الذكاء الاصطناعي يحدث ثورة في إعادة تدوير البطاريات

في وقت تبرز فيه منافسة غير متكافئة على إنتاج المعادن وتطويرها، تستخدم شركة ناشئة جديدة تقنية الذكاء الاصطناعي لتحسين كفاءة إعادة تدوير بطاريات الليثيوم، مما قد يُسهم في تنويع سلسلة توريد هذا المعدن وسط صعوبات في كسر هيمنة الصينيين على احتكار السوق.
لندن - يتزايد الطلب العالمي على الليثيوم بسرعة نتيجةً لنمو صناعة المركبات الكهربائية، حيث تُعتبر معدلات إعادة تدوير بطاريات أيونات الليثيوم الحالية منخفضةً بشكل ملحوظ مع تسارع التحول العالمي نحو الطاقة النظيفة.
وبينما تُراقب الحكومات ومن خلفها الشركات 50 مادة من هذه المواد الأساسية لتحقيق الأهداف الاقتصادية والأمنية الوطنية، هناك معدن واحد يُتصدر بوضوح سباق التسلح في منحنى الطلب وهو الليثيوم.
وترى هالي زاريمبا الكاتبة المهتمة بشؤون الطاقة والمقيمة في المكسيك، في تقرير نشرته منصة “أويل برايس” الأميركية سيشهد “الذهب الأبيض” أسرع معدل نمو بين المعادن الأساسية، مدفوعًا بشكل أساسي بإنتاج بطاريات المركبات الكهربائية وتخزين الطاقة.
وقدرت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا) في عام 2022 أن الطلب على الليثيوم لصناعة البطاريات وحدها سيرتفع عشرة أضعاف حتى عام 2030.
وكذلك، بيّن تقرير صادر عن مجلة بوبيولار مايكانيكس عام 2023 أن الاقتصاد المعتمد على الكهرباء في عام 2030 سيحتاج على الأرجح إلى ما بين 250 ألفًا و450 ألف طن من الليثيوم سنويا.
وتقول زاريمبا إن هذا “رقمٌ هائلٌ حقًا،” مشيرة إلى أنه “في عام 2021 أنتج العالم 105 أطنان فقط وليس 105 آلاف طن”. ولكن بينما يشهد الطلب العالمي على الليثيوم ارتفاعًا هائلًا، “فإننا نلقي بملايين الأطنان من الليثيوم في مكبات النفايات سنويًا.”
وتشير التقديرات إلى أن 5 في المئة فقط من بطاريات أيونات الليثيوم يُعاد تدويرها. وتعتقد زاريمبا أن سد هذه الفجوة قد يكون مفيدًا في تقليل البصمة البيئية للبطاريات.
وأظهرت دراسة أجرتها جامعة ستانفورد ونُشرت في يناير الماضي أن إعادة تدوير البطاريات، على المستوى الصناعي، أقل ضررًا بالبيئة بنسبة 58 في المئة على الأقل من استخراج الليثيوم الجديد.
وخلصت النتائج أن عملية إعادة تدوير بطاريات الليثيوم تُصدر أقل من نصف الغازات الدفيئة الناتجة عن عمليات التعدين والتكرير التقليدية، وتستهلك ربع كمية المياه والطاقة فقط.
ومن الأهمية بمكان أن تُسهم زيادة معدلات إعادة التدوير بشكل كبير في “تخفيف انعدام الأمن طويل الأمد في إمدادات المعادن الأساسية للبطاريات ماديًا وجيوسياسيًا،” وفقًا لما ذكرته شركة تك إكسبلور.
والآن، تُهيمن دولة واحدة فقط على مجموعة كبيرة من أسواق المعادن الأساسية، بما في ذلك الليثيوم، وهي الصين التي تستحوذ وحدها على 60 في المئة من هذا المعدن المُستخدم في بطاريات السيارات الكهربائية.
ونتيجة لذلك، تُصنع نسبة هائلة تصل إلى 75 في المئة من جميع البطاريات هناك. ومن شأن زيادة معدلات إعادة التدوير في دول أخرى أن تُساعد في تنويع سلاسل التوريد هذه، وخلق سوق عالمية أكثر تنافسية، وبالتالي أكثر مرونة.
وتُوظّف شركة ناشئة جديدة من هونغ كونغ الذكاء الاصطناعي لجعل إعادة تدوير بطاريات الليثيوم أكثر كفاءةً وفعاليةً وسهولةً من أي وقت مضى.
تدوير البطاريات أقل ضررا بيئيا من تعدين الليثيوم التقليدي، مما يقلص الانبعاثات ويُحافظ على المياه والطاقة
وطوّرت أخيلوس للمعادن النقية، وهي شركة ناشئة عمرها خمس سنوات، نظام إعادة تدوير محمولاً مُجهّزاً لمعالجة بطاريات الليثيوم أيون القديمة. ويُمكن نشر هذه التقنية في المراكز الحضرية، مما يجعلها حلاً مثالياً لعالمٍ يزداد تحضراً.
كما طوّرت خط إنتاج تجريبي بمساعدة الروبوت قادراً على فرز وتقطيع وتصفية المواد المرغوبة من البطاريات، وإن كان ذلك، على وجه الخصوص، لا ينطبق على بطاريات السيارات الكهربائية.
وصرح آلان وونغ يوك تشون، المؤسس المشارك والمدير الفني للشركة لصحيفة ساوث تشاينا مورنينج بوست “هدفنا هو معالجة المشكلة المتنامية لبطاريات الليثيوم أيون المهملة.”
وأوضح أن ذلك سيتم من خلال توفير إعادة تدوير قابلة للتطوير وقابلة للنقل وصديقة للبيئة في المراكز الحضرية، بدءاً من هونغ كونغ، مع خطط للتوسع إلى جنوب شرق آسيا.
وفي حين أن هذه الخطوة قد تُمثل حاسمةً نحو تنويع مصادر الليثيوم، فقد عززت الصين أيضًا قدراتها على إعادة تدوير البطاريات بشكل كبير.
وبحسب زاريمبا، فإن ذلك بات واضحا لدرجة أن المنافسة على المواد القابلة لإعادة التدوير وتحديدًا، المنتج الثانوي لنفايات البطاريات المعروف باسم الكتلة السوداء، أصبحت شرسة نوعًا ما.
وصرح شون تشنغ، المؤسس المشارك ومدير البحث والتطوير في شركة أخيلوس الناشئة، لصحيفة واشنطن بوست “يضطر مصنع زبوننا إلى التنافس على الكتلة السوداء بأسعار أعلى فأعلى.”
وأشار إلى أن أسعار المنتجات النهائية مثل كربونات الليثيوم في الانخفاض لشركة أخيلوس التي تتمتع بميزة تنافسية، مدفوعةً بالطبيعة المحمولة لتقنيتها، وسط فائض العرض.
ووفقً تقرير عن شركة أنترستينغ أنجيرينغ، تعمل أخيلوس على تغيير مسارها بتوسيع عملياتها في هونغ كونغ ومساعدة الشركات في جميع أنحاء جنوب شرق آسيا على إنشاء “مصانع صغيرة” يمكنها تحويل البطاريات المهملة إلى كتلة سوداء لتصديرها إلى الصين.
وتعليقا على ما يحصل في السوق تقول زاريمبا إنه “في النهاية، يبدو أن جميع الطرق تؤدي إلى بكين.”
وارتفعت المبيعات العالمية للسيارات الكهربائية والهجينة القابلة للشحن بنسبة 24 في المئة بنهاية مايو الماضي بمقارنة سنوية، حيث عوّضت قوة السوق الصينية تباطؤ النمو في أميركا الشمالية، وفقًا لشركة أبحاث السوق رو موشن.
وتجاوزت المبيعات في الصين مليون وحدة في شهر واحد لأول مرة هذا العام، مدفوعةً بالطلب المحلي القوي وجهود التصدير المستهدفة من الشركات المحلية، ولا سيما بي.واي.دي، التي تسعى إلى استهداف الأسواق الناشئة.
وصرح تشارلز ليستر، مدير البيانات في رو موشن بأن صادرات بي.واي.دي إلى المكسيك وجنوب شرق آسيا إلى جانب أوزبكستان، عززت المبيعات بشكل كبير في هذه المناطق.
ونقلت رويترز عنه القول “إن الحوافز في ألمانيا والنمو القوي في جنوب أوروبا ساهمت في انتعاش السوق الأوروبية، في حين أن انتهاء الدعم الكندي أثر سلبًا على الطلب في أميركا الشمالية.”
وتواجه شركات السيارات رسومًا بنسبة 25 في المئة على الواردات في الولايات المتحدة، ثاني أكبر سوق للسيارات في العالم، مما يدفع العديد منها إلى سحب توقعاتها لعام 2025.