ميليشيا أبوشباب المسلحة إسرائيليا تستهدف عناصر حماس في أول هجوم

القدس – شهد قطاع غزة مؤخرا تطورا لافتا مع إعلان مجموعة "القوات الشعبية"، بقيادة ياسر أبوشباب، التي تلقت أسلحة من إسرائيل مساء الاثنين تنفيذ أول هجوم ضد عناصر أمن يتبعون لحركة حماس في خان يونس جنوب قطاع غزة، على مقربة من مواقع سيطرتها شرق رفح أقصى جنوب القطاع.
يأتي هذا الهجوم في سياق يثير تساؤلات جدية حول الدور المتزايد للميليشيات المسلحة في غزة، خاصة بعد إقرارات إسرائيلية بتسليح هذه المجموعات.
وقال غسان الدهيني، وهو نائب ياسر أبوشباب، عبر صفحته على فيسبوك إن "مجموعة عاملة من مجموعات العمليات الخاصة التابعة للقوات الشعبية، وأوقعت عبر كمين مجموعة من عصابة سهم الإرهابية الذراع القذر لحركة حماس في قمع أبناء الشعب"، على حد وصفه.
وأضاف "استخدمت القوات الشعبية، قواذف مضاد للأفراد لأول مرة، وعودة المجموعة العاملة إلى قواعدها".
ونشر الدهيني أسماء القتلى الذين قال إنهم تابعون لـ "وحدة سهم"، وهي مجموعة عسكرية تتبع حركة حماس وتضم عناصر من جناحها العسكري وأجهزة الأمن التابعة للحركة.
وتُعرف "وحدة سهم" بنشاطها خلال الحرب في تنفيذ "أحكام ثورية" ضد من تصفهم بالمجرمين وقطاع الطرق، من خلال ضربهم وتكسير أطرافهم.
وبدأت مجموعة "القوات الشعبية" التي يقودها أبوشباب بالتحرك بخطوات أوسع لتعزيز سيطرتها، من بينها فتح باب التجنيد لمقاتلين في صفوفها، وكذلك إعلانها عن بدء تشكيل لجان إدارية ومجتمعية في المناطق التي تسيطر عليها.
وتقدم المجموعة نفسها على أنها بديل لحركة حماس في قطاع غزة، وتنشط في منطقة خاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي.
وتزايد الاهتمام بنشاط هذه المجموعة مؤخرًا بعد إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق أفيغدور ليبرمان أن الحكومة الإسرائيلية تسلّح مجموعات مسلحة في غزة، وهو ما أقره رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
والخميس، زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" المعارض ليبرمان إن الحكومة الإسرائيلية "تنقل أسلحة إلى مجموعة من المجرمين والمخالفين للقانون الذين ينتمون إلى داعش".
وردا على ذلك، لم يُنكر مكتب رئيس الوزراء نتنياهو ذلك، وقال "تعمل إسرائيل على هزيمة حماس بطرقٍ مُختلفة ومُتنوعة، بناءً على توصية جميع رؤساء الأجهزة الأمنية".
وفي وقت لاحق، أكد نتنياهو بنفسه تسليح الميليشيات، وقال "ما السيء في ذلك؟ هذا جيد فقط. ينقذ حياة جنود الجيش الإسرائيلي".
ويمثل هذا التطور نقطة تحول، حيث تُشير التصريحات الإسرائيلية الصريحة إلى تورط مباشر في تسليح ميليشيات داخل غزة. وهذه الميليشيات، التي تُقدم نفسها كبديل لحماس، تُوصف بأنها تضم عناصر إجرامية وتعمل في مناطق خاضعة للجيش الإسرائيلي. وهذا يثير تساؤلات حول طبيعة هذه المجموعات وأهدافها، وهل تهدف إسرائيل حقا إلى استبدال حماس بكيانات محلية، حتى لو كانت ذات سجل إجرامي.
وكشفت صحيفة "معاريف" العبرية ، مساء الاثنين أن "معظم عناصر الميليشيا التي سلحتها إسرائيل في غزة هم مجرمون ينشطون في تهريب وبيع المخدرات وجرائم الممتلكات".
وجاء ذلك في تقرير للصحيفة تحت عنوان "التعاون مع أبوشباب.. لا يمكن للعصابات أن تكون بديلا على المدى الطويل". وذكرت الصحيفة أن "الجهة التي تقف وراء تجنيد عصابة أبوشباب الإجرامية هي جهاز الأمن العام (الشاباك)".
وأشارت "معاريف" إلى أن رئيس الجهاز رونين بار، هو من أوصى رئيس الوزراء نتنياهو "بالمضي قدما في تجنيد العصابة، وتزويدها ببنادق كلاشينكوف ومسدسات غُنمت من حماس وحزب الله خلال الحرب، وتم نقلها لمستودعات الجيش الإسرائيلي".
بينما ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، الجمعة، أن "المليشيا" التي تسلحها إسرائيل بغزة تعمل بالتهريب والابتزاز ولا تهتم بالقضية الفلسطينية، وفق ما نقلته عن مسؤول إسرائيلي لم تسمّه.
ووفق الصحيفة، فإن "عصابة أبوشباب تضم عدة عشرات من الأعضاء، وهي مجموعة تقوم على أساس عائلي عشائري".
وقالت إن "أغلب الأشخاص الذين جندهم الشاباك ضمن هذه العصابة كميليشيا ومرتزقة لصالح إسرائيل، هم مجرمون من غزة يعملون في تجارة المخدرات، والتهريب، وجرائم الممتلكات".
ووفق "يديعوت أحرونوت" فإن "ياسر أبوشباب، وهو بدوي (32 عاما) من سكان رفح، يُقدم على مواقع التواصل الاجتماعي كقائد لميليشيا محلية ويزعم أنها مُصممة لحماية المدنيين وتوزيع المساعدات الإنسانية".
لكنه وفق الصحيفة "اشتهر بنهب شاحنات الأمم المتحدة العام الماضي، وإعادة بيع الإمدادات الإنسانية المخصصة لسكان غزة"، وهي اتهامات نفى صحتها كما تقول.
وتُقدم التقارير العبرية صورة قاتمة عن هذه الميليشيات، حيث تربطها بالنشاط الإجرامي وتهريب المخدرات. وهذا يعزز الشكوك حول مدى إمكانية الاعتماد على مثل هذه المجموعات كبديل حقيقي لحماس، ويُلقي بظلال من الشك على الأهداف طويلة المدى لهذه الاستراتيجية الإسرائيلية. فالاعتماد على عناصر إجرامية قد يؤدي إلى تفاقم الفوضى وانعدام الأمن في غزة، بدلا من تحقيق الاستقرار.
ولفتت صحيفة معاريف إلى أن "الأساس الذي قام عليه المشروع العملياتي للشاباك هو استخدام العصابة كبرنامج تجريبي لفحص ما إذا كان بإمكانها فرض نوع من الحُكم البديل لحماس في منطقة صغيرة ومحددة داخل رفح".
ذكرت "معاريف" نقلًا عن مصدر أمني إسرائيلي لم تسمه، أن "الهدف ليس بناء بديل شامل لحماس، وإنما اختبار احتمالية إنشاء كيانات محلية يمكن أن تحل مكان حكم حماس في مناطق جغرافية محددة".
وأضاف المصدر الأمني أن "هناك انقسامًا في الآراء داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية حول هذه الخطوة".
وتابع "في الوقت الحالي، هذا تحرك صغير ومحدود للغاية. إنه مشروع تجريبي أولي، ولا أحد يعلم كيف وإلى أين سيتطور".
وأقر بأنه "من غير الواضح إلى أي مدى يمكن لأعضاء عصابة أبوشباب أن يكونوا جهة ذات تأثير في المنطقة التي سيعملون فيها".
ووفق الصحيفة، في الجيش الإسرائيلي "هناك من لا يتحمس لفكرة تجنيد عصابة إجرامية كحل طويل الأمد وخطوة استراتيجية".
ونقلت عن مصدر عسكري إسرائيلي لم تسمه، قوله "ما دام الأمر يتعلق بخطوة تكتيكية محلية تساعدنا في بعض الجوانب، فلا مشكلة لدينا بذلك. لكن هذه العصابات لا يمكن أن تكون بديلا عن خطة استراتيجية بعيدة المدى لحماس"
ويُشير الانقسام داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية إلى عدم وجود إجماع حول فعالية هذه الاستراتيجية، فالاعتراف بأنها "مشروع تجريبي أولي" وأن جدواها "غير واضحة" يعكس عدم اليقين بشأن قدرة هذه الميليشيات على تحقيق الأهداف المرجوة. كما أن الاعتماد على عصابات إجرامية، حتى على نطاق محدود، قد يكون له عواقب وخيمة على المدى الطويل، ويُضعف أي محاولة لبناء حكم مستقر وشرعي في غزة.