خوري تجري لقاءات في بنغازي لاحتواء التوتر الأمني والسياسي

بنغازي (ليبيا) - عقدت نائبة الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا ستيفاني خوري سلسلة من اللقاءات في بنغازي استمرت ثلاثة أيام، مع مختلف الأطراف السياسية والأمنية، بهدف التوصل إلى تفاهمات بشأن الوضع الراهن واحتواء التوتر القائم.
كما هدفت الزيارة إلى مناقشة مخرجات اللجنة الاستشارية والخيارات المطروحة للتقدّم في المسار السياسي.
وأكدت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أن ستيفاني خوري عقدت سلسلة اجتماعات شملت مجموعة من الأحزاب السياسية وممثلين عن الشباب والنساء والمجتمع المدني والأشخاص من ذوي الإعاقة وشيوخ وأعيان من بنغازي وأجدابيا والمرج وشحات والبيضاء، وأخيرًا مع عميد وأعضاء المجلس التسييري لمدينة بنغازي.
واطلعت نائبة الممثلة الخاصة للأمين العام المحاورين على عمل اللجنة الاستشارية، والتوصيات التي قدمتها للبعثة، والتي تضمنت: إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية متزامنة، مع إحداث تعديلات على القضايا الخلافية في قوانين الانتخابات الحالية، أو إجراء انتخابات برلمانية أولًا، يليها اعتماد دستور دائم، ثم إجراء انتخابات رئاسية، أو اعتماد دستور دائم قبل الانتخابات الوطنية، أو إنشاء لجنة حوار سياسي، وفقًا للمادة 64 من الاتفاق السياسي الليبي، لتحل محل جميع المؤسسات مؤقتا، واستكمال قوانين الانتخابات، واختيار حكومة مؤقتة.
ورغم الجهود الأممية المبذولة، يواجه الوضع الميداني في طرابلس تحديات كبيرة تعيق التوصل إلى تسوية سياسية شاملة. فقد أعربت البعثة الأممية عن قلقها البالغ إزاء التقارير التي تفيد بحشد القوات في العاصمة، بما في ذلك التهديد باستخدام القوة لحل الأزمة. ودعت البعثة بشكل فوري إلى التهدئة وخفض التوتر وضبط النفس، مؤكدة أن “لا مناص عن الحوار كحل وحيد لجميع القضايا الخلافية.”
البعثة الأممية للدعم في ليبيا أكدت أن المواجهات المسلحة في الأحياء المأهولة بالسكان أمر يهدد حياة المدنيين وأمنهم وسكينتهم
كما أكدت البعثة أن استعراض القوة العسكرية والمواجهات المسلحة في الأحياء المأهولة بالسكان أمر غير مقبول ويهدد حياة المدنيين وأمنهم وسكينتهم.
وقالت إن هذه التحركات لا يمكن أن تُنتج حلاً مقبولًا أو عمليًا للأزمة الحالية أو للجمود السياسي الذي طال أمده، وإن فيها سببًا إضافيًا يفاقم الأزمة ويقلل من فرص التوصل إلى حل سياسي.
وناقش المجتمعون الشروط المسبقة الواردة في تقرير اللجنة الاستشارية، بما في ذلك إعادة تشكيل أو استكمال مجلس المفوضية الوطنية للانتخابات واستقلالية تمويلها، بالإضافة إلى الاتفاق على خارطة طريق انتخابية وحكومة واحدة.
وأوضح بيان البعثة الأممية أن العديد من المشاركين أعربوا عن تقديرهم عمل اللجنة الاستشارية، وطالبوا باتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة الانسداد السياسي الحالي، وإيجاد حل ليبي دون المزيدٍ من التأخير.
وفي كل الاجتماعات، أعرب المشاركون عن “إحباطهم من حالة الانسداد السياسي المستمر، وانعدام الأمن، والصعوبات الاقتصادية، والانقسام،” مطالبين بإنهاء الانقسامات السياسية، بما في ذلك وجود حكومتين، من خلال حل سلمي ليبي – ليبي. كما انتقد المشاركون التدخل الأجنبي، مشيرين إلى أن تدخل بعض الدول الأعضاء في الشؤون الليبية عقّد التوصل إلى أيّ حل.
وقالت البعثة إن غالبية المشاركين أيّدوا الخيار الرابع، ما يعكس عدم الثقة بالقادة الحاليين، على الرغم من اعتقادهم أن الانتخابات ستكون نقطة البداية لحل أزمة الشرعية، حيث قال أحد المشاركين “تسعى الأجسام الحالية إلى الحفاظ على الوضع الراهن. إن هذه الأطراف لا تريد التوصل إلى أيّ حل.”
في المقابل، أعرب البعض عن تأييدهم الشروع في وضع دستور دائم أولاً، ثم التوجه إلى الانتخابات، مؤكدين أهمية الاستقرار وضمان وجود ضمانات أو قيود على سلطة المسؤولين المنتخبين.
كما أكد المحاورون أهمية ضمان وجود تمثيل هادف للمجتمع المدني، والشباب والنساء، والأعيان، وذوي الإعاقة، وتجاوز الشخصيات والمؤسسات المألوفة لتشكيل حكومة موحدة، وتحقيق الاستقرار في البلاد.
خوري أكدت أن الأمم المتحدة ملتزمة بمساندة الليبيين في الوصول إلى حل سلمي شامل، داعية إلى استمرار الحوار بين جميع المكونات الوطنية
وعلى نحو خاص، أكد المشاركون من الأشخاص ذوي الإعاقة ضرورة اتخاذ تدابير خاصة لضمان إشراكهم في المجالس التشريعية، على غرار ما يُقدم للمكونات أو النساء.
من جانبها، أكدت ستيفاني خوري أن الأمم المتحدة ملتزمة بمساندة الليبيين في الوصول إلى حل سلمي شامل، داعية إلى استمرار الحوار بين جميع المكونات الوطنية كسبيل وحيد لتحقيق الأمن والاستقرار في البلاد.
وفي السياق ذاته، أفادت وزارة الدفاع بحكومة الوحدة الوطنية في ليبيا، الاثنين، بأن الأوضاع الأمنية في العاصمة طرابلس “مستقرة”، عقب تحركات ميدانية “مفاجئة” شهدتها بعض المناطق خلال الساعات الماضية، مؤكدة استعدادها لاتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان احترام السيادة الأمنية.
ووصفت الوزارة، في بلاغ نقلت وكالة الأنباء الليبية مضامينه، تلك التحركات الميدانية بأنها تمثل “خرقا صريحا” لترتيبات التهدئة والتفاهمات الأمنية المعتمدة.
وأشارت إلى أنها “تابعت تلك التحركات عبر قنواتها المعنية، وتدخلت بشكل فوري لاحتوائها وفرض احترام الهدنة، ما أسفر عن انسحاب العناصر المخالفة وعودتها إلى مواقعها السابقة دون تسجيل أي تصعيد“.
وحذرت وزارة الدفاع من مغبة تكرار مثل هذه التجاوزات، مؤكدة استعدادها لاتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان احترام السيادة الأمنية، وحماية مسار إعادة الانتشار الذي يجري تحت إشراف مؤسسات الدولة.
وكانت العاصمة الليبية قد شهدت، في منتصف مايو الماضي، اشتباكات بين تشكيلات مسلحة على خلفية إقدام حكومة الوحدة الوطنية على عملية لإعادة تشكيل مكونات البنية الأمنية في طرابلس والمنطقة الغربية.
وعلى إثر هذه الاشتباكات، أكدت وزارة الدفاع أنه تم بالتنسيق مع “الجهات الأمنية المختصة”، اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان التهدئة من خلال نشر “وحدات محايدة” في نقاط التماس بهدف منع أيّ احتكاك ميداني.