تحطم طائرة الخطوط الهندية اختبار جديد لقيادة بوينغ

يبدو أن حادث تحطم طائرة الخطوط الجوية الهندية سيُورّط بوينغ في المزيد من العناوين السلبية، في وقتٍ أظهرت فيه شركة تصنيع الطائرات الأميركية العملاقة تقدمًا في ظلّ قيادتها الجديدة، والتي ستكون الآن في اختبار صعب لتخطي هذه المشكلة.
سياتل (الولايات المتحدة) - عادت القيادة في شركة بوينغ الأميركية إلى حالة الأزمة في أعقاب الحادث المميت لطائرة تابعة للخطوط الجوية الهندية (أير إنديا) بعد دقائق من إقلاعها.
وانخفضت أسهم بيونغ بنحو 5 في المئة الخميس، بعد تحطم طائرة من طراز 787 – 8 دريملاينر كانت متجهة إلى لندن من مدينة أحمد آباد الهندية، مما أسفر عن مقتل جميع ركابها البالغ عددهم 242 شخصًا تقريبًا، في أسوأ كارثة طيران في العالم منذ عقد.
وتأتي الكارثة، وهي أول حادث لهذا الطراز قبيل اجتماع الرئيس التنفيذي الجديد كيلي أورتبرغ وقادة قطاع الطيران في مطار لو بورجيه لحضور معرض باريس الجوي الأسبوع المقبل.
وكان من المقرر أن يتوجه أورتبرغ إلى المعرض، أكبر حدث في صناعة الطيران هذا العام إثر إنجازات حققها وبعد شهر حافل شهد أكثر من 300 طلب جديد وزيادة في إنتاج 737، ضمن سعيه لاستعادة الثقة بعد سلسلة من أزمات السلامة والإنتاج.
لكنه ألغى خطته مع ستيفاني بوب رئيسة قسم الطائرات التجارية، للتركيز على التحقيق في حادث طرازها الأكثر تطورا.
وكتب أورتبرغ في رسالة إلى الموظفين اطلعت عليها رويترز “بينما يستعد قطاعنا لبدء معرض باريس الجوي، ألغينا أنا وستيفاني (بوب) خطط الحضور لنكون مع فريقنا، ونركز على عملائنا والتحقيق.”
وكان يتوقع خبراء أن يركز المعرض على تكيف القطاع مع التوترات التجارية، وأحدث التقنيات المتطورة، وتوقعات أي تحسن في سلسلة التوريد التي أبطأت عمليات التسليم من بوينغ ومنافستها أيرباص.
لكن من المؤكد أن حادثة التحطم ستُشكل أيضًا موضوعًا رئيسيًا للنقاش، بالإضافة إلى كونها مصدرًا للتكهنات والهدوء.
وقال نيكولاس أوينز المحلل في مورنينغستار لفرانس برس “قد تكون هناك فرضية أو اثنتان حول ما حدث، سيتحدث عنها المشاركون في المعرض والجمهور.”
والوقت وحده كفيل بتوضيح تأثير الحادث على بوينغ، لكن أوينز لا يزال يتوقع أن تحصل الشركة على طلبات إضافية لطائرات 787 الأسبوع المقبل في باريس. واستبعد أن يستنتج الناس أنها مشكلة منهجية في المحرك أو الطائرة.
وكان محققون بريطانيون وأميركيون في طريقهم إلى غرب الهند لإجراء تحقيق قد يشمل مراجعة بيانات الرحلة وسجلات الصيانة وخلفية الطاقم. وقالت إدارة الطيران الفيدرالية الأميركية “عندما يقع حادث دولي، تقود تلك الحكومة التحقيق.”
وتم تسليم الطائرة المنكوبة إلى أير إنديا في 2014، وبلغت مدة طيرانها أكثر من 41 ألف ساعة، وفقًا لشركة الاستشارات سيريوم.
وهذا يجعل المأساة مختلفة عن حادثي تحطم طائرتي 737 ماكس المميتتين في عامي 2018 و2019، واللتين شملتا طائرات سلمتها بوينغ مؤخرًا لشركات الطيران.
وكان العامل الرئيسي في حادثي ماكس هو نظام تعزيز خصائص المناورة، وهو برنامج مناولة طيران تعطل بشكل خطير، مما يشير إلى عيوب في التصميم.
ودفعت حوادث تحطم طائرات ماكس بوينغ إلى حالة من الركود استمرت لسنوات، وامتدت بسبب مشاكل جديدة في السلامة في أوائل عام 2024. وقد أعلنت عن خسائر سنوية خلال السنوات الست الماضية.
ومنذ إدخال طائرة دريملاينر إلى الخدمة عام 2011، اضطرت بوينغ إلى إجراء بعض التعديلات، ويرجع ذلك إلى عيوب في التجميع ومشاكل في جودة التصنيع.
كما خضعت الطائرة للتدقيق في جلسة استماع بمجلس الشيوخ الأميركي في أبريل 2024، والتي انتقد فيها مُبلّغ عن المخالفات شهد بأنه مُنع من المشاركة بعد إبلاغه عن عيوب تصنيع خطيرة في طائرتي 787 و777.
وقالت محامية المُبلغ ليزا بانكس “يجب على إدارة الطيران الفيدرالية طمأنة الجمهور بأن طائرة بوينغ 787 آمنة.”
وأضافت “في حين أن الأمر قد يستغرق شهورًا أو سنوات لتحديد سبب تحطم طائرة الخطوط الهندية المأساوي، فإننا نعلم أن هناك تقريرًا مهمًا موجودًا على مكتب في إدارة الطيران الفيدرالية حول طائرة 787 والذي يحتاج إلى أن يصبح علنيًا.”
وأواخر مايو، صرّح أورتبرغ في مؤتمر مالي بأن الموافقة الأخيرة من سلطات الطيران الأميركية على السماح بزيادة إنتاج طائرات 787 كانت “إنجازًا هامًا” في عودة الشركة.
وحظي أورتبرغ، الذي انتقل إلى سياتل ليكون أقرب إلى عمليات التصنيع الرئيسية، بإشادة واسعة من مراقبي الطيران منذ انضمامه في أغسطس 2024، حيث قاد بوينغ خلال إضراب عمالي، وانضم إلى وفد الرئيس دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط.
ويعتقد ريتشارد أبوالعافية، المدير الإداري لشركة الاستشارات أيروديناميك أدفيسوري أنه لا يوجد ما يشير إلى وجود عيب في تصميم طائرة 787. وقال عن رد فعل سوق الأسهم “هناك خوف لا مفر منه.”
وأضاف “إنها مأساة، لكن من غير المرجح أن تؤثر على انطباعات الناس عن طائرة 787، فلا يوجد شيء معروف حتى الآن، وسجلها ممتاز.”
لكن موقع بريفينغ دوت كوم اعتبر الحادث بأنه “ضربة قوية أخرى لسمعة بوينغ في ظل المنافسة الشرسة مع أيرباص، التي تفوقت في طلبات الطائرات خلال السنوات الخمس الماضية.”
وأوضح أن تحكم طائرة 787 دريملاينر قد تؤدي إلى تآكل ثقة المستثمرين والزبائن في قدرة بوينغ على تسليم طائرات آمنة وموثوقة.
وفي الشهر الماضي، وضع استطلاع أكسيوس هاريس، الذي شمل 100 علامة تجارية معروفة من حيث السمعة، بوينغ في المرتبة 88، وهو نفس المركز الذي كانت عليه في عام 2024.
وصرح جون نانس، خبير سلامة الطيران والطيار التجاري السابق، بأن التحدي الأكبر أمام بوينغ يتمثل في توعية الناس بأنه رغم تحطم طائرة صنعتها، فمن المستبعد أن تكون مسؤولة عن الحادث. وقال إن “محققي الحوادث سيدرسون جميع الاحتمالات، بالطبع.”
ومع استمرار تذبذب صورة الشركة المصنعة للطائرات، سيقع على عاتق مسؤولي بوينغ التنفيذيين مهمة معالجة هذا الأمر.
وقال بول تشارلز، الرئيس التنفيذي لشركة استشارات السفر فاخر بي.سي إيجنسي، مقرها لندن، “ستكون مشاكل الإنتاج السابقة في بوينغ حاضرة بقوة في أذهان الناس حاليا، ومن الضروري أن تكون القيادة الجديدة نسبيًا في بوينغ واضحة المعالم في الأيام القادمة.”