يوم الصحافي المصري مناسبة للمطالبة بتحسين أوضاع الصحافيين

القاهرة - تصاعد الجدل وسط الصحافيين في مصر حول أوضاعهم المهنية في ظل مشكلات اقتصادية تعانيها مؤسسات وصحف يعملون بها، ما دفع نقيب الصحافيين خالد البلشي للقول إن يوليو المقبل سيكون للدفاع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، في وقت تزايدت فيه وتيرة الانتقادات الموجهة له بسبب عدم إقرار زيادة بدل التدريب والتكنولوجيا الذي تصرفه الحكومة المصرية شهريا للصحافيين.
وتحول احتفاء نقابة الصحافيين بالعيد السنوي للصحافيين المصريين، في العاشر من يونيو، إلى جدل حول الأولويات النقابية، وما إذا كان من المفيد تصعيد قضايا نقابية لها علاقة بالحريات العامة وتحسين مناخ عمل الصحافيين، بما يتطلب الدخول في سجالات مع الحكومة، أم التركيز على الحقوق الاقتصادية ممثلة في زيادة الرواتب والضغط لإعلان قيمة زيادة بدل التدريب، أسوة بباقي القطاعات الحكومية، التي تبدأ برفع الحد الأدنى للأجور، تزامنا مع حلول السنة المالية الجديدة أول يوليو المقبل.
وفي كل عام تحتفي نقابة الصحافيين بيوم الصحافي المصري، ويتزامن مع انتفاضة الجمعية العمومية للنقابة ضد قانون العام 1993 وعرف بقانون “اغتيال الصحافة”، وهدف إلى تحويل النقابة إلى ناد اجتماعي.
وبعد أكثر من ثلاثة عقود تغير الواقع، فاحتياجات الصحافيين واهتماماتهم طرأت عليها تغيرات، وتراجعت مهنة الصحافة في المجتمع، ما دفع إلى أن يصبح الهدف هو تحسين وضع المهنة على المستوى الاقتصادي ثم النظر في قضايا الحريات العامة التي بحاجة إلى فترات طويلة لتحقيقها، وترتبط بأوضاع سياسية وأمنية تمر بها الدولة المصرية حاليا، مع اشتعال الاضطرابات على حدودها، بما جعل الدخول في صراع مع الحكومة أمرا غير متفق عليه.
ومنذ انتخابات التجديد النصفي لنقابة الصحافيين التي أجريت في مايو الماضي، وأفضت إلى استمرار البلشي نقيبا لفترة ثانية وهو محسوب على المعارضة، وتزايدت الضغوط عليه للاتجاه إلى تسريع زيادة البدل الحكومي المقدم للصحافيين.
ولم تفصح الحكومة عن الزيادة المتوقعة حتى الآن، في إشارة إلى عدم رضاها عما آلت إليه الانتخابات مع خسارة مرشحها، عضو المجلس الأعلى للإعلام عبدالمحسن سلامة، والذي قدم وعودا بزيادة قيمتها 30 في المئة من قيمة البدل (نحو 80 دولار).
وقال رئيس لجنة حرية الصحافة (حقوقية) بشير العدل إن تحسين الأوضاع المادية على رأس أولويات الصحافيين، وهو ما وظف في الانتخابات الأخيرة. ومع عدم الإفصاح عن الزيادة الجديدة عقب الانتخابات مثلما هو الوضع سابقا، بدأت الشكوك تتزايد لدى قطاعات من الصحافيين بشكل انعكس في الضغط على نقيبهم، واشتعلت حرب البيانات بين مؤيدي الحكومة ومعارضيها مرة أخرى.
وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن ما يساهم في الوضع الحالي أن معدلات البطالة بين الصحافيين المقيدين بجداول النقابة في تصاعد، وحسب الأرقام الرسمية هناك ألف صحافي بلا عمل، وتوجد بطالة مقنعة، حيث يعمل بعض الصحافيين في مواقع لا تمنحهم رواتب وتكتفي بما تقدمه الحكومة من خلال النقابة، والتي فقدت القدرة على الضغط لتطبيق الحد الأدنى للأجور، وقدره 138 دولارا بداية من يوليو المقبل.
وأشار إلى أن إحباط الصحافيين من عدم قيام نقابتهم بدورها على مستوى تطوير العمل المهني والمساهمة في ضبط الأداء الإعلامي، جعل التركيز ينصب على العوائد المالية التي تقدمها، وهناك سوء تقدير نقيب الصحافيين للعلاقة مع الحكومة منذ أن حقق نجاحا مريحا للمرة الثانية، وحديثه عن تنبي حملة لتعديل المادة رقم (12) من قانون تنظيم الإعلام بدا كمن يبحث عن مسار بعيد عن الطرق الشرعية في التواصل مع الحكومة، والضغط عليها الذي لا يأتي بنتائج إيجابية في ملفات مختلفة.
وأوضح خالد البلشي في تدوينة على فيسبوك بمناسبة يوم الصحافي المصري “سوف نخصص الشهر المقبل للدفاع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للصحافيين ووضع خارطة طريق لتحقيق توصيات المؤتمر العام السادس للنقابة في ما يتعلق بالحقوق الاقتصادية، لتكن البداية بالسعي لإنجاز الوعود الحكومية بزيادة الرواتب، وإقرار الحد الأدنى للأجور لجميع الصحافيين، مع مراعاة التدرج الوظيفي، وإقرار زيادة بدل التدريب والتكنولوجيا بشكل دوري بعيدًا عن الانتخابات.”
وأكد أنه لا ينسى مطالب الصحافيين المرتبطة بالحريات، وفي مقدمتها إطلاق سراح جميع الصحافيين المعتقلين، وإصدار قانون للعفو الشامل عن سجناء الرأي مع الانضمام للمطالبات بإطلاق سراح كل المواطنين المحبوسين بسبب دعمهم للقضية الفلسطينية، ورفع الحجب عن المواقع التي حجبت في السنوات الماضية، وإصدار قانون حرية تداول المعلومات وتعديل المادة (12) من قانون تنظيم الصحافة والإعلام وحذف الفقرة الخاصة بتصاريح التغطية في الأماكن العامة، ومراجعة القيود المفروضة على حرية إصدار الصحف.
وبات يوم الصحافي المصري رسالة للحكومة بأن الصحافيين يعانون من وراء سوء الأوضاع الاقتصادية والمهنية، غير أن تأثير ذلك محدود، بخاصة وأن كثيرا من المبادرات التي تبنتها النقابة خلال الفترة الماضية لم تحقق نتائج ملموسة.
وعلاوة على ذلك تعديلات النقابة على قوانين تنظيم الإعلام لم يتم الأخذ بها، وهو ما يجعل الحكومة تبعث رسائل مباشرة حول تأخير الإعلان عن قيمة زيادة البدل وترك الوضع الحالي يخضع للضبابية بصورة كبيرة، بما فسر أنها تعاقب الصحافيين لاختيارهم نقيبا من المعارضة، وتفشيل مرشح الحكومة وسقوطه بشكل مريع.
وذكر شيخ رسامي الكاريكاتير في مصر نبيل صادق لـ”العرب” أن قدرة أي نقيب على التأثير والضغط لتحقيق مكاسب خدمية للصحافيين تنطلق من قوة الصحافة وتأثيرها في المجتمع، وقاد تراجع ذلك في السنوات الماضية إلى الوضع الراهن، وأن يتحول بدل التدريب والتكنولوجيا إلى رشوة مقنعة كي ينجح مرشح الحكومة في الانتخابات، وهو ابتكار سيء، لكنه طبيعي في ظل تراجع حرية الصحافة.
وأشار إلى أن المؤسسات الصحافية القومية تحقق خسائر مستمرة وتتدخل الحكومة لدعمها، ما يحد من قدرات نقابة الصحافيين، وينعكس سلبا على أوضاع أعضائها المادية، وأصبحت المواقع الإلكترونية التابعة لصحف خاصة خارج السيطرة ولا توجد آليات محددة تجبر أصحابها على تحسين الوضع الاقتصادي للعاملين بها، وغالبا يجري تأسيسها عبر صفقات مشبوهة لتلميع رجال الأعمال ولا تهدف إلى تقديم خدمات مجتمعية أو إخبارية.
ولفت إلى وضع الصحافة، وأنه يجب قياسه بمرتبة مصر في مؤشر حرية الصحافة حول العالم، ومع التواجد في المراكز الأخيرة، من الطبيعي أن ينعكس ذلك على حال الصحافيين، وسوف يقود إلى المزيد من الجدل حول الأولويات بين مجموعات تبحث عن قوت يومها وأخرى لديها إيمان صادق بحرية الصحافة.