إيران في مهب المواجهة

مضت أيام على حرب طهران وتل أبيب، لكن لم تتضح حتى الساعة لمن الغلبة. الساعات المقبلة تحمل الكثير من الأخبار، وستتضح معها ملامح المنتصر…
على الطرف الآخر، هل بادرت إسرائيل إلى تقليم أظافر إيران سعيا منها لوضع إيران على طبق من ذهب أمام شهية ترامب المفتوحة لاتفاق يُغيظ خصومه الديمقراطيين ويُعلن فشلهم في تناول الملفات الخارجية للولايات المتحدة، خصوصا المصيرية منها، التي تهدد أمن إسرائيل وواشنطن على حدّ سواء؟ لكنّ المعطيات على الأرض تؤكد أنّه من المبكر النظر في مثل هذه المسألة، فقد تم تخريب الملعب واختلطت الأوراق، وبات على الجميع أن يحسموا الموقف الميداني لكي يتقدم من يفوز بوضع شروطه “القاصمة لظهر الخصم”، والقادرة على إنهائه. فمن سيكون في الصدارة؟ إيران التقليدية أم واشنطن ذات التقنية أم تل أبيب المسلحة بأحدث الأسلحة المتطورة؟
هزيمة إيران في المعركة تعني انهيارا تاما في هرم المقاومة – وهو آخر معقل يشكّل خطرا على إسرائيل – وفي المقابل، لم تنجح القوة الإيرانية في ثني إسرائيل أو واشنطن الداعمة لها، التي تمكنت بالفعل من إسكات جبهتين قويتين من أذرع طهران القوية، لبنان وسوريا، وبات اليمن على حافة الانهيار، أو على الأقل على عتبة السكون التام الذي قد يعيد له الحياة لاحقا.
◄ هزيمة إيران في المعركة تعني انهيارا تاما في هرم المقاومة – وهو آخر معقل يشكّل خطرا على إسرائيل – وفي المقابل، لم تنجح القوة الإيرانية في ثني إسرائيل أو واشنطن الداعمة لها
على قائمة الانتظار يقف العراق في حيرة من أمره، وفي موقف لا يُحسد عليه: الوقوف مع الشريك في الطائفة، إيران، أم مع الصديق الدولي الماسك بأغلب خيوط اللعبة، واشنطن. والغريب في الأمر أن الطرفين لا يعملان على تضييق المساحة أمام العراق، ويتركانه يقفز بأريحية بين رفض الضغط الأميركي على إيران، ومنع محاولات إيران استخدام أذرعها في ضرب المصالح الأميركية. لكن هذا الأمر لم يدم طويلا؛ فنهاية الطريق “محطة واحدة”، سيُكتب على لافتتها اسم الشريك النهائي للعراق. وعليه، فإن العراق أمام خيار صعب ستكشفه الأيام المقبلة – استمرّت رحى الحرب في المنطقة أو توسعت، وهو أمر مرجّح بسبب تناقص احتمالات المبادرات السلمية الدولية – بسبب ارتباط المعركة بإنهاء أيّ قوة تتواجد في المنطقة وتتقاسم مع شريك واشنطن النفوذ أو تهدد حريّته في السيطرة على الأمن في المنطقة بوصفه جزءًا من أمنه القومي الإستراتيجي.
تراجع تأثير القوى الدولية في المنطقة بسبب انشغال غالبيتها بأزماتها الداخلية وعدم قدرتها على التفرغ للتفكير في توسيع مصالحها في الشرق الأوسط. ناهيك عن أن تعرفة الشراكة في المنطقة باتت غالية الثمن، ولا تستجيب لها دول كبرى في الاتحاد الأوروبي بسبب التكلفة الباهظة مقابل الفائدة.
وهذا واضح من الأرقام التي حققها ترامب في آخر جولة استثمارية له في الخليج. بالإضافة إلى ذلك، فإن العراق وملفه المؤجل يتمتعان بقدرات وثروات مهولة، واستثمارات بمليارات الدولارات تنتظر إفراغ المنطقة من سعير الحرب لكي يقطف المنتصر ثمار هذا التحوّل.
فمن المنتصر في النهاية؟
اقرأ أيضا:
• ما بدأ في غزة… انتهى في داخل إيران
• ليست هناك حاجة إلى اتفاق نووي جديد
• الصراع الإسرائيلي - الإيراني: من يمتلك المعلومات يكتب السطر الأخير