قصائد أحمد خالد توفيق تكشف الشاعر المختبئ خلف نجاحاته الروائية

"ألغام في بحر الذكريات" كتاب يكشف جانبا غير مألوف من إبداع الراحل أحمد خالد توفيق.
الخميس 2025/06/12
الشاعر داخله أفاد السارد كثيرا

القاهرة - يصُنّف الكاتب المصري الراحل د. أحمد خالد توفيق باعتباره رائدا لأدب الرعب، وأطلق عليه بعض النقاد لقب “العرّاب” باعتباره أول من قدم إلى القرّاء العرب أدب الخيال والغرائب. وبلغ عدد روايات الأديب الراحل 236 رواية بينها روايات ترجمها عن الإنجليزية وأخرى اشترك مع آخرين في تأليفها.

ولعله الوريث العربي للكاتب الأميركي إدغار آلان بو، ولا تتوقف العلاقة بينهما هناك، بل هي أعمق إذ كل منهما بدا مسيرته شاعرا، وهو ما يجهله الكثير من قراء بو وتوفيق أيضا، رغم أن الأخير أعلن صراحة فراقه للشعر وتفرغه لكتابة السلاسل التي منحته شهرة واسعة ما زالت تطبق الآفاق إلى اليوم.

واحتفاءً بذكرى ميلاد توفيق، أعلنت دار الكرمة مؤخرا عن إصدار عمل جديد لم يُنشر من قبل، يحمل عنوان “ألغام في بحر الذكريات”، تضيء فيه على الجانب الشعري من مسيرة الكاتب.

يأتي هذا الكتاب ليكشف جانبا غير مألوف من إبداع الراحل، حيث يضم 46 قصيدة شعرية كتبها على مدار سنوات مختلفة واحتفظ بها في كراسة خاصة، أقدمها حينما كان في الرابعة عشرة من عمره، وأحدثها في عام 1992 حينما كان في الثلاثين من عمره.

القصة وراء هذا الإصدار تحمل لمسة خاصة، إذ حرصت عائلة د. أحمد خالد توفيق على مشاركة قرائه هذا الجانب من أدبه، والذي بدأ قبل كتابته للسلاسل، وإن كان قد استخدم أحيانا أبياتا من هذه القصائد في بعض كتاباته على لسان أبطاله، كما نوه إلى كتابته الشعر في مقالة “استقالة شاعر”.

وبناء على ذلك تواصلت العائلة مع دار الكرمة لنشر هذه القصائد، ليحظى القراء بفرصة فريدة لاكتشاف جانب أدبي جديد من أعماله -مختلف عن الروايات وسلاسل الإثارة والتشويق التي اشتهر بها- ولكنه يعكس بشدة توجهاته الأدبية والإبداعية.

الديوان ليس فقط تكريما لإبداع توفيق بل هو نافذة جديدة على أفكاره وتأملاته التي ستظل تلهم الأجيال القادمة
الديوان ليس فقط تكريما لإبداع توفيق بل هو نافذة جديدة على أفكاره وتأملاته التي ستظل تلهم الأجيال القادمة

يتنوع كتاب “ألغام في بحر الذكريات” بين القصائد العاطفية والتأملية، ويمنح القراء نافذة على أفكار ومشاعر توفيق في مراحل مختلفة من حياته، عاكسة تطور رؤيته الإبداعية.

يُطرح الكتاب بالتزامن مع افتتاح معرض الإسكندرية للكتاب، والذي سينطلق في 5 يوليو 2025. ويأتي هذا التعاون بين دار الكرمة وعائلة الكاتب الراحل ضمن جهود الحفاظ على إرث توفيق، الذي يُعد أحد أبرز الكتاب في العالم العربي. وإصدار هذا الديوان لا يمثل فقط تكريما لإبداعه، بل هو نافذة جديدة إلى أفكاره وتأملاته التي ستظل تلهم الأجيال القادمة.

وُلد د. أحمد خالد توفيق في مدينة طنطا في 10 يونيو عام 1962، وتخرج في كلية الطب عام 1985، ليحصل على الدكتوراه في طب المناطق الحارة عام 1997. وبدأت مسيرته الأدبية في التسعينات بكتابة سلاسل مثل “ما وراء الطبيعة” و”فانتازيا” و”سافاري”، التي حققت نجاحا هائلا وجعلته من الكتاب الأكثر شعبية بين الشباب.

ورغم رحيله في عام 2018 يظل حاضرًا بإبداعه وتأثيره العميق في الأدب العربي وفي ملايين القراء في العالم العربي.

نجح توفيق في أن يكون معشوقا للقراء الشباب بامتياز بعد أن توافقت روايته، صاحبة الوتيرة السريعة والتمرد المنمّق، مع عقلية العديد من الشباب الباحثين عن الفنون التي تعبّر عنهم وعن عصرهم السريع والمتناقض.

وتميزت كتاباته بالتنوع والسلاسة وتقديم رؤى جديدة لقراءة المُستقبل، كما تنوع أسلوب السرد لديه بين تعدد الأصوات والصوت الواحد، وحرصه على تقديم مادة ثقافية خصبة في متون قصصه، تمثلت في أشعار مُترجمة ومعلومات فنية وعلمية وترشيحات لأفلام عالمية متميزة.

وهناك جانب هام للغاية تم إهماله بصورة عامة، هذا الجانب هو الشعر، والذي تجده في أغلب كتاباته، أحيانًا بصورة مباشرة، وعادة بشكل ضمني.

يقول توفيق في إحدى المقابلات إنه كان يكتب الشعر في مطلع شبابه، ولكنه عندما قرأ لشعراء مثل بدر شاكر السيّاب وصلاح عبدالصبور أدرك عمق الهوة بين ما هو عليه وما وصل إليه أولئك، وكانت القطيعة. ومع ذلك، من الصعب تجاهل تأثير توفيق الشاعر الشاب على كتابات توفيق القاص، فعندما هجر الشعر لصالح الكتابة القصصية استبدله بلغة أدبية شديدة الشاعرية.

13