واشنطن تسحب موظفيها من الشرق الأوسط في ظل تصاعد التوتر مع إيران

ترامب يرجع قرار نقل أفراد من العراق والبحرين والكويت إلى "مخاطر أمنية متزايدة" وسط أنباء عن ضربة إسرائيلية محتملة على إيران.
الخميس 2025/06/12
بغداد وطهران في قلب عاصفة الشرق الأوسط

واشنطن/بغداد - أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأربعاء أنّ إدارته تقوم بنقل موظفين أميركيين من الشرق الأوسط لأنه قد يكون مكانا "خطرا" في ظلّ التوتّرات الراهنة مع إيران، مشدّدا على أنّ الجمهورية الإسلامية "لا يمكنها امتلاك سلاح نووي".

وأتى تصريح ترامب في وقت حساس، حيث أفادت صحيفة "واشطن بوست" بأن الولايات المتحدة تعيش حالة تأهب قصوى تحسبا لضربة إسرائيلية محتملة على إيران، حيث أذنت وزارة الخارجية بإجلاء بعض الموظفين من العراق، وأعطى البنتاغون الضوء الأخضر لمغادرة أفراد عائلات العسكريين في جميع أنحاء الشرق الأوسط..

وفي السياق ذاته، ذكرت رويترز في وقت سابق الأربعاء نقلا عن مصادر أميركية وعراقية أن الولايات المتحدة تستعد لإخلاء سفارتها في العراق جزئيا، وستسمح لأسر العسكريين بمغادرة مناطق من الشرق الأوسط بسبب تزايد المخاطر الأمنية في المنطقة.

ولم تحدد المصادر الأميركية الأربعة والمصدران العراقيان المخاطر الأمنية وراء قرار الإخلاء. وقفزت أسعار النفط بأكثر من أربعة بالمئة بعد أخبار الإجلاء.

وذكر مسؤول أميركي أن وزارة الخارجية سمحت بالمغادرة الطوعية من البحرين والكويت.

وحدّثت وزارة الخارجية الأميركية إرشاداتها للسفر حول العالم مساء الأربعاء بما يعكس أحدث المستجدات في الموقف الأميركي. وجاء في الإرشادات "في 11 يونيو، أمرت وزارة الخارجية بمغادرة موظفي الحكومة الأميركية غير الأساسيين بسبب تصاعد التوترات الإقليمية".

ويأتي القرار الأميركي بإجلاء بعض الموظفين في وقت مضطرب تمر به المنطقة، إذ يبدو أن جهود ترامب للتوصل إلى اتفاق نووي مع إيران قد وصلت إلى طريق مسدود وتشير معلومات للمخابرات الأميركية إلى أن إسرائيل تجري استعدادات لشن ضربة على منشآت نووية إيرانية.

وخلال حضوره عرضا للمسرحية الغنائية "البؤساء" في مركز كينيدي بواشنطن، قال ترامب للصحافيين تعليقا على تقارير بشأن نقل أفراد طواقم دبلوماسية أميركية من الشرق الأوسط "حسنا، يجري نقلهم لأنه قد يكون مكانا خطرا".

وهدد ترامب مرارا بضرب إيران إذا فشلت المحادثات المتعثرة بشأن برنامجها النووي، وقال الأربعاء إن ثقته في موافقة طهران على وقف تخصيب اليورانيوم تتراجع. ووقف التخصيب مطلب أميركي رئيسي.

وهدّدت إيران الأربعاء بضرب القواعد العسكرية الأميركية في المنطقة في حال اندلاع نزاع.

وقال وزير الدفاع الإيراني عزيز ناصر زاده في وقت سابق الأربعاء ردا على التهديدات الأميركية بالتحرك عسكريا إذا فشلت المفاوضات "نحن نأمل أن تصل المفاوضات الى نتيجة ولكن إذا لم يحقق ذلك وفرض علينا صراع، فلا شك أن خسائر الطرف الآخر ستكون بالتأكيد أكبر بكثير من خسائرنا".

وتابع "لدينا القدرة على الوصول إلى كل قواعد (الولايات المتحدة). سنستهدفها كلها من دون تردد في البلدان المضيفة لها".

وقالت السفارة الأميركية في الكويت في بيان في وقت سابق الأربعاء إنها "لم تغير وضع موظفيها ولا تزال تعمل بكامل طاقتها".

للولايات المتحدة وجود عسكري في العراق والكويت وقطر والبحرين والإمارات.

وذكر مسؤول أميركي أن وزير الدفاع بيت هيغسيث أذن بالمغادرة الطوعية لأفراد أسر العسكريين الأميركيين من مواقع في أنحاء الشرق الأوسط.

وقال مسؤول أميركي آخر إن هذا الأمر يتعلق في الغالب بأفراد العائلات الموجودين في البحرين، التي يقيم فيها الجزء الأكبر منهم.

وأضاف مسؤول أميركي ثالث "من المقرر أن تجري وزارة الخارجية إخلاء منظما للسفارة الأميركية في بغداد. نعتزم القيام بذلك عبر وسائل (النقل) التجاري، لكن الجيش الأميركي مستعد للمساعدة في حال طلب منه ذلك".

ونقلت وكالة الأنباء العراقية الرسمية عن مصدر حكومي قوله إن بغداد لم ترصد أي حدث أمني يستدعي الإخلاء.

وأفادت وكالة أسوشيتد برس بأن وزارة الخارجية سمحت أيضا بمغادرة الموظفين غير الأساسيين وأفراد عائلاتهم من البحرين والكويت.

وأوضح مسؤول أميركي آخر أنه لم يطرأ أي تغيير على العمليات في قاعدة العديد الجوية في قطر، أكبر قاعدة عسكرية أميركية في الشرق الأوسط، وأنه لم يصدر أي أمر إجلاء للموظفين أو العائلات المرتبطة بالسفارة الأميركية في قطر، والتي تعمل كالمعتاد.

وارتفعت العقود الآجلة للنفط بنحو ثلاثة دولارات بعد التقارير عن الإجلاء في بغداد، ووصلت العقود الآجلة لخام برنت إلى 69.18 دولار للبرميل.

وحذرت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية في وقت سابق من أن التوتر المتزايد في الشرق الأوسط قد يصعد النشاط العسكري، مما قد يؤثر على حركة الملاحة في الممرات المائية الرئيسية. ونصحت الهيئة السفن بتوخي الحذر عند المرور عبر الخليج وخليج عُمان ومضيق هرمز.

وقالت وزارة الخارجية البريطانية إنها تراقب الوضع وستبقي وضع سفارتها في العراق تحت مراجعة مستمرة بعد التحركات الأميركية.

ويستضيف العراق، وهو شريك إقليمي نادر لكل من الولايات المتحدة وإيران، 2500 جندي أميركي. وترتبط فصائل مسلحة مدعومة من طهران بقواته الأمنية.

وتصاعد التوتر داخل العراق منذ بدء الحرب على غزة في أكتوبر 2023، حيث شنت جماعات مسلحة متحالفة مع إيران في العراق هجمات متكررة على القوات الأميركية، على الرغم من تراجع هذه الهجمات منذ العام الماضي.

وتبادلت إسرائيل وإيران إطلاق النار مرتين العام الماضي وهي أول هجمات مباشرة من نوعها بين ألد عدوين في المنطقة، ومرت الصواريخ والطائرات المسيرة عبر المجال الجوي العراقي.

وضربت إسرائيل، الحليف الإقليمي الرئيسي للولايات المتحدة، أهدافا مرتبطة بإيران في جميع أنحاء المنطقة، بما في ذلك جماعات مسلحة عراقية تعمل من داخل العراق وفي سوريا.

وفي الأشهر الماضية، نشرت الولايات المتحدة المزيد من القطع العسكرية في الشرق الأوسط بما في ذلك قاذفات بي-2 التي جرى استبدالها لاحقا، ووسعت كذلك نشر حاملة طائرات ثانية والتي غادرت لاحقا أيضا.

ومن المقرر أن تُعقد الجولة المقبلة من المحادثات النووية بين إيران والولايات المتحدة في الأيام المقبلة، وسط توقعات بأن تقدم إيران مقترحا مضادا بعد رفض عرض طرحته واشنطن.

وقال مسؤول إيراني كبير لرويترز إن التهديد العسكري كان دوما جزءا من تكتيكات التفاوض التي تنتهجها الولايات المتحدة مع إيران.

وحذر بالقول "أي عمل عسكري ضد إيران، سواء من جانب الولايات المتحدة أو إسرائيل، ستكون له عواقبه الوخيمة".

وقالت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة الأربعاء على موقع إكس "التهديدات باستخدام 'القوة الساحقة' لن تغير الحقائق. إيران لا تسعى لامتلاك سلاح نووي، والنزعة العسكرية الأميركية لا تؤدي إلا إلى تأجيج عدم الاستقرار".

وجاء هذا البيان فيما يبدو ردا على تعليق سبق أن أدلى به قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال مايكل كوريلا بأنه قدم للرئيس "مجموعة واسعة من الخيارات" لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي.

وقال مسؤولان أميركيان آخران إن كوريلا أرجأ شهادة كان من المقرر أن يدلي بها أمام المشرعين الأميركيين الخميس بسبب التوتر في الشرق الأوسط.