السعودية توسع آفاق سوق تأجير الطائرات التجارية

أفيليس تقص شريط صفقات معرض باريس للطيران بطلبية ضخمة لشراء 77 طائرة من شركة أيرباص.
الثلاثاء 2025/06/17
وقعتم العقود في انتظار تسليم الطائرات

يبرز سوق تأجير الطائرات التجارية كأحد محاور النمو الواعدة مستفيداً من الموقع الجغرافي الإستراتيجي للسعودية، وازدهار حركة السفر والسياحة، بفضل السياسات الحكومية الداعمة للاستثمار في قطاع الطيران، ما يعكس رؤية متقدمة نحو بناء اقتصاد متنوع ومرن، قادر على المنافسة إقليمياً وعالمياً.

باريس- نجحت أيرباص في اقتناص طلبية من أفيليس لشراء قرابة 77 طائرة، لتقص بذلك شريط صفقات معرض باريس للطيران، الذي انطلق الاثنين، وهي أول طلبية مباشرة من شركة التأجير السعودية من عملاق صناعة الطائرات الأوروبية.

ووافقت شركة التأجير، المدعومة من صندوق الثروة السيادي السعودي، على شراء 30 طائرة من طراز أي 321 ذات الممر الواحد، مع خيار شراء 25 طائرة إضافية، إلى جانب 10 طائرات شحن من طراز أي 350، بالإضافة إلى 12 خياراً إضافيا.

وتبلغ قيمة الصفقة نحو 7 مليارات دولار، والتي تزامنت مع طلبية أخرى من شركة طيران الرياض بقيمة 9 مليارات دولار لشراء 25 طائرة طراز اي 350 – 1000 عريضة البدن.

إدوارد أوبيرن: كانت معركة شرسة للغاية بين أيرباص أي 350 وبوينغ 777
إدوارد أوبيرن: كانت معركة شرسة للغاية بين أيرباص أي 350 وبوينغ 777

وتأتي الصفقة مع أيرباص عقب شراء أفيليس 30 طائرة طراز 737 المثير للجدل، من بوينغ الشهر الماضي خلال جولة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الخليج.

وقال الرئيس التنفيذي للشركة السعودية، إدوارد أوبيرن، خلال مؤتمر صحفي للإعلان عن الصفقة “كانت معركة شرسة للغاية” بين طائرة أي 350 وطائرة الشحن 777، مضيفا “تفوقت أي 350 في النهاية.”

وأوضح أوبيرن في تصريحاته أن “المملكة تتطلب قدراً هائلاً من أعمال البنية التحتية للشحن والخدمات اللوجستية.”

ويقود الشركة نخبة من الخبراء في قطاع الطيران، وهي تتطلع إلى فتح آفاق جديدة لتوطين المعرفة ونقل الخبرات، بما يسهم في استحداث فرص عمل ورفع قدرات الكفاءات المحلية، بما يدعم خططها المستقبلية لتكون شركة وطنية رائدة في قطاع تأجير الطائرات.

واعتبر بونوا دو سان إكزوبيري، مسؤول مبيعات الطائرات التجارية في أيرباص، أن “هذه الطلبية المزدوجة تُعزز قدرات أفيليس وتُظهر قدرة منتجاتنا على جذب شركات التأجير وعملائها من شركات الطيران.”

وفي ظل التحولات الاقتصادية الطموحة التي يشهدها البلد الخليجي، في إطار رؤية 2030، تتجه الحكومة إلى تنويع مصادر الدخل غير النفطي وتطوير قطاعات حيوية جديدة، من أبرزها قطاع الطيران والنقل الجوي، الذي يستقطب اهتماماً متزايدا.

وتُنفق السعودية مبالغ طائلة لتصبح مركزًا إقليميًا جديدًا للطيران، سعيًا منها للحاق بدبي وقطر من خلال إطلاق شركة طيران الرياض الجديدة والإعلان عن مطار الملك سلمان الضخم بستة مدارج.

وتسعى أفيليس التي تأسست في العام 2022 وتمتلك محفظة تضم 200 طائرة مملوكة ومدارة، ومؤجرة إلى 48 شركة طيران حول العالم لمضاعفة أسطولها بحلول عام 2030 بدعم من مالكها، الصندوق السيادي.

وفي أكتوبر الماضي اشترت الشركة 9 طائرات من شركة أفولون، بعد أن اشترت 13 طائرة من الشركة نفسها في يونيو 2023، ولم تكشف الشركة عن قيمة الصفقتين.

وكانت أفيليس قد اشترت نشاط تأجير الطائرات التابع لشركة ستاندرد تشارترد في عام 2023 مقابل 3.6 مليار دولار وذلك من خلال اتفاقية أبرمت مع شركة بيمبروك ومقرها دبلن.

ورغم أن تأجير الطائرات قد يبدو وكأنه قفزة عملاقة لتنويع أكبر اقتصاد عربي، لكنه إستراتيجي نسبيا حاليا، حيث من المرجح أن ينمو حجم سوق تأجير الطائرات في جميع أنحاء العالم بمعدل سنوي قدره 7.8 في المئة حتى عام 2029.

ويعزو محللون هذا النمو الكبير إلى اكتساب سوق التأجير شعبية مفاجئة في أعقاب الطلب المكبوت خلال الأزمة الصحية، حيث لم يكن لدى شركات الطيران الموارد المالية لتقديم طلبات جديدة.

ومع ذلك، كانت ثمة حاجة إلى استبدال الطائرات القديمة في أوقات أزمة الوقود وارتفاع أسعار النفط والغاز، وقد اتضح في نهاية المطاف أن عمليات التأجير هي الحل الأرخص والأكثر كفاءة.

وقفزت أسعار تأجير الطائرات بنحو 30 في المئة عن مستويات ما قبل كورونا، بعد نقص الطائرات الذي شهدته هذه الصناعة عندما انتعش السفر الجوي بسرعة منذ الجائحة.

حصة أعمال أفيليس في أبرز الأسواق

  • 25 إلى 30 في المئة في الشرق الأوسط
  • 25 إلى 30 في المئة في منطقة آسيا
  • 20 في المئة في السوق الأميركية

وتبلغ حصة الخطوط الجوية في الشرق الأوسط من إجمالي أعمال أفيليس نحو 25 إلى 30 في المئة، ومثلها في آسيا، وحوالي 20 في المئة حصة السوق الأميركية.

وتحتاج سوق الطيران السعودية لتوفير 450 إلى 500 طائرة خلال خمس سنوات، بحسب ما يؤكد طارق الغزيري الرئيس التنفيذي المساعد لشركة أفيليس.

وأفاد في مقابلة مع بلومبيرغ الشرق على هامش قمة العرب للطيران التي عقد في الرياض خلال فبراير الماضي أن “كلفة هذه الطائرات ستتراوح بين 35 و45 مليار دولار.”

وتوقع أن يذهب نصف هذا المبلغ إلى قطاع الاستئجار، أي نحو 20 مليار دولار، “ما يولد سوقاً جاذبةً لشركات تأجير الطيران” بما في ذلك أفيليس.

وبحسب الغزيري تتطلع أفيليس لشراء محافظ طائرات من السوق الثانوية يتراوح بين 5 و10 طائرات من شركات تأجير لزيادة عدد طائراتها بشكل سريع، ما يتماشى مع تطلعات الشركة لأن تكون ضمن أكبر 10 شركات القطاع في العالم بحلول 2030.

ونوّه بأن تركيز الشركة ينصب على حصولها على التصنيف الائتماني “بما يتيح لنا تنويع مصادر التمويل كإصدار السندات والصكوك لاسيما في الأسواق المالية السعودية والأميركية، بما يسهم بجذب الاستثمارات الأجنبية إلى قطاع تأجير الطائرات.”

وتسعى الحكومة إلى ضخ استثمارات في قطاع الطيران تتخطى المئة مليار دولار من القطاعين العام والخاص بحلول 2030، وجذب مستثمرين جدد عن طريق الخصخصة، وفق السياسة الاقتصادية للقطاع ولوائحه الجديدة المعلنة من قِبل الهيئة العامة للطيران المدني.

وتتطلع الخطوط الجوية السعودية إلى زيادة أحجام أساطيلها، في وقتٍ تعاني الناقلات من تباطؤ عمليات التسليم من بوينغ وأيرباص. وفي مايو الماضي، أعلنت عن طلبية قياسية لشراء 105 طائرات ضيّقة البدن ذات ممر واحد من الصانع الأوروبي.

كما اشترت طيران الرياض 39 طائرة بونيغ 787 – 9 و60 طائرة أيرباص 321 نيو وتدرس شراء 50 طائرة عريضة البدن. كما وقعت طيران ناس في يوليو الماضي اتفاقية مع أيرباص لشراء 90 طائرة.

وكانت طيران أديل منخفضة الكلفة أحدث شركة تدخل سوق الطلبيات عندما أعلنت في أبريل الماضي إبرام صفقة مع أيرباص لشراء 10 طائرات ركاب عريضة البدن من طراز أي 330 نيو.

10