البنوك الخليجية قادرة على التحوط من خطر تفاقم التوتر في الشرق الأوسط

لندن- تعطي أحدث التقييمات الصادرة عن وكالة ستاندرد آند بورز للتصنيف الائتماني أن القطاع المصرفي في منطقة الخليج العربي لديه ما يكفي من الأدوات لمواجهة تداعيات تفاقم التوتر العسكري في الشرق الأوسط بين إيران وإسرائيل.
وذكرت الوكالة في تقرير أصدرته الثلاثاء أن “الحكومات الخليجية قادرة على مساعدة بنوكها في احتواء أي تخارج محتمل للأموال الأجنبية في أشد سيناريوهات تفاقم الحرب الدائرة بين إسرائيل وإيران التي قد تؤثر على ثقة الأعمال في المنطقة.”
وقدّرت ستاندرد آند بورز حجم التدفقات الأجنبية التي يُحتمل خروجها من المنطقة بحوالي 240 مليار دولار، أو ما يعادل 30 في المئة من الالتزامات الخارجية لأكبر 45 بنكا في منطقة الخليج.
لكن خبراؤها أشاروا إلى أن البنوك لديها في المقابل سيولة كافية لتغطية هذه التدفقات في معظم الحالات بافتراض قدرتها على تسييل الأصول الخارجية.

وقبل خمس سنوات، كان هناك 73 بنكا تجاريا نشطا في الخليج، مقارنة بنحو 60 حاليا بعد سلسلة اندماجات واستحواذات. ولا يشمل تصنيف عرب بانكر للبنوك التجارية بنوك التنمية، ولا يشمل بنوك الاستثمار وشركات الأسهم الخاصة.
ويأتي صدور التقرير وسط تبادل القصف بين الجانبين لليوم الخامس على التوالي، في وقت تشير فيه تقارير إلى رغبة طهران في خفض التصعيد، واستئناف المحادثات النووية مع الولايات المتحدة، شريطة عدم تدخل واشنطن في الصراع.
والسيناريوهات التي قد تؤدي إلى ذلك، بحسب الوكالة، تتضمن استمرار الهجمات المتبادلة بين الجانبين بكثافة لفترة طويلة أو انخراط دول أخرى في الحرب مثل الولايات المتحدة أو دول الخليج.
وسيؤدي هذا الاتجاه إلى ارتفاع كبير في أسعار الطاقة ويقلص أحجام التصدير نتيجة تأثر ممرات التجارة، وما يترتب على ذلك من آثار طويلة الأمد على الاستقرار الاقتصادي في المنطقة.
ومن المرجح أن يؤدي ضعف جودة الأصول خلال هذا العام إلى تكبد 13 بنكا من قائمة أكبر 45 بنكا خسارة تراكمية قدرها 3.3 مليار دولار في سيناريو الضغوط الكبيرة.
وفي حالة سيناريو الضغوط الشديدة ربما يتكبد 25 بنكا من قائمة البنوك خسائر إجمالية تراكمية قدرها 24.6 مليار دولار.
وتبدو قطر الدولة الخليجية الوحيدة التي قد تحتاج إلى تقديم بعض الدعم لبنوكها، حيث قدّرت وكالة ستاندرد آند بورز هذا الدعم بنحو 9 مليارات دولار فقط.
ويعزو الخبراء ذلك إلى أن البنوك القطرية لديها أعلى صافي دين خارجي بين دول المجلس الست عند حوالي 31.8 في المئة من إجمالي قروض النظام المصرفي في نهاية العام الماضي.
وأشارت الوكالة إلى أن الحكومة القطرية والجهات المرتبطة بها سبق وأن تدخلت لدعم نظامها المصرفي عندما خسر حوالي 20 مليار دولار من التمويلات الخارجية خلال أزمة المقاطعة عام 2017 بودائع تقترب من ضعف ذلك المبلغ.

وعلى الجانب الآخر، تمتلك البنوك الإماراتية أقوى مركز لصافي الأصول الخارجية في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام، مما يجعلها الأكثر قدرة على الصمود في وجه سيناريوهات تخارج رؤوس الأموال المفترضة، بحسب تقرير الوكالة.
أما البنوك السعودية، فعلى الرغم من أنها “تبدو في وضع مقبول حاليا”، فإن تراجع جاذبيتها للتمويل الخارجي قد يُضعف من قدرتها على مواصلة تمويل مشاريع رؤية 2030، بحسب ستاندرد آند بورز.
واتجهت البنوك السعودية إلى أسواق الدين بوتيرة غير مسبوقة منذ مطلع العام الحالي مدفوعة باحتياجات تشغيلية وتمويلية لمواكبة مشاريع الرؤية، لكن ذلك أثر بشكل ملحوظ على صافي الأصول الأجنبية بالقطاع.
وبحسب بيانات البنك المركزي لشهر مارس، سجل صافي الأصول الأجنبية للبنوك السعودية عجزا بلغ 27.75 مليار دولار، وهو رقم يُعدّ من بين الأعلى تاريخيا، قبل أن يتراجع إلى نحو 24 مليار دولار مع نهاية أبريل الماضي.
وشهدت معظم الإصدارات توجها لافتا نحو الأسواق الدولية، حيث طرحت عدة بنوك في أكبر اقتصاد عربي صكوكا إسلامية وسندات مقومة بالدولار تم تسويقها لمستثمرين في الخارج.
وأصدرت ثمانية بنوك صكوكا وسندات تجاوزت قيمتها الإجمالية 6.4 مليار دولار، توزعت بين إصدارات في السوق المحلية بالريال، والدولية بالدولار.
وتستفيد نسب رأس المال المعدلة حسب المخاطر لدى بنوك الخليج من الترجيح الصفري للمخاطر المخصص للسندات الصادرة عن حكوماتها السيادية. ونظرًا لأنها تحتفظ بمبالغ كبيرة من هذه الديون، فإن لها تأثيرا مفيدا بشكل ملحوظ على نسب رأس المال لديها.
ومع ذلك، فإن نسب رأس المال غير المرجحة، وهي تقسيم بسيط لحقوق الملكية حسب الأصول غير المرجحة، قوية أيضا، حيث أظهر 43 بنكا نسبا بلغت 12 في المئة أو أعلى في نهاية عام 2023.