منابر جزائرية تستغل إلغاء الأضاحي في حملة تضليل ضد المغرب

وظفت وسائل إعلام جزائرية فيديو ساخرا لتيكتوكر مغربي لنسج قصص وهمية وأخبار كاذبة لاستهداف المغرب بعد قرار إلغاء الأضاحي وذلك ضمن الحملات الممنهجة التي تستهدف المملكة في كل مناسبة.
الرباط - تفاجأ شاب مغربي بتحول مقطع فكاهي صوّره مع صديقه إلى مادة إعلامية “دسمة” في وسائل إعلام جزائرية، تداولته على أنه واقعة حقيقية حول ردود الفعل على دعوة عدم ذبح الأضاحي هذا العام بالمغرب، في إطار حملة تضليل مكثفة منذ أيام باستخدام فيديوهات مفبركة وأخبار كاذبة تدعي وجود غضب شعبي في المملكة.
ونشرت صفحات وحسابات جزائرية على مواقع التواصل الاجتماعي قبيل عيد الأضحى فيديو قديما يزعم وجود احتجاجات في المغرب ضد منع ذبح الأضاحي، ورغم أن الناشطين كشفوا زيفها وفضحوا الجهات التي تقف وراءها إلا أن محاولات التضليل مستمرة، ومن بينها الفيديو الذي نشره الشاب يونس إردي عن أجواء العيد برفقة صديقه زكرياء.
والفيديو الذي جرى تداوله بكثافة يصور مشهدا ساخرا يجسد فيه يونس دور “المقدم” الذي يجوب الأزقة بحثا عن الأدخنة المتصاعدة من الشواء، في محاولة للكشف عمن “خالفوا” الدعوة الرمزية، التي طُرحت بشكل غير رسمي، بخصوص عدم أداء شعيرة عيد الأضحى هذا العام.
ويعبّر المشهد بسخرية واضحة عن روح الدعابة لكنه أُخرج من سياقه وتحول في بعض وسائل الإعلام الجزائرية إلى تقرير خبري يروّج لوجود حالة “عصيان شعبي” واحتجاجات افتراضية في المغرب.
◙ ناشطون ينتقدون الإعلام الجزائري الذي يستند في مصادره إلى مقطع فيديو فكاهي لبناء السرديات الإخبارية
وبعد تحوّل الفيديو إلى مادة إعلامية مضللة لتشويه صورة المغرب، اضطر يونس إلى الخروج عن صمته، ونشر مقطع فيديو آخر على حسابه في فيسبوك وضح فيه تفاصيل ما جرى، قائلا “أنا والصديق زكرياء عملنا فيديو عاديا، كما جرت العادة، دون نية للإساءة لأي جهة، وإذا بنا نتفاجأ بأنني أصبحت مقدما ومخبرا على السنة!” وأضاف بلهجة ساخرة “الإعلام الجزائري المبتدئ يتعامل مع صفحات فيسبوكية متواضعة كمصادر أخبار؟”
وعبّر ناشطون على الشبكات الاجتماعية عن مستوى الإعلام الذي يستند في مصادره الإخبارية إلى مقطع فيديو لمواطن عادي دون تفاصيل واضحة وبناء السرديات والقصص الإخبارية عليه بما يتناسب مع موقف النظام في تهويل إعلامي فاضح، حيث تم توظيف الفيديو لمعالجة ما وصفوه بـ”رد فعل الشارع المغربي” على دعوة إلغاء عيد الأضحى، والحديث عن مسيرات احتجاجية وهمية ووقفات غير موجودة.
وقال ناشطون مغاربة إن الفكاهة ليست تهديدا سياسيا، بل هي تعبير عفوي عن تفاعل اجتماعي طريف، لا يجب تأويله خارج سياقه أو استغلاله في حملات دعائية. وعكست الواقعة مفارقة مثيرة في التعامل مع المحتوى الساخر ومحاولة توظيفه لغايات سياسية. وانعكس السحر على الساحر حيث تداولت صفحات مواقع التواصل الاجتماعي مقطع الفيديو الذي حرفه الإعلام الجزائري كدليل على انعدام مهنيته، وجاء في تعليق:
TelQuelArabi@
وفي محاولة من المغاربة للتأكيد على زيف الأخبار التي تدعي وجود استياء في المملكة خلال العيد، قاموا بنشر صور ومقاطع فيديو من كافة أنحاء البلاد تظهر الأجواء التي يعيشونها، مؤكدين أن إلغاء ذبح الأضاحي لم يؤثر على أجوائهم الاحتفالية بل ساهم في تخفيف الأعباء المادية عليهم، وجاء في تعليق:
Serengeti87@
وعبّر ناشط:
ADILELANNAZ1@
وأكد العديد من المغاربة أن هذا العيد ربما يكون مختلفا لكنه مناسبة للمعنى الحقيقي له وأن التضحية أحيانا تكون في التخلي عن المظهر، لا في الإمساك بالسكين. وأن أجمل ما في العيد، ليس الكتف ولا الكبدة، بل “الطمأنينة الخفيفة التي تنزل على البيت حين نُقبّل أمهاتنا ونسمع دعواتهن”، وقالت ناشطة:
laylouthaa@
وشارك ناشطون عرب الأجواء الاحتفالية في العيد من المغرب، وقال أحدهم:
ASoiedi@
وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس قد أهاب بالشعب المغربي عدم القيام بشعيرة الذبح في عيد الأضحى هذا العام نظرا “للتحديات القائمة”، بحسب بيان نشرته وكالة الأنباء المغربية.
وأكد الملك محمد السادس في رسالة للشعب أنه حريص على توفير كل ما يلزم للشعب للقيام بالفرائض والسنن ومنها عيد الأضحى، لكن “حرصنا على تمكينكم من الوفاء بهذه الشعيرة الدينية في أحسن الظروف، يواكبه واجب استحضارنا لما يواجه بلادنا من تحديات مناخية واقتصادية، أدت إلى تسجيل تراجع كبير في أعداد الماشية.” وأضاف “وأخذا بعين الاعتبار أن عيد الأضحى هو سنة مؤكدة مع الاستطاعة، فإن القيام بها في هذه الظروف الصعبة سيلحق ضررا محققا بفئات كبيرة من أبناء شعبنا، لاسيما ذوي الدخل المحدود.”
وتأتي الحملة المضللة ضد المغرب ضمن مسلسل طويل من أساليب التضليل الإعلامي التي استهدفته في جميع المناسبات التي تحمل خصوصية بالنسبة للمغاربة، ومن أبرز الأساليب الترويج لنظريات وقصص مشبوهة وخلق انقسامات وهمية بين مؤسسات الدولة، وهي تكتيكات تم استخدامها في العديد من الدول لمحاولة زعزعة الاستقرار الداخلي.
وفي المغرب، أصبحت شبكات التواصل الاجتماعي عبر الصفحات معروفة أو مجهولة المصدر، ساحة مفتوحة لحملات تضليل ممنهجة، تستهدف تشويه صورة المؤسسات الرسمية، ليس فقط بغرض الإساءة إليها، بل لخلق حالة من الريبة والشك الدائم في كل قراراتها.