليدية.

ويوضّح أن مقاطع الفيديو “تقدّم فوائد تجارية محدودة لوسائل الإعلام، إذ أن استهلاك الأخبار يتم بشكل أساسي عبر المنصات بدل مواقعها الإلكترونية” التي تشكل مصدر دخلها.

1