الأردن يتحسب لأزمة غاز مع استمرار المواجهة بين إسرائيل وإيران

البدائل المطروحة مكلفة وأقل كفاءة.
الثلاثاء 2025/06/17
لا يمكن الرهان على الطاقات المتجددة

يواجه الأردن وضعا مقلقا في منظومة الطاقة نتيجة النقص الفادح في إمدادات الغاز الطبيعي بسبب المواجهة الجارية بين إسرائيل وإيران، فيما لا تبدو البدائل المطروحة مفيدة كثيرا بالنظر إلى تكلفتها التشغيلية الكبيرة، وهو ما يشكل ضغطا كبيرا على خزينة الدولة.

عمان - تتحسب الحكومة الأردنية لأزمة غاز، بعد توقف حقل ليفياثان عن العمل نتيجة التصعيد العسكري المستمر بين إيران وإسرائيل. وقد بدأت الحكومة، الاثنين، في تفعيل خطة الطوارئ المعتمدة مسبقا، والتي شملت وقفا مؤقتا لإمدادات الغاز عن المصانع المتصلة بشبكة الغاز الرئيسية، وسط مخاوف أردنية من طول أمد الإغلاق الأمر الذي سيضع المملكة في مأزق حقيقي.

وأمرت وزارة الطاقة الإسرائيلية، الجمعة، بإغلاق مؤقت لحقل ليفياثان للغاز الطبيعي البحري، وذلك بعدما أوقفت شركة “إنرجيان” أيضا إنتاجها من الغاز بناء على أوامر من الوزارة، في ظل الأحداث المتسارعة مع إيران.

ويعد حقل ليفياثان أحد أكبر حقول الغاز الطبيعي في البحر المتوسط، وتبلغ طاقته الإنتاجية نحو 1.2 مليار قدم مكعبة يوميا، ويغذي الحقل، الذي تديره شركة شيفرون الأميركية، السوق المحلي الإسرائيلي إلى جانب كل من مصر والأردن.

وقالت شركة الكهرباء الوطنية في الأردن إن تفعيل خطة الطوارئ يأتي كخطوة احترازية ضمن تنفيذ أولويات توزيع الغاز المحددة في خطة الطوارئ.

سفيان البطاينة: شركة الكهرباء الوطنية جاهزة لمواجهة أي مستجدات
سفيان البطاينة: شركة الكهرباء الوطنية جاهزة لمواجهة أي مستجدات

وأكدت الشركة في بيان صحفي أوردته قناة “المملكة” الأردنية أن هذا الإجراء مؤقت، وسيعاد تقييمه مع تحسن الأوضاع الإقليمية واستقرار تدفقات الغاز.

وكان المدير العام لشركة الكهرباء الوطنية الأردنية سفيان البطاينة قال الأحد، إن شركة الكهرباء الوطنية الأردنية جاهزة لمواجهة أي مستجدات أو ظروف، سواء على المدى القصير أو الطويل.

وأوضح البطاينة أن مخزون المملكة من وقود توليد الطاقة الكهربائية كاف مدة لا تقل عن 20 يوما، حتى مع توقف الإمدادات من حقل “ليفياثان” للغاز الطبيعي، الذي يزود الأردن بجزء كبير من حاجتها لتوليد الطاقة الكهربائية.

وأشار إلى وجود بدائل مستدامة تم تفعيلها منذ توقف إمدادات الغاز “مؤقتا”، وفي حال حدوث أي ظرف طارئ، يمكن رفع هذا المخزون من سلاسل التزويد المختلفة.

ومن بين البدائل استخدام الوقود البديل الذي يتضمن استخدام الوقود الثقيل والديزل، كما بدأت مصر في ضخ الغاز الطبيعي إلى الأردن بواقع 100 مليون قدم مكعب يومياً، رغم أن القاهرة تواجه نقصا فادحا في الإمدادات، ما اضطرها هي نفسها لإيقاف توريد الغاز الطبيعي لبعض الأنشطة الصناعية من بينها الحديد، وتفعيل خطة طوارئ لمواجهة هذا الوضع.

ولا تعتبر الكمية التي ترسلها مصر بالكافية، حيث ما تزال المملكة في حاجة إلى كميات إضافية تصل -وفق بيانات منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- إلى نحو 250 مليون قدم مكعبة يوميًا.

وتسعى الحكومة الأردنية لتوجيه رسائل طمأنة للرأي العام الأردني بأن الوضع تحت السيطرة وأنها تمتلك بدائل متنوعة، لكن متابعين يحذرون من استمرار إغلاق حقل ليفياثان لفترة طويلة، يهدد بتعرض المملكة لأزمة في الكهرباء وغاز الطهي، إذا ما استنزف المخزون الحالي وفشلت البدائل المطروحة في سد العجز.

ويقول الباحث الاقتصادي المتخصص في شؤون الطاقة عامر الشوبكي، في تصريحات صحفية، إن وقف ضخ الغاز من حقل ليفياثان يستدعي إعلان “حالة طوارئ فنية” في قطاع الطاقة، خاصة في ظل الظرف غير التقليدي الذي يتطلب جاهزية تشغيلية استثنائية.

البدائل الحالية، مثل زيت الوقود الثقيل والديزل والغاز المسال، أكثر كلفة من الغاز الطبيعي، وقد تُضاعف الفاتورة التشغيلية إذا استمر الانقطاع

وحذر من أن كلفة التوليد مرشحة للارتفاع بشكل كبير، خصوصا في فترات الليل والصيف، حيث تنخفض كفاءة الطاقة المتجددة ويزداد الضغط على شبكة الكهرباء.

وأوضح الشوبكي أن البدائل الحالية، مثل زيت الوقود الثقيل والديزل والغاز المسال، أكثر كلفة من الغاز الطبيعي، وقد تُضاعف الفاتورة التشغيلية إذا استمر الانقطاع.

ولفت الخبير في الطاقة فراس بلاسمة، إلى أن البدائل المتاحة على المدى القصير تشمل التحول إلى الوقود السائل، مثل الديزل وزيت الوقود الثقيل، الذي يمكن استخدامه في محطات الرحاب والسمرة والقطرانة، لكنه يحمل كلفة تشغيلية أعلى وكفاءة أقل.

وحذر بلاسمة من تداعيات مالية وبيئية لهذا التحول، أبرزها ارتفاع كلفة التوليد وزيادة الانبعاثات الكربونية، ما قد يؤدي إلى ضغط على خزينة الدولة، أو الحاجة إلى إعادة النظر في تعرفة الاستهلاك للمواطنين.

ونبه خبير الطاقة إلى ضغوط تشغيلية محتملة على محطات الديزل القديمة، خاصة في فصل الصيف مع ارتفاع الأحمال، وعلى الصعيد المالي قد تسجل شركة الكهرباء الوطنية خسائر إضافية إذا لم يتم تعويض ارتفاع التكاليف بالدعم الحكومي، أو تعديل تعرفة الكهرباء.

ورأى بلاسمة في تصريحات لوسائل إعلام محلية أن هناك إمكانية لزيادة مساهمة الطاقة المتجددة، لكن استخدامها يظل محدودا ليلا وفي فترات الذروة، بسبب عدم توفر أنظمة تخزين كافية، إلى جانب التحديات المرتبطة بضبط التردد والاحتياطي التشغيلي، كما لفت إلى أن الربط الكهربائي مع مصر والسعودية يشكل أحد الخيارات السريعة لتغطية أي عجز محتمل.

وبحسب التقرير السنوي لوزارة الطاقة والثروة المعدنية لعام 2023، فإن الغاز الطبيعي يُستخدم لتوليد 61.1 في المئة من الكهرباء في الأردن، مقابل 26.28 في المئة من مصادر الطاقة المتجددة (شمس ورياح)، و12.62 في المئة من زيت الوقود الثقيل.

ووفق الأرقام فإن محطات التوليد تستهلك نحو 1498 مليون قدم مكعب يوميا من الغاز، في حين تبلغ القدرة المركبة للطاقة المتجددة نحو 2681 ميغاواط، مما يعني أن أي اضطراب في إمدادات الغاز يشكّل تهديدا مباشرا لاستقرار الشبكة الوطنية.

2