مبادلات تجارية محدودة بين تونس والجزائر رغم التقارب الجغرافي

تفعيل الاتفاقيات وتقديم التيسيرات والدفع نحو الشراكات المتخصصة، خطوات من شأنها رفع الصادرات التونسية وتقليص العجز التجاري مع الجزائر على المدى المتوسط.
الاثنين 2025/06/16
تعميق التكامل يفتح آفاقا جديدة

تونس - بينت دراسة حديثة أعدّها المعهد التونسي للقدرة التنافسية والدراسات الكمية، أن المبادلات التجارية بين تونس والجزائر تسجل أرقاما دون المأمول رغم القرب الجغرافي والثقافي للبلدين.

وبينت الدراسة، التي نشرها المعهد تحت عنوان “السوق الجزائرية: ما هي إمكانيات التصدير المتاحة لتونس؟” أن تونس تغيب عن قائمة أهم المصدرين إلى السوق الجزائرية، كما تعاني من عجز هيكلي للمبادلات تحت تأثير كميات الغاز الجزائري الموردة إلى البلاد.

وكشفت البيانات انخفاض حصة الجزائر من المبادلات الخارجية لتونس في السلع خلال الفترة 2011 – 2021، إذ بلغت حوالي 3 في المئة من إجمالي الصادرات و6 في المئة من الواردات، وتجدر الإشارة إلى أن هذه الحصة كانت أكثر استقرارا للصادرات منها للواردات.

وتواجه تونس وفق الدراسة، عددا من التحديات تتعلق أساسا بتنويع المنتجات التجارية والتكامل الاقتصادي لمنطقة شمال أفريقيا، إذ لا تتجاوز حصة التجارة البينية 5 في المئة مقابل 18 في المئة في منطقة جنوب الصحراء الكبرى.

وأبرزت الدراسة التي قامت بتحليل البيانات المتعلقة بالتجارة بين تونس والجزائر ما بين 2011 و 2021، أن “على تونس معالجة التحديات المتعلقة بالمنافسة مع بعض الدول، وخاصة الصين ودول الاتحاد الأوروبي وتركيا وغيرها وهو ما يفرض عليها تعزيز العمل العمومي بما يسمح بتثمين الإمكانات التصديرية في السوق الجزائرية”.

تونس والجزائر تحتجان إلى تعزيز التجارة عبر إنشاء مشاريع شراكة في القطاعات ذات الإمكانات العالية

ولمواجهة مختلف هذه التحديات، أوصت الدراسة بضرورة تعزيز العمل للاستفادة من إمكانات السوق الجزائرية التصديرية من خلال مواصلة تحسين الإجراءات الإدارية واللوجستية والجمركية لتعزيز اتفاقية التجارة التفضيلية بين تونس والجزائر.

وتحتاج تونس والجزائر إلى تعزيز التجارة والاستثمار من خلال إنشاء مشاريع شراكة في القطاعات ذات الإمكانات العالية، وهو ما يتطلب، وفق الدراسة، تشجيع الشركات التونسية على التواجد في السوق الجزائرية (منح مزايا خاصة ودعم دبلوماسي وتنظيم معارض تجارية وعقد اجتماعات عمل دورية).

وتم التأكيد على أهمية تعزيز التكامل في منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية وتسريع عملية إنشاء مناطق التجارة الحرة الحدودية بين البلدين وتعزيز الآليات الثنائية لمكافحة التجارة الموازية والمضاربة في السلع.

وأفضى تحليل تطور المبادلات التجارية بين تونس والجزائر خلال الفترة 2011 – 2021 إلى أن الواردات من الجزائر فاقت الصادرات إلى هذه السوق وأدت هذه الوضعية إلى عجز هيكلي، يعود بشكل رئيسي إلى ارتفاع حصة واردات الغاز الطبيعي خلال هذه الفترة، على الرغم من الفائض المسجل في سنة 2016.

ويظهر تطور العجز التجاري تراجعا خلال السنوات الخمس من 2017 إلى 2021 (بمعدل 605 ملايين دولار سنويا) مقارنة بالفترة 2011 – 2015 (بمعدل 1.501 مليون دولار سنويا).

ويقول مراقبون إن من شأن تعميق التكامل في الإطارين المغاربي والأفريقي، على غرار الاستفادة من اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، أن يفتح آفاقا جديدة أمام المنتجات التونسية في السوق الجزائرية والأسواق المجاورة.

كما أن تفعيل الاتفاقيات وتقديم التيسيرات والدفع نحو الشراكات المتخصصة، خطوات من شأنها رفع الصادرات التونسية وتقليص العجز التجاري مع الجزائر على المدى المتوسط.

وتظل الإرادة السياسية والتنسيق عالي المستوى بين البلدين عنصرين حاسمين لتحويل هذه المقترحات إلى إجراءات فعلية تعزز المنفعة الاقتصادية المتبادلة وتحقق التكامل المنشود بين الاقتصادين التونسي والجزائري.

4