مفاوضات إسرائيلية-سورية وشيكة برعاية واشنطن والجولان على الطاولة

واشنطن - كشف موقع "أكسيوس" الإخباري عن أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد عبّر خلال لقائه مع سفير واشنطن لدى أنقرة والمبعوث الخاص إلى سوريا توم باراك عن رغبته في بدء مفاوضات مع الإدارة السورية الجديدة، طالبا وساطة الولايات المتحدة في هذا المسار.
وتأتي هذه الخطوة في أعقاب تغيير جذري في المشهد السوري، حيث أطاح الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع، الذي كان يقود سابقا هيئة تحرير الشام، بنظام الرئيس السابق بشار الأسد.
وردت إسرائيل على هذا التغيير بموجات من الغارات الجوية التي دمرت بشكل منهجي ما تبقى من القوات الجوية والبحرية والدفاع الجوي وأنظمة الصواريخ السورية، وسيطرت على المنطقة العازلة بين البلدين والأراضي المحتلة داخل سوريا.
وشعرت حكومة نتنياهو بقلق بالغ إزاء الحكومة السورية الجديدة المدعومة من تركيا، وضغطت على إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتوخي الحذر في تعاملها معها.
وصُدم الإسرائيليون عندما التقى ترامب بالشرع الشهر الماضي في السعودية وأعلن رفع جميع العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا.
وعلى الرغم من مخاوفهم بشأن الشرع، يرى المسؤولون الإسرائيليون أيضًا أن الوضع المتطور، وخاصة خروج إيران وحزب الله من سوريا، يمثل فرصة لتحقيق انفراجة.
كما أدى التحول الجذري للولايات المتحدة تجاه الحكومة السورية الجديدة إلى تحول تدريجي في السياسة في إسرائيل.
إسرائيل تشترط نزع السلاح جنوب سوريا وغياب إيران وحزب الله ولا قواعد تركية إبقاء قواتها وتحديث اتفاقية فك الاشتباك مع إضافة قوات أميركية
وذكر موقع "أكسيوس" الإخباري، نقلا عن مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى رفضا الكشف عن هويتهما، الأربعاء، أن حكومة نتنياهو بدأت التواصل أولا مع الإدارة السورية الجديدة عبر رسائل غير مباشرة، ثم أجرت اجتماعات سرية بشكل مباشر في دول ثالثة.
وقال المسؤولان إن نتنياهو اعتبر رغبة الرئيس السوري أحمد الشرع في إقامة علاقات وثيقة مع الإدارة الأميركية "فرصة دبلوماسية".
وأكدا أن نتنياهو مستعد للدخول في مفاوضات من أجل التوصل إلى اتفاق أمني جديد مع سوريا، والمضي قدمًا نحو اتفاق سلام شامل، مضيفين "إذا تحقق ذلك، فسيكون أول اتصال رسمي بين البلدين منذ عام 2011".
وذكرا أن نتنياهو أبلغ المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا الأسبوع الماضي، رغبته في بدء مفاوضات مع إدارة دمشق بوساطة واشنطن.
وأوضح المسؤولان أن إسرائيل أبلغت الجانب الأميركي بنيّتها الإبقاء على وجودها العسكري في سوريا حتى يتم التوصل إلى اتفاق جديد.
وكان مسؤول إسرائيلي كبير صرح لموقع أكسيوس الأسبوع الماضي أن الشرع "كان أكثر دعمًا مما اعتقدت إسرائيل، وأنه لم يكن ينفذ أوامر أنقرة"، مضيفًا "من الأفضل لنا أن تكون الحكومة السورية قريبة من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية".
وزار باراك، المبعوث الأميركي إلى سوريا ومساعد ترامب المخضرم، إسرائيل الأسبوع الماضي، والتقى بنتنياهو ومسؤولين كبار آخرين. واصطحب الإسرائيليون باراك إلى الحدود مع سوريا، ومرتفعات الجولان، والجانب السوري من جبل الشيخ، وهو موقع استراتيجي احتله الجيش الإسرائيلي بعد سقوط نظام الأسد.
وقبل أسبوع، كان باراك في دمشق، حيث التقى بالشرع وأعاد فتح مقر إقامة السفير الأميركي في العاصمة السورية، وخلال الزيارة وصف الصراع بين سوريا وإسرائيل بأنه "مشكلة قابلة للحل"، وأصر على أن على البلدين "البدء باتفاقية عدم اعتداء بسيطة".
وخلال لقائه مع نتنياهو الأسبوع الماضي، أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي عن رغبته في الاستفادة من زخم اجتماع ترامب والشرع لبدء مفاوضات مع سوريا بوساطة أميركية، وفقا لمسؤول إسرائيلي كبير.
وقال المسؤول الإسرائيلي إن هدف نتنياهو هو تحديث اتفاقية فك الاشتباك لعام 1974 مع بعض التعديلات، والعمل على صياغة ترتيبات أمنية جديدة، تمهيدا للتوصل إلى اتفاق سلام بين البلدين.
ووفقا للمسؤول، أبلغ باراك الإسرائيليين أن الشرع منفتح على مناقشة اتفاقيات جديدة مع إسرائيل.
وبعد زيارته لإسرائيل، سافر باراك إلى واشنطن وأطلع الرئيس ترامب ووزير الخارجية ماركو روبيو على آخر المستجدات. وكتب على منصة إكس "أؤكد لكم أن رؤية الرئيس (ترامب)، كما نفذها الوزير، ليست مشجعة فحسب، بل قابلة للتحقيق أيضًا".
وقال مسؤول أميركي إن إسرائيل عرضت على باراك "خطوطها الحمراء" بشأن سوريا لا قواعد عسكرية تركية في البلاد، ولا وجود جديد لإيران وحزب الله، ونزع السلاح من جنوب سوريا.
وأكد مسؤول إسرائيلي لباراك أن الإسرائيليين سيحتفظون بقواتهم في سوريا حتى توقيع اتفاقية جديدة تتضمن نزع السلاح من جنوب سوريا.
وأضاف المسؤول أنه كجزء من اتفاقية حدودية جديدة مع سوريا، تريد إسرائيل إضافة قوات أميركية إلى قوة الأمم المتحدة المتمركزة سابقًا على الحدود.
وإحدى علامات الاستفهام الرئيسية في محادثات السلام الإسرائيلية السورية المستقبلية ستكون حول مرتفعات الجولان، التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967.
في كل جولة مفاوضات مع إسرائيل على مدى العقود الثلاثة الماضية، طالب نظام الأسد بانسحاب إسرائيلي كامل أو شبه كامل من مرتفعات الجولان مقابل السلام. وخلال فترة ولايته الأولى، اعترف ترامب بمرتفعات الجولان كأرض إسرائيلية.
ومنذ عام 1967 تحتل إسرائيل معظم مساحة هضبة الجولان السورية، واستغلت الوضع الجديد في البلاد بعد إسقاط نظام بشار الأسد، واحتلت المنطقة السورية العازلة، وأعلنت انهيار اتفاقية فض الاشتباك بين الجانبين لعام 1974.
كما احتلت "جبل الشيخ" الاستراتيجي الذي لا يبعد عن العاصمة دمشق سوى بنحو 35 كلم، ويقع بين سوريا ولبنان ويطل على إسرائيل، كما يمكن رؤيته من الأردن، وله أربع قمم أعلاها يبلغ طولها 2814 مترا.