حزب الله يتحسب لغزو إسرائيلي بري برسائل تعبئة وإقرار بقدرة صمود نسبية

بيروت - قال عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النيابية التابعة لحزب الله اللبناني النائب حسن عزالدين الإثنين، إن المقاومة في لبنان لا زالت تشكل ردعا نسبيا أمام الدخول البري الإسرائيلي إلى لبنان، بينما يؤكد استخدامه لمصطلح "الردع النسبي" إقرار الجماعة الشيعية المدعومة بأن الردع لم يعد بنفس القوة السابقة، أو أن إسرائيل ربما أصبحت أكثر جرأة أو لديها خطط لتقويض هذا الردع.
وفي الماضي قبل الحرب الأخيرة، كانت المقاومة تتبنى خطابًا يشير إلى ردع شبه مطلق يمنع إسرائيل من التفكير بالدخول البري.
وأضاف حسن عزالدين خلال احتفال نكريمي في بلدة العباسية في جنوب لبنان "العدو الإسرائيلي ورغم اعتداءاته المتواصلة على لبنان، لا زالت المقاومة تمنعه من تحقيق أهدافه، وهي رغم كل ما ذاقته من آلام وجراح كبيرة ومؤلمة، من ضمنها فقدها للقيادات الكبيرة والاستراتيجية، إلا أنها لا زالت تشكل ردعا نسبيا أمام الدخول البري الذي يعجز عنه العدو ويخشاه ويخافه".
وتطرق إلى التطورات المستجدة إقليميا والتحديات التي تواجهها إيران قائلا "إن الأهداف التي يريد العدو تحقيقها تخطت حدود البرنامج النووي الإيراني، فإيران لا تسعى إلى امتلاك السلاح النووي، بل امتلاك وإنتاج العلم النووي للاستخدام السلمي الذي أصبح بيدها".
وتابع "تحت ذريعة الأسلحة النووية، قفز الأعداء إلى الأمام ظنا منهم أنهم يستطيعون تغيير واقع المنطقة انطلاقا من تقييمهم لنتائج التطورات التي حصلت في الأشهر الأخيرة، ومن ضمنها الهيمنة واستباحة سوريا واجتياح جزء من أراضيها والأوضاع في غزة، والآلام التي حلت بالمقاومة".
وأشار إلى أن " إيران اليوم قوية وقادرة على المواجهة، حتى وإن بقيت لوحدها في الساحة في وجه كل من يكنون العداء والشر لها، وهي تستطيع الصمود لتبقى الدولة الإقليمية العظيمة التي لن يستطيع أحد النيل منها، خاصة وأنها باتت أقوى بأضعاف مما كانت عليه مع انتصار الثورة الإسلامية".
ولفت إلى أن "طهران التي صمدت طوال العقود الماضية وخرجت أقوى، تحولت إلى دولة ذات سيادة معترف بها دوليا، تعد من الدول الإقليمية الأقوى من حيث القدرات العسكرية والعلمية والتقنية، وباتت تشكل اليوم نموذجا حضاريا مستمدا من أصالة الإسلام، وقائما على الخطاب الذي أرساه الإمام الخميني".
وكانت إسرائيل قد شنت حربا على لبنان العام الماضي استمرت أكثر من شهرين وأسفرت عن سقوط آلاف القتلى والجرحى معظمهم من أنصار ومنتسبي حزب الله. وبدأ الجيش الإسرائيلي في الأول من أكتوبر الماضي عملية برية مركزة في جنوب لبنان قبل توقيع اتفاق لوقف الأعمال العدائية في 27 نوفمبر الماضي، ولا تزال القوات الإسرائيلية متواجدة في خمس نقاط في جنوب لبنان.
وفي سياق التصريحات الأخيرة لحزب الله حول قدرة المقاومة على تشكيل ردع نسبي أمام أي دخول بري إسرائيلي إلى لبنان، يمكن استخلاص عدة دلالات هامة، خصوصا في ظل التوترات المتصاعدة على الحدود الجنوبية للبنان، فالتصريح بحد ذاته يشير إلى أن حزب الله يستشعر تهديدا حقيقيا لإمكانية قيام تل ابيب بعملية برية واسعة النطاق داخل الأراضي اللبنانية. وهذا ليس مجرد تخمين، بل يعكس على الأرجح تقييمات استخباراتية للحزب حول نية إسرائيل وقدراتها.
وعلى الرغم من استخدام النائب عن حزب الله مصطلح "الردع النسبي"، فإن التصريح يهدف إلى طمأنة البيئة الحاضنة للمقاومة بأنها لا تزال قادرة على صد أو على الأقل تكبيد إسرائيل خسائر فادحة في حال محاولة الغزو البري، في محاولة للتأكيد على أن الدخول لن يكون نزهة سهلة للجيش الإسرائيلي.
وعلى الرغم من أن الردع "نسبي"، فإن التصريح يحمل في طياته تحذيرا لإسرائيل بأن أي دخول بري سيكون مكلفًا للغاية وأن المقاومة لا زالت تمتلك من القدرات ما يجعل هذا الخيار غير مجدٍ أو يحمل تداعيات كبيرة على الجيش الإسرائيلي. وهذا يشمل التذكير بوجود ترسانة صواريخ وقدرات مضادة للدروع وأساليب قتال حرب العصابات.
ويمكن فهم "الردع النسبي" أيضا على أنه إقرار ضمني بأن حزب الله قد لا يكون قادرًا على منع الدخول البري بشكل كامل إذا ما قررت إسرائيل شن عملية واسعة النطاق بكامل قوتها. وبمعنى آخر، المقاومة يمكن أن تؤخر أو تكبد خسائر، لكن منع الدخول كليًا قد يكون صعبًا في ظل حجم وقدرات الجيش الإسرائيلي.
ومثل هذه التصريحات تخدم أيضا غرضا تعبويا داخليًا وخارجيًا: داخليًا، تحضير القوات والمؤيدين لسيناريو مواجهة برية محتملة وخارجيًا، قد تكون رسالة للمجتمع الدولي بأن الوضع على وشك الانفجار، وأن أي هجوم إسرائيلي سيواجه بمقاومة عنيفة.
وقد يعكس هذا التصريح استراتيجية دفاعية قائمة على "حرب الاستنزاف" أو "حرب المدن" في حال الدخول البري، حيث تسعى المقاومة إلى استنزاف القوات الإسرائيلية وتكبيدها أكبر قدر من الخسائر، حتى لو لم تتمكن من منع الدخول كليًا.
وبشكل عام، يعكس هذا التصريح من حزب الله مزيجًا من الثقة والتحدي، إلى جانب واقعية في تقييم الوضع الراهن. إنه يهدف إلى إرسال رسائل متعددة الأوجه للخصم (إسرائيل) وللجمهور الداخلي والخارجي، حول طبيعة الصراع المحتمل وحجم التحديات التي قد تواجهها جميع الأطراف.