الاعتبارات البيئية تدخل ضمن الإجراءات السعودية لتنظيم الحج

الرياض- بدأت الاعتبارات البيئية تدخل ضمن حسابات السلطات المكلفة بتنظيم الحجّ في السعودية بدفع من جملة من المتغيّرات من بينها التزايد المطرد في عدد الحجيج وما يفرضه تجمع عدد هائل من البشر في مساحة زمنية ورقعة مكانية محدودتين نسبيا من ضغط على المرافق ومن استهلاك للطاقة، فضلا عن التأثيرات المحسوسة على أرض الواقع للتغير المناخي من احترار شديد وتآكل في الموارد الطبيعية الحيوية، ما يجعل المملكة تظهر تفاعلها الإيجابي كبلد غني ومنتج رئيسي للنفط مع قضايا البيئة والمناخ.
وفي مظهر على مراعاة تلك الاعتبارات وإقحامها ضمن الإجراءات العملية لتنظيم الحجّ، قامت الهيئة العامة للعناية بشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي بتفعيل مبادرة “إحرام مستدام” في موسم الحج هذا العام، وذلك بالتعاون مع المركز الوطني لإدارة النفايات.
وقالت وكالة الأنباء السعودية “واس” في خبر أوردته الأحد بشأن المبادرة إنّ الأخيرة تهدف إلى تعزيز الاستدامة البيئية في المسجد الحرام خلال فترة الحج، وتقليل التلوث البيئي والتثقيف بأهمية إعادة الاستخدام من خلال إعادة تدوير إحرامات الحجاج بعد التحلل من النسك.

عبدالله بن محمد القريش: القوات عززت استعداداتها لإدارة وتنظيم الحشود في المسجد الحرام ومنشأة الجمرات
وتعمل هذه المبادرة على الاستفادة من فائض الإحرامات والسجاد والشنط عبر جمع وفرز مخلفات منسوجات الحجاج، ثم إعادة تدويرها وتوزيعها.
كما تأتي الخطوة بحسب الوكالة في إطار الجهود المستمرة للحد من إنتاج النفايات، وتعزيز الوعي بأهمية الاستدامة والمحافظة على البيئة من قبل فرق متخصصة تعمل على تنفيذ هذه العمليات بطرق مبتكرة تسهم في تقليل النفايات وتحويلها إلى منتجات مستدامة.
وجاء ذلك بينما واصل الحجاج الأحد أداء مناسكهم برمي الجمرات قبيل اختتام المناسك في موسم هيمن عليه عامل ارتفاع درجات الحرارة وجهود السلطات السعودية لمنع تأثير ذلك على سلامة الحجاج ولتفادي وقوع خسائر في صفوفهم على غرار ما حدث في موسم العام الماضي.
ونقلت قناة الإخبارية السعودية الرسمية مشاهد مباشرة من منشأة الجمرات بمشعر منى غربي المملكة، مؤكّدة أن “الحجاج يؤدون مناسكهم في أجواء تنظيمية وأمنية مُحكمة دون تدافع أو تزاحم وكذلك في أجواء إيمانية ويسر في حركة الحجاج وتفويج منظم في منشأة الجمرات”.
ومن جانبه أكد قائد قوات أمن الحج اللواء عبدالله بن محمد القريش “التأهب الكامل لتنفيذ خطط نفرة الحجاج المتعجلين من منى، وأن القوات عززت استعداداتها لإدارة وتنظيم الحشود في المسجد الحرام ومنشأة الجمرات في ثاني أيام التشريق”، وفق بيان نقلته وكالة الأنباء السعودية.
ويستمر موسم الحج ستة أيام وكان قد انطلق الأربعاء الماضي بيوم التروية في منى وشهد الخميس الوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة.
وشهد موسم الحج هذا العام تعزيز الإجراءات الوقائية من الحرّ، بعدما سُجّلت في موسم العام الماضي 1301 حالة وفاة، مع وصول درجات الحرارة إلى 51.8 مئوية، وفق السلطات السعودية.
وأعلنت السلطات تجنيد أكثر من 250 ألف موظف وتنسيق الجهود بين أكثر من أربعين جهة حكومية لمواجهة موجات الحرّ وفق ما أفاد وزير الحج توفيق الربيعة.
ومن بين الإجراءات زيادة المساحات المظللة بخمسين ألف متر مربع ونشر الآلاف من الطواقم الطبية وتوفير أكثر من 400 وحدة تبريد.
وتُعد منظومة التبريد داخل الحرم المكّي الأكبر من نوعها في العالم، ويتم تنقية هواء التكييف داخل المسجد الحرام تسع مرات يوميا، وفق التلفزيون السعودي الرسمي. وأقامت السلطات ممرات مُبرّدة للمشاة، بما فيها مسار اكتمل حديثا بطول أربعة كيلومترات يؤدي إلى جبل عرفات.
◄ المبادرة تعمل على الاستفادة من فائض الإحرامات والسجاد والشنط عبر جمع وفرز مخلفات منسوجات الحجاج، ثم إعادة تدويرها وتوزيعها
كذلك استعانت السلطات هذا العام بتقنيات الذكاء الاصطناعي لمراقبة تدفّق الحشود وتحليل البيانات والصور، بما يشمل فيديوهات تلتقطها طائرات مسيّرة جديدة بهدف تعزيز الإدارة الميدانية للحشود في مكة.
وكانت معظم الوفيات في موسم الحج الماضي من بين الحجاج غير النظاميين الذين لم يكن لديهم إمكانية الوصول إلى الخيام المكيفة ووسائل النقل المبرّدة.
وقبيل الموسم الحالي، شنّت السلطات حملة واسعة ضد الحج غير النظامي، تضمنّت مداهمات متكررة، ومراقبة عبر طائرات مسيّرة، وإرسال تنبيهات نصية. وفي شوارع مكة، وضعت السلطات على لوحات إعلانية كبيرة لافتة كُتب عليها بخط عريض “لا حج بلا تصريح”. ويُمنح تصريح الحج وفق نظام الحصص الوطنية، ويُوزّع عادة عبر قرعة.
ولا يخلو الحج من نفع مادي للسعودية إذ يشكّل مع العمرة مصدر دخل كبير يقدر بالمليارات للمملكة التي تضم أقدس المواقع الإسلامية في مكة والمدينة.
وأعلنت هيئة الإحصاء السعودية في بيان نشرته أواخر الأسبوع الماضي أن عدد الحجاج هذا العام سجل مليونا و673 ألفا و230 من داخل المملكة وخارجها، وهو عدد كبير يفرض أعباء على المنظمين وضغوطا شديدة على المرافق والموارد التي تظهر السعودية اهتماما باستدامتها.
