فرنسا تستكشف فرص نزع سلاح حزب الله وتطبيق القرار 1701

بيروت - التقى المبعوث الفرنسي جان-ايف لودريان الأربعاء برئيس كتلة حزب الله البرلمانية محمد رعد حيث ناقش معه مسألة التجديد لقوة الأمم المتحدة المؤقتة العاملة في لبنان (اليونيفيل) بحسب مصدر مطلع على المحادثات.
وغالبا ما تركز المحادثات الفرنسية على ملف سلاح حزب الله وضرورة تطبيق القرار 1701، بالإضافة إلى ملف الإصلاحات الاقتصادية والسياسية في لبنان. واللقاء مع نائب عن حزب الله قد يكون محاولة للدفع بهذه الملفات.
وفي ظل التوترات الإقليمية خاصة في الجنوب اللبناني، يعتبر التواصل مع حزب الله أمرا بالغ الأهمية لتجنب تصعيد أكبر. ويبدو أن فرنسا قد تسعى للحصول على ضمانات أو فهم لموقف الجماعة الشيعية المدعومة من إيران في هذه الظروف.
وتدل هذه اللقاءات على تعقيدات المشهد اللبناني والإقليمي، وضرورة التعامل مع جميع الأطراف الفاعلة، حتى تلك التي تختلف معها دوليا في سبيل إيجاد حلول مستدامة للأزمات.
وقال المصدر الذي فضّل عدم الكشف عن هويته إن "اللقاء تطرّق خصوصا إلى تجديد التفويض لقوة الأمم المتحدة المؤقتة العاملة في لبنان الذي ينتهي في أغسطس".
ويأتي ذلك في وقت يواجه فيه حزب الله والسلطات اللبنانية ضغوطا متزايدة بشأن مسألة نزع سلاح الحزب الذي خرج ضعيفا سياسيا وعسكريا بعد حرب مدمرة مع اسرائيل انتهت بوقف إطلاق نار في 27 نوفمبر.
وتشرف على تطبيق وقف إطلاق النار لجنة تضمّ كلّ من لبنان وإسرائيل والولايات المتحدة وفرنسا واليونيفيل.
وأعلنت اليونيفيل الثلاثاء عن تعرض إحدى دورياتها للرشق بالحجارة من قبل سكان قرية في جنوب لبنان، مشيرة إلى أن "استمرار استهداف" قواتها "غير مقبول".
وأكّد النائب عن حزب الله علي فياض في تصريح الأربعاء "على ضرورة المعالجة الهادئة والحكيمة والمسؤولة لأي احتكاك أو توتر يحصل بين أهالي الجنوب وعناصر قوات اليونيفيل الذين يدخلون القرى والبلدات والأملاك الخاصة من دون تنسيق أو حضور الجيش اللبناني".
وأشار إلى "أهمية وجود قوات اليونيفيل في الجنوب في إطار تنفيذ القرار 1701 بالتنسيق مع الجيش اللبناني وضمن دورها المحدد في منع الخروقات والاعتداءات الإسرائيلية، ومساعدة الدولة اللبنانية في بسط سيادتها".
ونصّ اتفاق وقف إطلاق النار على انسحاب مقاتلي حزب الله من منطقة جنوب نهر الليطاني (على مسافة حوالى 30 كيلومترا من الحدود)، وتفكيك بناه العسكرية فيها، في مقابل تعزيز الجيش اللبناني وقوة يونيفيل انتشارهما قرب الحدود مع إسرائيل. كما نصّ على انسحاب اسرائيل من الأراضي التي توغلت إليها في جنوب لبنان خلال النزاع.
ومنذ انتهاء الحرب، تواصل إسرائيل تنفيذ غارات جوية على مناطق لبنانية عدّة، مشيرة الى أنها تستهدف بنى تحتية وعناصر في حزب الله.
ويطالب لبنان المجتمع الدولي بالضغط عليها لوقف هجماتها والانسحاب من النقاط التي لا تزال متمركزة فيها داخل أراضيه.
وبدأ لودريان زيارته إلى لبنان الثلاثاء حيث التقى بالمسؤولين اللبنانيين من بينهم رئيس الجمهورية جوزيف عون الذي اعتبر "الاعتداءات" على اليونيفيل "غير مبررة ومرفوضة"، بحسب بيان صادر عن مكتبه.
وقال مصدر حكومي لبناني فضّل عدم الكشف عن هويته إن لودريان ناقش خلال لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين "التجديد لقوة اليونيفيل وفقا للصيغة نفسها" السارية حاليا.
وشدد كذلك وفقا للمصدر نفسه على "الاصلاحات خاصة في القطاع المصرفي وقال إن ذلك المدخل الاساسي للحصول على المساعدات"، في وقت يشترط فيه المجتمع الدولي على بيروت مواصلة تنفيذ تلك الإصلاحات ليتمكن من الحصول على قروض بمليارات الدولارات تسهم في إحياء اقتصاده المنهار منذ العام 2019.
ويشير اللقاء إلى إدراك فرنسا أن حزب الله يمثل قوة سياسية وعسكرية رئيسية في لبنان، ولا يمكن تجاوز دوره في أي حلول للأزمات اللبنانية.
وعلى الرغم من أن باريس لا تصنف حزب الله كمنظمة إرهابية كما تفعل بعض الدول، فإنها تدرك تأثيره الكبير على الساحة اللبنانية.
ويعكس اللقاء رغبة فرنسا في فتح قنوات تواصل مباشرة مع الجماعة الشيعية التي لا تزال تلعب دورا مؤثرا رغم تراجع نفوذها، حتى لو كانت هناك خلافات جوهرية في المواقف. وهذا التواصل ضروري لمحاولة حل الأزمات، خاصة الأزمة الرئيسية والوضع الأمني في الجنوب اللبناني.
وتأتي هذه اللقاءات في إطار الجهود الدبلوماسية الفرنسية لحل الأزمة اللبنانية، فيما تسعى باريس للعب دور فعال في إيجاد مخرج للأزمة، وقد ترى أن التواصل مع جميع الأطراف، بما فيهم حزب الله، أمر لا بد منه.
وقد يكون اللقاء رسالة من فرنسا بأنها تتبع نهجا مستقلا في تعاملها مع لبنان ولا تخضع بالكامل للضغوط الأميركية التي تدعو إلى عدم التعامل مع حزب الله.