رحلة مادلين.. نهاية مناسبة لعصر مواقع التواصل الاجتماعي

لندن - رحّلت إسرائيل الناشطة السويدية غريتا ثونبرغ إلى السويد عبر فرنسا صباح الثلاثاء. كانت نهاية رحلتها في محاولة لفك الحصار على غزة مناسبة لرحلة مُصممة لعصر التواصل الاجتماعي. قبل أن يرفعوا أيديهم ويصعد الكوماندوز الإسرائيليون على متن السفينة، ألقى النشطاء المؤيدون للفلسطينيين هواتفهم في البحر.
قبل ثمانية أيام، غادر 12 ناشطا، من بينهم غريتا ثونبرغ، الناشطة في مجال تغير المناخ، وريما حسن، عضو البرلمان الأوروبي، صقلية للإبحار إلى قطاع غزة المحاصر. لم يحمل اليخت سوى كميات صغيرة من المساعدات، ولكنه حمل أيضًا رسالة مفادها أن العالم لا ينبغي أن يغض الطرف عن معاناة الفلسطينيين.
وبحلول صباح الثلاثاء، كانت ثونبرغ، أبرز ناشطة على متن السفينة، قد رُحِّلت بالفعل من إسرائيل، وكانت في طريق عودتها إلى السويد عبر فرنسا. وكانت ثونبرغ من بين النشطاء الذين اعتُقلوا لمحاولتهم كسر الحصار المفروض على الأراضي الفلسطينية. وفقًا لوزارة الخارجية الإسرائيلية، نُقلوا إلى مطار بن غوريون صباح الثلاثاء.
في سلسلة صور لثونبرغ نشرتها وزارة الخارجية الإسرائيلية، تظهر وهي تضع يديها خلف ظهرها مرتديةً قميصًا مطبوعًا، ثم تجلس في مقعد الممر في طائرة. وأُجبر النشطاء على مشاهدة فيديو لأعمال العنف التي قادتها حماس في 7 أكتوبر والتي أشعلت الحرب الحالية، لكنهم “رفضوا مواصلة المشاهدة” بعد دقائق قليلة فقط، وفقًا لمنشور على موقع إكس من وزارة الخارجية الإسرائيلية حُذف لاحقًا.
سيتم أيضًا ترحيل النشطاء المتبقين إلى بلدانهم الأصلية ما لم يرفضوا، وفي هذه الحالة سيُمثلون أمام المحكمة للموافقة على ترحيلهم. من بين الرافضين للمغادرة، بحسب التقارير، حسن، التي مُنعت سابقًا من دخول إسرائيل بسبب دعمها لحركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (BDS) وتعليقاتها على هجوم 7 أكتوبر.
قد يُسمح لطاقم سفينة مادلين، التي تُبحر تحت العلم البريطاني، بالعودة إلى البحر الأبيض المتوسط. انتهت رحلة سفينة مادلين، التي حظيت بمتابعة إعلامية دقيقة حول العالم، فجأةً في الساعة الثالثة فجرًا بالتوقيت المحلي يوم الاثنين عندما غُطيت السفينة برغوة بيضاء، وصفتها وسائل إعلام إسرائيلية بأنها “طلاء غير ضار” استُخدم لإخفائها أثناء الصعود.
◙ سيتم ترحيل النشطاء المتبقين إلى بلدانهم الأصلية ما لم يرفضوا، وفي هذه الحالة سيُمثلون أمام المحكمة للموافقة على ترحيلهم
اخترعت شركة أوردوتيك الإسرائيلية هذه المادة، وتُستخدم منذ عام 2008 لتفريق المتظاهرين في مناطق مثل الضفة الغربية. وقال النشطاء إنهم كانوا مُستعدين و"تدربوا جميعًا على ذلك." قالت ياسمين أكار، التي بثت مقطع فيديو على حساب المجموعة على تيليغرام "إنهم يُسقطون علينا مواد كيميائية."
قال تياغو أفيلا، المنسق البرازيلي للتحالف الدولي لأسطول الحرية “ليحتمي الجميع." سأل أكار بينما سُمع صراخ: "هل تُحرق عيناك؟ لا؟" وقبل انقطاع الفيديو، قال أفيلا "يتم اعتراضنا. من فضلكم، تخلّصوا من الهواتف. ارموا الهواتف في الماء."
بحلول مساء الاثنين، وصل القارب إلى الشاطئ في إسرائيل، وخضع الركاب “لفحوصات طبية للتأكد من سلامتهم”، وفقًا لوزارة الخارجية الإسرائيلية. وتُعدّ غزة واحدة من أخطر مناطق الحرب في العالم. قُتل أكثر من 54 ألف فلسطيني في القتال، وفقًا لوزارة الصحة في غزة التي تديرها حماس، معظمهم نتيجة الغارات الجوية الإسرائيلية.
بعد اعتراض القارب، لم ترد أي مستجدات من النشطاء، ومن بينهم ليام كانينغهام، الممثل الأيرلندي الذي لعب دور أميرال في مسلسل “صراع العروش”. وكان على متن القارب أيضًا عمر فياض، مراسل قناة الجزيرة، وسيرجيو توريبيو، وهو ناشط بيئي إسباني، بالإضافة إلى مواطنين ألمان وفرنسيين وسويديين.
قدّمت إسرائيل تحديثات على حساب وزارة الخارجية الإسرائيلية، حيث كان النشطاء يُرافقون إلى ميناء أشدود. وقالت إن السفينة “في طريقها بسلام إلى شواطئ إسرائيل.” وتضمنت المنشورات صورة لثونبرغ وهي مبتسمة وهي تُسلّم حقيبة يبدو أنها تحتوي على خبز “شالاه” من جندي من القوات البحرية الخاصة. وقيل إنها رفضت وجبة باسترامي نباتية.
حُمل أعضاء الطاقم على متن قارب صغير وصُوّروا وهم يتلقون الطعام والماء. لاحقًا، كتبت الوزارة على موقع إكس "يواصل يخت السيلفي الذي يحمل غريتا ثونبرغ ومشاهير آخرين رحلته باتجاه ميناء إسرائيلي.”
وراقبت وسائل الإعلام العالمية المهمة عن كثب لمعرفة رد فعل إسرائيل. اعتبرتها حكومتها استفزازًا لاختبار حدودها وحزمها. في عام 2010، حاولت سفينة مافي مرمرة التركية كسر الحصار الإسرائيلي على غزة. قُتل عشرة نشطاء في اشتباكات على متنها، مما أدى إلى خلاف استمر ست سنوات بين أنقرة وإسرائيل.
في مايو، أرسل تحالف أسطول الحرية، المجموعة التي تقف وراء رحلة مادلين، قاربًا يُدعى “الضمير” إلى غزة، ولكن ورد أنه تعرض لهجوم بطائرات بدون طيار قبالة مالطا، وهو هجوم ألقت المجموعة باللوم فيه على إسرائيل.
هذه المرة، بذلت إسرائيل قصارى جهدها للسيطرة على السردية الإعلامية. ويقول خبراء إنها نجحت. وتعهد وزير الدفاع، يسرائيل كاتس، بعرض فيديو مدته 43 دقيقة على الناشطين يتضمن لقطات خام لهجوم 7 أكتوبر.
اتهم حساب "إكس" الإسرائيلي البعثة بـ"النشاط السياسي على إنستغرام"، قائلا "انتهى العرض"، وأضاف أن "الكمية الضئيلة من المساعدات التي لم يستهلكها 'المشاهير' ستُنقل إلى غزة عبر قنوات إنسانية."
أطلقت إسرائيل على السفينة اسم "يخت السيلفي" و"سفينة المؤثرين والمشاهير." واتهم النشطاء بتقديم "عرض مسرحي" و"البحث عن الشهرة"، خاصة مع نشر كمية المساعدات التي جلبها النشطاء في السفينة وهي "كمية قليلة جدا"، ونشر صور النشطاء الذين اهتموا طوال الرحلة بنشر صور السيلفي والحرص على الظهور بمظهر جذاب.
وأكد الإعلام الإسرائيلي “نجاح إسرائيل في إدارة الحملة الإعلامية بشكل جيد واستباقي هذه المرة، بعد أن أوكلت المهمة إلى وزارة الخارجية.
وكتب حساب:
SafaaAlNuaimi@
وقال آخر:
TunisienneMarwa@
واعتبر حساب إسرائيلي ناطق بالعربية:
bararit@
من جانبها، اتهمت وسائل إعلام أوروبية ثونبرغ بـ“الركوب على مأساة غزة إعلاميًا،” خاصة بعد تصريحها بأنها قد تفكر في تكرار المحاولة لاحقًا. وقال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر “يخت السيلفي، خدعة علاقات عامة، تم ايصاله بأمان إلى شواطئ إسرائيل بواسطة سلاح البحرية. وغريتا، وهي شخصية غير مرغوب فيها، تلقت الطعام ومعاملة جيدة. إسرائيل تصرّفت بطرق سلمية. أريد أن أكون واضحًا: الأشخاص غير المرغوب فيهم لن يُسمح لهم بالبقاء في إسرائيل. غريتا غادرت إسرائيل إلى السويد.” وأضاف قائلًا “غريتا ورفاقها جلبوا كمية ضئيلة من المساعدات على يخت السيلفي الخاص بهم. لم يساعدوا سكان غزة. لم يكن ذلك سوى خدعة سخيفة، مجرد حيلة دعائية لا أكثر.”