المركزي التركي يحاول التصدي لتدفق الأموال الساخنة إلى الليرة

المسؤولون الأتراك يعملون على كبح التدفقات شديدة القصر من حيث الأجل خشية أن تؤدي عمليات الخروج السريعة إلى موجات تقلب حادة.
الخميس 2025/06/12
صفقات تجارة الفائدة لا تزال تجني المكاسب

إسطنبول - يتحرك صانعو السياسات المالية والنقدية في تركيا للحد من تدفقات الأموال الساخنة إلى الليرة، وذلك في محاولة للتصدي لأحد أكثر الرهانات ربحية على العملات في العالم.

ورغم إبقاء البنك المركزي قبضته مشددة على سوق الليرة، والسماح للعملة بالانخفاض تدريجيا، إلا أن المتعاملين يشيرون إلى أن تحركات السوق باتت أقل قابلية للتنبؤ مؤخرا.

وتشير حسابات وكالة بلومبيرغ إلى أن العملة التركية، خلال يوم الجمعة من كل أسبوع تحديدا، كانت تتراجع بمعدل يفوق بثلاثة إلى أربعة أضعاف وتيرة الهبوط المعتادة في بقية أيام الأسبوع.

ويُضعف هذا التراجع المتسارع إستراتيجية استثمارية قصيرة الأجل كانت تلقى رواجا، وتعتمد على شراء الليرة مساء الخميس من خلال عقود مبادلة لأجل ليلة لجني الفائدة خلال عطلة نهاية الأسبوع، ثم تصفية المراكز الاثنين. لكن أي تراجع حاد لليرة يوم الجمعة يجعل هذه الرهانات غير مجدية.

إركين إيشيك كبير: لا حماس كبيرا لجذب تدفقات تجارة الفائدة قصيرة الأجل
إركين إيشيك كبير: لا حماس كبيرا لجذب تدفقات تجارة الفائدة قصيرة الأجل

ومع وصول الفائدة التركية إلى نحو 50 في المئة، أصبحت السوق المحلية مجددا وجهة جذابة لما يُعرف بصفقات تجارة الفائدة، حيث يقترض المستثمرون من دول منخفضة الفائدة ويضخون الأموال في أصول بدول ذات معدلات فائدة مرتفعة.

وكشفت مصادر مطلعة طلبت عدم الكشف عن هوياتها، أن المسؤولين الأتراك يعملون على كبح هذه التدفقات شديدة القصر من حيث الأجل، خشية أن تؤدي عمليات الخروج السريعة إلى موجات تقلب حادة.

وقد حدث ذلك بالفعل خلال شهر مارس الماضي، عندما هوت الليرة بواقع 10 في المئة خلال ساعات قليلة عقب توقيف مفاجئ لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، أبرز منافسي الرئيس رجب طيب أردوغان الذي يحكم البلاد منذ أكثر من عقدين.

وصرح وزير المالية محمد شيمشك آنذاك بأن عمليات البيع الكثيفة نتجت بشكل كبير عن تخارج المستثمرين الأجانب من مراكزهم في الليرة.

وتم احتواء أزمة مارس في نهاية المطاف من خلال استئناف رفع أسعار الفائدة، واتخاذ إجراءات جديدة لتقليص السيولة بالليرة، إضافة إلى زيادة نسب الاحتياطي الإلزامي على التزامات البنوك قصيرة الأجل في الخارج.

كما ساعد في ذلك التحسن العام في شهية المستثمرين تجاه أصول الأسواق الناشئة، لاسيما بعد تعليق البعض من أشد الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب منذ مطلع أبريل الماضي.

وقال إركين إيشيك كبير الاقتصاديين في بنك كيو.أن.بي القطري في إسطنبول إن “السلطات لا تُبدي حماسة كبيرة لجذب تدفقات تجارة الفائدة قصيرة الأجل.”

العملة التركية خلال يوم الجمعة من كل أسبوع تحديدا، كانت تتراجع بمعدل يفوق بثلاثة إلى أربعة أضعاف وتيرة الهبوط المعتادة في بقية أيام الأسبوع

وأضاف في تصريح لبلومبيرغ أن المسؤولين رأوا “التقلبات الكبيرة في سعر الصرف واحتياطات النقد الأجنبي خلال النزوح السريع للتدفقات.”

ورغم استمرار تراجع الليرة باطراد أمام الدولار، تنتهج الحكومة سياسة “التقدير الحقيقي” للعملة، ما يعني الحفاظ على وتيرة انخفاض أقل من معدل التضخم. وفي ظل توقعات بتباطؤ التضخم الشهري، يتعذر قياس وتيرة هذا التقدير الحقيقي.

ومع ذلك، لا تزال صفقات تجارة الفائدة تجني المكاسب. وسجلت عوائد هذه الصفقات المقومة بالليرة خلال مايو أعلى مستوياتها منذ عام 2021، مما عوض خسائر مارس، بحسب مؤشر بلومبيرغ المستند إلى العقود الآجلة المجددة شهريا.

وقدّرت حسابات الخبير الاقتصادي التركي المستقل هالوك بورومجيكجي تدفقات رؤوس الأموال الناتجة عن هذه الصفقات بنحو 3.4 مليار دولار من 18 أبريل حتى الأسبوع الماضي.

ويحقق هذا النوع من التداول أرباحا للفصل الخامس على التوالي، وهي أطول سلسلة أرباح من هذا النوع منذ عام 2012.

ولكن غالبية هذه الأرباح تعود لتدفقات رأسمالية قصيرة الأجل للغاية، تُعرف بـ”الأموال الساخنة”، تراهن على الليرة لفترات لا تتجاوز غالبا أسبوعا واحدا، وفقا لمتداولين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هوياتهم.

وكانت بنوك مورغان ستانلي ودويتشه بنك وآي.أن.جي جددت مؤخرا توصياتها بالدخول في صفقات تجارة الفائدة المقومة بالليرة، في حين أوصى بنك أتش.أس.بي.سي بشراء سندات محلية طويلة الأجل مقومة بالعملة التركية.

11