إنكار طهران وساطة قبرص يكشف ارتباكا إيرانيا في ظل الخسائر

طهران/ نيقوسيا – نفى المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، اليوم الأحد، إرسال بلاده أي رسائل إلى إسرائيل عبر دول ثالثة، في خطوة تعكس على ما يبدو شعورا بالحرج والارتباك بعدما كشف الرئيس القبرصي، نيكوس كريستودوليديس، عن طلب طهران نقل "بعض الرسائل" إلى الدولة العبرية، في الوقت الذي تتكبد فيه الجمهورية الإسلامية خسائر كبيرة على الأرض.
وقال مكتب الرئيس القبرصي إن كريستودوليديس تحدث إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم الأحد، كما تحدث إلى قادة مصر والإمارات واليونان.
وفي وقت سابق، قال كريستودوليديس للصحفيين إن إيران طلبت من قبرص نقل "بعض الرسائل" إلى إسرائيل، لكنه لم يذكر ممن هي أو ما محتواها.
ولم يقدم المسؤولون القبارصة توضيحا بشأن طبيعة الرسائل، والتي جاءت بعد أن تحدث وزير الخارجية القبرصي إلى نظيره الإيراني مساء الجمعة.
كما عبر كريستودوليديس عن استيائه مما وصفه بالتباطؤ من الاتحاد الأوروبي في التعامل مع الأزمة المتفاقمة في الشرق الأوسط.
وقال إن قبرص، أقرب دولة عضو في الاتحاد الأوروبي إلى منطقة الشرق الأوسط، طلبت عقد اجتماع استثنائي لمجلس الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي.
وأمكن رؤية مقذوفات أطلقتها إيران باتجاه إسرائيل في السماء من مواقع مختلفة بأنحاء قبرص يومي الجمعة والسبت.
وقال كريستودوليديس للصحافيين "من غير المعقول أن يزعم الاتحاد الأوروبي دورا جيوسياسيا ويرى كل هذه التطورات ولا يعقد اجتماعا لمجلس وزراء الخارجية على أقل تقدير".
وعرضت قبرص المساعدة في إجلاء رعايا دول أخرى من المنطقة ودعت جميع الأطراف إلى الامتناع عن أي أعمال قد تؤدي لتصعيد الصراع.
في سياق متصل، قال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية لصحيفة واشنطن بوست السبت "نحن لا نزال ملتزمين بالمفاوضات ونأمل أن يجلس الإيرانيون إلى طاولة المفاوضات قريبا".
وفي المقابل، تواصلت إيران مع سلطنة عمان وقطر، طالبة منهما التوسط لدى واشنطن في محاولة لوقف الضربات الإسرائيلية المستمرة واستئناف المحادثات النووية، بحسب ما ذكره مصدر مطلع على الأمر لصحيفة جيروزالم بوست.
وأضاف المصدر أن السعودية تعمل في الوقت نفسه خلف الكواليس على تعزيز إطار لوقف إطلاق النار بهدف استئناف المحادثات.
وتأتي هذه الجهود الإيرانية في ظل رسائل واضحة من واشنطن، مفادها أن القبول الإيراني الكامل للمقترح الأميركي، الذي يتضمن وقفاً كاملاً لتخصيب اليورانيوم، هو وحده الذي سيؤدي إلى إنهاء العمليات العسكرية الإسرائيلية.
وفي منشور له على منصة "تروث سوشيال"، أكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن الولايات المتحدة لا علاقة لها بالهجوم الجاري على إيران، مشيرًا إلى إمكانية التوصل بسهولة إلى اتفاق بين إيران وإسرائيل لإنهاء "هذا الصراع الدموي!".
إلا أن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني صرح ليلا بأن "ما دام النظام الصهيوني يواصل هجماته على الأمة الإيرانية، فإن المشاركة في المحادثات مع أكبر داعميه وشريكه (الولايات المتحدة) لا معنى لها".
وفي إسرائيل، يأمل المسؤولون أن يؤدي رفض إيران للمقترح الأميركي في نهاية المطاف إلى انضمام واشنطن إلى الحملة العسكرية الإسرائيلية، وفقًا لمسؤول إسرائيلي كبير تحدث لصحيفة "واشنطن بوست".
وبدأت إسرائيل فجر الجمعة هجوما واسع النطاق طال خصوصا مواقع عسكرية ونووية في إيران التي ردت منذ ليل اليوم ذاته، بضربات صاروخية على الدولة العبرية.
وتوعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأحد بأن إيران ستدفع "ثمنا باهظا جدا" بعد مقتل مدنيين إسرائيليين في ضربات صاروخية نفذتها الجمهورية الإسلامية ليل السبت الأحد، ردا على الضربات التي بدأتها الدولة العبرية ضد أراضيها الجمعة.
وقال نتنياهو خلال تفقده موقع سقوط صاروخ على مبنى سكني في بلدة بات يام قرب تل أبيب "إيران ستدفع ثمنا باهظا جدا على قتل المدنيين والنساء والأطفال المتعمد".
وأسفرت الضربات الإيرانية منذ الجمعة الى مقتل 13 شخصا بينهم ثلاثة أطفال، بحسب مكتب رئيس الوزراء.
في المقابل، أسفرت الهجمات الإسرائيلية عن سقوط 78 قتيلا وأكثر من 320 جريحا، بحسب ما قال سفير الجمهورية الإسلامية لدى الأمم المتحدة أمير إيرواني الجمعة، بينهم قادة عسكريون وعلماء نوويون ومدنيون.
وبدوره، لوح وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس بسيناريو مشابه لما جرى في بيروت، بإشارة إلى الغارات الإسرائيلية العنيفة على الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية العام الماضي والتي حولتها إلى ركام. وأكد كاتس أن الجيش سيستهدف المواقع النووية في طهران وغيرها.
كما اعتبر في بيان أن المرشد الإيراني علي خامنئي الذي وصفه بـ "الديكتاتور"، " يحول طهران إلى بيروت ويحول سكانها إلى رهائن من أجل بقاء نظامه".
في المقابل، هدد الجيش الإيراني بمواصلة الرد على الغارات الإسرائيلية. وتوعد الحرس الثوري برد قاس "سيجعل إسرائيل تندم على اعتدائها"، وفق تعبيره.
وكان الحرس الثوري أعلن في وقت سابق أنه استخدم الصاروخ البالستي الموجه التكتيكي ذا الوقود الصلب "الحاج قاسم"، في استهداف "بات يام".
في حين أكد الجانب الإسرائيلي أن لديه قائمة طويلة من الأهداف الإيرانية لضربها.
في ظل هذا التصعيد، أعلنت الحكومة الإيرانية الأحد أن المساجد ومحطات المترو والمدارس سيتم استخدامها اعتبارًا من مساء الأحد كملاجئ من القصف الإسرائيلي المتواصل، في إشارة إلى حالة التأهب القصوى.
وقالت المتحدثة باسم الحكومة فاطمة مهاجراني عبر التلفزيون الرسمي إن "المساجد هي من ضمن الملاجئ المتوافرة للشعب، وسيتم تجهيز محطات المترو الليلة وفتحها للاستخدام"، مشيرة الى أن المدارس هي أيضا "أماكن آمنة".