الحكومة المغربية تطلق خطة إصلاح نظام التقاعد بنهج تشاركي

الرباط - أعلنت وزيرة الاقتصاد والمالية المغربية نادية العلوي، الاثنين، قرب إصلاح نظام التقاعد في المملكة، وأن رئيس الحكومة عزيز أخنوش سيعلن خلال الأيام المقبلة عن انعقاد الاجتماع الأول للجنة التي ستباشر هذا الإصلاح الحيوي، وذلك في خطوة تهدف إلى معالجة التحديات المالية المتزايدة التي يواجهها النظام.
ويعود ملف إصلاح التقاعد في المغرب إلى سنوات مضت، ففي يوليو 2016، صادق البرلمان المغربي بالأغلبية على مشروع قانون إصلاح أنظمة التقاعد تضمن رفع سن التقاعد من 60 إلى 63 عاما، وزيادة مساهمات العمال في صندوق معاش التقاعد.
وقوبل هذا الإصلاح حينها باحتجاجات واسعة من النقابات التي رأت فيه تحميلًا للعبء الأكبر على عاتق العمال.
وأوضحت الوزيرة المغربية، في كلمة لها بمجلس النواب (الغرفة الأولى بالبرلمان)، بالرباط، أن انعقاد اللجنة لا يعني أن الحكومة لا تعمل شيئا، حيث عملت على الرفع من المعاشات في وقت سابق، فضلا عن تخصيص ميزانيات إضافية لنظام التقاعد، وضمان ديمومة صناديق التقاعد لسنتين أو ثلاثة.
وشددت الوزيرة على أن الإصلاح الجديد سيعرف إشراك باقي المتدخلين، من بينهم النقابات، مؤكدة أن خطة الإصلاح المرتقبة سترضي جميع المتدخلين، بمن فيهم المتقاعدين، وهو توجه يشير إلى محاولة الحكومة لتجنب الأخطاء السابقة، وضمان توافق أوسع حول الإصلاحات المقبلة.
وفي مايو 2024، حذرت رئيسة المجلس الأعلى للحسابات (حكومي)، زينب العدوي، من تفاقم العجز المالي لأنظمة التقاعد، مشددة على أن هذا العجز يشكل تهديداً لتوازناتها المالية.
وأعلنت الحكومة في ديسمبر 2024 عزمها بدء الإصلاح مطلع 2025، لكنها تأخرت في ذلك بسبب رفض النقابات مناقشة إصلاح هذا النظام بدون إشراكها في هذا الإصلاح، فضلا عن رفضها تحميل العمال والمتقاعدين كلفة هذا الإصلاح أو الرفع من سن التقاعد.
وبعدها في يناير 2025، قالت الوزيرة العلوي، في جلسة لمساءلة الحكومة في مجلس النواب "حان الوقت لإصلاح نظام التقاعد في المغرب، وسنعلن عن عرض الحكومة الأولي خلال يناير"، إلا أنها أعلنت عن قرب الموعد في جلسة بمجلس النواب، الاثنين.
ويرى مراقبون أن إعلان الحكومة، يحمل دلالات هامة، إذ يمثل بداية فعلية لعملية الإصلاح بعد فترة من التأخير، ويؤكد جدية الحكومة في معالجة هذا الملف الحساس واتخاذ خطوات ملموسة لضمان استدامة النظام على المدى الطويل.
ويعكس قرار الحكومة بإشراك النقابات وممثلي المتقاعدين والخبراء رغبة في اتباع نهج تشاركي وتوافقي، يهدف إلى تجنب الاحتجاجات والرفض الذي لازم الإصلاحات السابقة، مما يضمن قبولا أوسع للإجراءات المتخذة.
وتسعى الحكومة من خلال هذا النهج إلى تخفيف التوترات الاجتماعية، والتوصل إلى حلول مقبولة للجميع عبر الحوار والتفاوض، بالإضافة إلى تحقيق العدالة في توزيع أعباء الإصلاح بشكل منصف بين الفئات المختلفة.
وهذه الخطوة الإيجابية تؤكد رغبة الحكومة المغربية في تبني نهج مستدام يراعي مصالح جميع الأطراف المعنية في ملف التقاعد الحساس.