تونس ترصد نموا في حصيلة إيرادات الجمارك خلال 2025

الحكومة التونسية تواجه تحديات كثيرة في طريق تحصيل أكبر قدر ممكن من أموال الضرائب خلال العام الجاري.
الجمعة 2025/06/13
تدقيق شامل لكل شاردة وواردة

تونس - كشفت وثيقة رسمية أصدرتها وزارة المالية التونسية حول متابعة تنفيذ الميزانية العامة للدولة أن حصيلة إيرادات الجمارك نمت خلال الربع الأول من العام الجاري بواقع 22 في المئة على أساس سنوي لتبلغ 548.1 مليون دينار (181.2 مليون دولار).

وبحسب البيانات التي أوردتها وكالة الأنباء التونسية الرسمية الخميس، فإن الحصيلة لا تتجاوز 2.7 في المئة من قيمة الواردات في الفترة بين يناير ومارس الماضيين والتي بلغت نحو 6.73 مليار دولار.

وتواجه الحكومة تحديات كثيرة في طريق تحصيل أكبر قدر ممكن من أموال الضرائب خلال العام الجاري لكي تتمكن من إدارة أزمة اقتصادية خانقة وسداد التزاماتها من الديون الخارجية وفوائدها.

وبحسب وثيقة النتائج الأولية لتنفيذ ميزانية الدولة حتى مارس 2025، فإن الرسم الجمركية تشكل 8.7 في المئة إجمالي الضرائب غير المباشرة والتي ناهزت حتى نهاية مارس نحو 2.08 مليار دولار بزيادة قدرها 5.7 في المئة على أساس سنوي.

وبشكل أشمل، أي باحتساب الضرائب المباشرة، والتي تقدر بنحو 1.61 مليار دولار، فإن نسبة الرسوم الجمركية من إجمالي هذه الضرائب لا يتعدى 4.9 في المئة.

181.2

مليون دولار عوائد جمركية خلال الربع الأول من 2025 بنمو 22 في المئة بمقارنة سنوية

وتشير بيانات وزارة المالية إلى أن الجزء الأهم من الضرائب غير المباشرة، في الربع الأول، يتأتى من ضريبة القيمة المضافة بما يعادل 902 ملايين دولار.

في المقابل تمثل الضرائب والرسوم المختلفة المورد الثاني للضرائب غير المباشرة، إذ وصلت قيمتها مع نهاية مارس إلى 702 ملايين دولار.

وسجلت الميزانية خلال الربع الأول فائضا ماليا بقيمة 661.25 مليون دولار، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 74 في المئة بمقارنة سنوية، وفق وزارة المالية.

ويفسّر هذا التحسّن بنمو موارد الميزانية بنسبة 3.9 في المئة لتبلغ نحو 4.13 مليار دولار تبعا لنمو الإيرادات الجبائية بنسبة 7.7 في المئة لتصل إلى نحو 3.7 مليار دولار، والإيرادات غير الضريبية بنسبة اثنين في المئة لتبلغ 400 ألف دولار تقريبا.

وتتطلع الحكومة إلى تحصيل 9.7 مليار دولار خلال العام الحالي من الجباية لوقف دوامة العجز العام. ومن هذا المجموع ينبغي أن تجني قرابة 22 مليار دينار (7.1 مليار دولار) من الشركات، ولاسيما الصغيرة والمتوسطة.

وزادت السلطات منسوب الضرائب الموظفة على الموظفين أصحاب الدخل العالي وعلى الشركات، وتم إقرار فرض الضرائب على الشركات التي يفوق رقم معاملتها السنوي نحو 3.3 مليون دولار من 15 إلى 20 في المئة.

في المقابل تم خفض الضرائب على أصحاب الدخل الضعيف، وهو ما يعني أنها راعت ظروف شريحة واسعة من الناس الذين يعانون منذ اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية مطلع 2022 من ضغوط معيشية حادة بسبب ارتفاع التضخم.

ويبقى الجزء الأهم من المداخيل الضريبية الذي ستجنيه الحكومة من الضريبة غير المباشرة، وكذلك الضرائب على الدخل، والتي يتم اقتطاعها من رواتب أكثر من 700 ألف موظف في القطاع العام ونحو 1.5 مليون موظف في القطاع الخاص.

وهذه الزيادات ستكون للعام الرابع على التوالي منذ تخفيفها في عامي 2019 و2020، فقد سبّبت التدابير الجبائية في ميزانية هذا العام ارتفاع الضغط الضريبي إلى 25.4 في المئة مقارنة مع 24.4 في المئة عام 2021.

وعملت الحكومات المتعاقبة في السنوات الأخيرة على إضافة ضرائب جديدة وزيادة نسب ضريبية كانت سائدة، لدعم المالية العامة أمام ضعف مؤشرات النمو وتفاقم العجز التجاري والانحدار المستمر للدينار.

ومنذ العام 2017 تسعى تونس لتحصيل عائدات أكبر من خلال إقرار زيادة نسبة الرسوم الجمركية على الاستهلاك الموظف على بعض المنتجات التي تشمل المشروبات الكحولية والتبغ والسيارات وبعض المنتوجات الأخرى تصل إلى 25 في المئة.

الضرائب والرسوم المختلفة تمثلان المورد الثاني للضرائب غير المباشرة إذ وصلت قيمتها مع نهاية مارس إلى 702 ملايين دولار

وتؤكد التصنيفات الدولية والإقليمية أن تونس تأتي في صدارة دول شمال أفريقيا والشرق الأوسط في الأعباء الضريبية إلى جانب كلّ من الجزائر وموريتانيا وجيبوتي، الأمر الذي يثير التساؤلات حول مآل تلك الأموال.

وعلى سبيل المثال، تظهر بيانات صندوق النقد العربي أرقاما صادمة للوضع في البلاد، حيث تشكل الأعباء الضريبية على الأفراد والشركات في المتوسط نحو 20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لكن آثارها لا تنعكس واقعيا على البنية التحتية والخدمات.

وتحاول الحكومة إعطاء نفس جديد لاقتصاد البلاد المتعثر بالتركيز على محاصرة عمليات التهريب باعتباره أحد أوجه الفساد، وتوفير فرص عمل للشباب.

ويقر المسؤولون بأن المضي في بناء الاقتصاد والتخفيف من العبء الثقيل للتحديات رهين إرادة حاسمة في اقتلاع الفساد من جذوره لضمان أسس اقتصادية على قواعد مستدامة تساهم في إخراج البلاد من أزماتها العميقة.

وتحمّل أوساط اقتصادية الحكومات المتعاقبة مسؤولية استفحال التهريب والغش والفساد، نظرا إلى انشغالها بمصالح شخصيات معيّنة مرتبطة بأطراف نافذة على علاقة بشبكات التهريب.

وتقول إن عدم توفر نظام معلوماتي متطور ظل لسنوات يمثل أحد عوائق تطوير النظام الجمركي، رغم الإشادة بجهود موظفي الجمارك في مكافحة ظاهرتي الفساد والتهريب اللتين أرهقتا البلاد اقتصاديا.

ورغم الاضطرابات التي شهدتها البلاد تمكّنت الجمارك على مدار السنوات من إحباط عدد من عمليات التهريب، غير أنها لم تفض إلى نتيجة إيجابية بالنظر إلى امتلاء الأسواق بالسلع المهربة التي لا تجد صعوبة في اقتحام الأسواق التونسية عبر حدود البلد.

10