مصر تسعى لتشجيع السياحة الريفية والترويج للحرف التراثية

محافظة قنا تدخل الخارطة السياحية من بوابة معبد دندرة الأثري، وتشجيع إقامة الفنادق البيئية والمطاعم الريفية.
السبت 2025/06/14
أحد أجمل المعابد المصرية القديمة

تسعى سلطات محافظة قنا في صعيد مصر لوضع اسمها على الخارطة السياحية بالبلاد من بوابة معبد دندرة الأثري، وعبر تشجيع إقامة الفنادق البيئية، والترويج للحرف والصناعات التراثية التي تتفرّد بها المحافظة التي تضم بين جنباتها عددا من المعالم الأثرية الفرعونية والقبطية والإسلامية.

وقد اختارت معبد دندرة الأثري ليكون هو البوابة التي تدخل منها المدينة إلى قائمة المدن السياحية وتحتل موقعا لها على خارطة السياحة المصرية.

ويعد معبد دندرة أحد أجمل المعابد المصرية القديمة، وقد كُرّس لعبادة الربة حتحور، وتؤكد المصادر التاريخية وكتب علماء المصريات أنه معبد يضرب بجذوره في أعماق التاريخ، وأن رسم المعبد أوحت به مستندات بالغة القدم يرجع تاريخها إلى عصر الملكين خوفو، وبيبي الأول، بل وحتى إلى أزمنة أتباع حورس القديمة.

أماني الشعولي: السياحة الريفية هي أحد المستهدفات المُهمة لجذب المزيد من السياح

وقال خالد عبدالحليم محافظ قنا خلال لقائه بعدد من الخبراء وصُنّاع السياحة في إطار التحضيرات الجارية لوضع المدينة على الخارطة السياحية، إن جهودا تُبذل لتحتل المحافظة التاريخية مكانتها التي تليق بتاريخها وما تضمه من معالم وما تُعرف به من حرف وصناعات تقليدية توارثها الناس عن الأجداد والآباء.

وكشف عبدالحليم عن السعى لتشجيع إقامة الفنادق البيئية والمطاعم الريفية، وتحويل المنازل المقامة قرب معبد دندرة، والتي بُنيت بمواد من البيئة المحيطة مثل الطوب اللبن وجذوع وجريد النخيل، إلى منشآت سياحية ريفية مثل المطاعم والفنادق البيئية الصغيرة، إضافة إلى إحياء الحرف والصناعات الشعبية التي تتميّز بها المنطقة مثل الصناعات المرتبطة بزراعات الموز وأوراقه وجذوعه، وتوظيف كل ذلك في جذب الزوّار للمنطقة، وتشجيعهم على الإقامة السياحية بالمحافظة التي تقتصر الحركة السياحية بها حاليا على استقبال زوّار معبد دندرة من السياح القادمين من محافظة الأقصر.

ولفت إلى أنه يجري العمل لتهيئة البيئة المحيطة بمعبد دندرة لاستقبال واستضافة السياح للإقامة والتجوال بين المناطق الريفية، وتشجيعهم على البقاء في قنا لعدة ليال بما يمكنهم من زيارة معالم المحافظة، والاطلاع على حرفها وصناعاتها التراثية، بجانب تهيئة المنطقة عمرانيا، وتطوير الطرق المؤدية إليها، إضافة إلى توفير الإعتمادات المالية اللازمة لتطوير مرسى معبد دندرة الواقع على الضفة الغربية من نهر النيل الخالد، بما يمكن البواخر السياحية والفنادق العائمة من الرسو أمام المعبد.

ونوّه بأن السعي لتتشجيع السياحة الريفية من خلال إقامة فنادق بيئية ومطاعم ريفية، وتوظيف الحرف والصناعات القديمة في جذب السياح، يتم عبر شراكات مع القطاع السياحي، والتنسيق مع وزارة السياحة والآثار ومختلف الجهات المعنية، وأشار إلى أنهم يضعون أمام أعينهم تلك التجارب الناجحة لجذب السياح عبر السياحة الريفية والفنادق البيئية والمطاعم التي تقدم الوجبات الشعبية المصرية، يضعون نصب أعينهم تلك التجارب الناجحة في هذا المجال بمناطق مصرية عدة منها قرية غرب سهيل في أسوان، وقرية تونس في الفيوم، والقُرْنة في الأقصر.

ومن جانبها، قالت البرلمانية أماني الشعولي، أمين سر لجنة السياحة والطيران بمجلس النواب المصري، إن السياحة الريفية هي أحد المستهدفات المُهمة لجذب المزيد من السياح، ويأتي العمل على تشجيعها ضمن خطط تنويع المنتج السياحي ببلادها، وأشارت إلى وجود تنسيق لتسيير رحلات يومية للبواخر السياحية من مدينة الأقصر إلى المرسى النيلي لمعبد دندرة، بجانب إطلاق برنامج لتدريب السكان المحليين في المنطقة المحيطة بمعبد دندرة على نظم الفندقة والأعمال السياحية، وذلك بالتعاون مع الغرفة المصرية للفنادق.

خالد عبدالحليم: يجري العمل لتهيئة البيئة المحيطة بمعبد دندرة لاستقبال واستضافة السياح

وفيما اعتبر رئيس غرفة وكالات وشركات السفر والسياحة في محافظة الأقصر ثروت عجمي أن معبد دندرة والمنطقة المحيطة به بمثابة كنز مصري لم يُستغل بعد، قال محمد خطاب، المدير العام بمجموعة ترافكو المصرية للسياحة، إن السياحة الريفية مهمة ويسعون لتنميتها ووضعها ضمن البرامج السياحية في مجموعة ترافكو.

يُذكر أن معبد دندرة الأثري، الذي تسعى سلطات محافظة قنا لتوظيف المنطقة المحيطة به لجذب وتشجيع السياحة الريفية، بما يُمكن المحافظة من احتلال موقعها على الخارطة السياحية المصرية، هو أحد المعابد التي احتفظت بمعالمها وألوانها ونقوشها منذ تشييده في العصور القديمة وحتى اليوم، ويشهد المعبد حفائر أثرية للكشف عن المزيد من أسراره وكنوزه، بجانب تواصل أعمال الحماية والترميم لمعالمه ونقوشه وألوانه.

وكما تدلنا المصادر الأثرية، فإنه توجد قرب سور المعبد جبانة قديمة تؤكد قدم المنطقة وطقوس عبادتها.

وتشير مؤلفات علماء المصريات إلى أن العمل في تشييد معبد دندرة بدأ في أواخر عهد البطالمة، وانتهى في العهد الروماني، وهو مكرّس لعبادة حتحور ربة السماء وسيدة السعادة، حيث تجسد الأعمدة الـ24 المقامة في البهو المسقوف رموز تلك الربة.

وقد تجلّت الربة حتحور في أبهى صورها على جدران ونقوش معبد دندرة، حيث تبدّت في صور عديدة باعتباها ربة للسعادة والموسيقى والرقص، وظهرت كامرأة شابة مرحة وباسمة بجانب صورتها كربة عامة.

وقد اشتهر المعبد بما يكتنف معالمه من سحر وغموض، مثل الغرف السرية الـ32، التي بُنيت في داخل جدران المعبد وحوائطه، وهي ضيقة ويصعب الوصول إليها، وإن كانت تلك الغرف السرية موجودة في بقية المعابد المصرية القديمة، إلا أنها تتفرّد في معبد دندرة بأنها غرف مزخرفة.

وفيما لا يزال الهدف من بناء تلك الغرف سرا غامضا، إلا أن بعض الآثاريين يرون أنها غرف كانت مقامة كمخازن لأثمن الأدوات المستخدمة في الطقوس الدينية.

وهناك محراب مكشوف فوق السطح حيث كانوا يقيمون احتفال الاتحاد بقرص الشمس في عيد رأس السنة. وقد بنيت الحجرات السفلية التي تتم فيها استعدادات الحفل لإعادة مولد أوزيريس، وكانت بأحد هذه المحاريب التي فوق السطح خارطة للسماء والنجوم وأبراجها.

16