الصراع الإقليمي يربك حسابات لبنان: جمع سلاح الفلسطينيين لم يعد أولوية

مخاوف في لبنان من الدخول في اشتباكات يدعمها حزب الله الذي سيكون في حالة استنفار قصوى تحسبا لأيّ أوامر إيرانية بفتح جبهة على إسرائيل.  
الأربعاء 2025/06/18
تأجيل موعد جمع السلاح إلى موعد غير محدد

رام الله- أعلن مسؤول فلسطيني، الاثنين، تأجيل موعد جمع السلاح من مخيمات اللاجئين في لبنان إلى موعد غير محدد، بعد أن كان مقررا خلال يونيو الجاري، وذلك “بسبب الأوضاع الراهنة في المنطقة،” مشيرا إلى التعاون بهذا الصدد مع السلطات اللبنانية. 

ويرى متابعون للشأن اللبناني أن تأجيل مهمة سعى من خلالها قادة لبنان الجدد لإظهار الحزم يشير إلى أن الحرب بين إسرائيل وإيران قد أربكت أولويات لبنان في وقت لا يعرف فيه المسؤولون إن كانت الحرب خاطفة أم طويلة المدى ما قد يجعل لبنان في مرمى تأثيراتها المباشرة. 

وإذا خرجت الأوضاع عن السيطرة إقليميا، واضطرت إيران إلى تحريك ما تبقى من حزب الله، فإن إسرائيل قد تعود لاجتياح جزء من الأراضي اللبنانية وإعادة احتلال الجنوب، ولو بشكل مؤقت، من أجل تنفيذ خططها في تفكيك سلاح حزب الله، خاصة أن الأجهزة اللبنانية بدت مترددة في تنفيذ هذه المهمة وتحركت فيها ببطء شديد ما يوحي برغبتها في شراء الوقت إلى حين اتضاح التوازنات في الإقليم.

◄ قيام الأجهزة الأمنية اللبنانية بتفكيك أسلحة مصدرها حزب الله ولدى حلفائه سيجعلها في صورة الحليف لإسرائيل

وربما توجد دوائر نفوذ داخل الأجهزة الأمنية تراهن على أن حزب الله هو الأكثر قدرة وفاعلية على مواجهة أيّ اجتياح إسرائيلي في حال خرجت الأوضاع عن السيطرة خاصة أن الجيش اللبناني غير مؤهل لهذه المهمة بسبب عملية تحييده عن المهام العسكرية لسنوات طويلة وارتباطه بشكل مباشر بالأوامر التي كانت تأتي من الحزب. 

وثمة  تخوف في لبنان من أن الاستمرار في عملية نزع السلاح، ولو من مخيمات الفلسطينيين، قد يؤدي إلى اشتباكات يدعمها حزب الله الذي سيكون في حالة استنفار قصوى تحسبا لأيّ أوامر إيرانية بفتح جبهة على إسرائيل.  

ويعرف المسؤولون اللبنانيون أن قبول حزب الله بمبدأ نزع سلاحه كان خطوة تكتيكية لتخفيف الضغوط الخارجية عنه لكن المرور إلى تنفيذ تلك الخطوة سيكون أمرا صعبا على أيّ قوة داخلية أو خارجية بما في ذلك الجيش اللبناني. 

ويعتقد المتابعون أن تأجيل جمع سلاح الفلسطينيين هدفه الابتعاد عن الصدام مع حزب الله وحلفائه في مناخ متوتر إقليميا، وأن قيام الأجهزة الأمنية بتفكيك أسلحة مصدرها في الغالب الحزب وفي حوزة حلفائه مثل حماس والجهاد سيجعلها في صورة الحليف المباشر لإسرائيل في بيئة مناوئة لها وما يزال حزب الله يحظى فيها بشعبية كبيرة. 

وقال المسؤول الفلسطيني إنه “نظرا للظروف الراهنة التي تمر بها المنطقة، فقد تقرر تأجيل موعد القيام بجمع السلاح داخل المخيمات (الفلسطينية في لبنان)” دون تحديد موعد آخر. 

◄ حسين الشيخ أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وعضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" هو المشرف على الشأن اللبناني في الحركة

وأشارت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا) إلى أن “الأجهزة الأمنية والعسكرية الفلسطينية ستباشر بالتعاون الكامل مع السلطات الأمنية اللبنانية، وفق الاتفاق بذلك عندما تسنح الظروف، وبعد استكمال الاستعدادات الضرورية.” 

وأوضحت أن “دولة فلسطين جددت التزامها بالبيان المشترك الصادر بتاريخ 21 مايو 2025 إثر اجتماع القمة بين الرئيس اللبناني العماد جوزيف عون، والرئيس محمود عباس، والذي تم التأكيد فيه على سيادة لبنان وبسط سلطة الدولة على الأراضي اللبنانية كافة ومبدأ حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية وإنهاء أيّ مظاهر خارجة عن سلطة الدولة اللبنانية وسيادتها على أرضها.” 

وفي مايو الماضي، أعلن الرئيس اللبناني تشكيل لجان مشتركة لمعالجة مسألة وجود السلاح الفلسطيني في مخيمات اللاجئين التي تستضيفها بلاده، مبينا أنها ستبدأ عملها في يونيو الجاري. 

وفي 21 مايو 2025، اتفق عباس وعون على تشكيل لجنة مشتركة لمتابعة أوضاع المخيمات الفلسطينية في لبنان، وأكدا التزامهما بمبدأ حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية. 

يذكر أن حسين الشيخ أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وعضو اللجنة المركزية لحركة “فتح” هو المشرف على الشأن اللبناني في الحركة، وسبق أن زار لبنان عدة مرات بخصوص ملف سحب السلاح. 

ويُقدّر عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بأكثر من 493 ألف شخص، يعيشون في ظروف صعبة داخل مخيمات تديرها أمنيًا الفصائل الفلسطينية، بموجب تفاهمات غير رسمية تعود إلى “اتفاق القاهرة” عام 1969. 

وفي 3 نوفمبر 1969، توصلت مباحثات فلسطينية – لبنانية في مصر إلى “اتفاق القاهرة” الذي جرى بموجبه نقل السيطرة على مخيمات اللاجئين من القوات المسلحة اللبنانية إلى منظمة التحرير الفلسطينية، وفي 21 مايو 1987 أعلن البرلمان اللبناني إلغاء الاتفاق. 

وترى الفصائل الفلسطينية أن وجود السلاح في المخيمات “ضروري لأنه مرتبط بحق العودة وبالنضال من أجل تحرير فلسطين من الاحتلال،” ولا يدخل الجيش أو قوى الأمن اللبنانية إلى المخيمات، بينما يفرض الجيش إجراءات مشددة حولها.

1