إصرار عراقي على تحقيق الاكتفاء من الثروة الحيوانية رغم التحديات

العراق يعكف على تنفيذ مشاريع إستراتيجية للإنتاج الحيواني.
الاثنين 2025/06/09
إطعام الملايين من الناس مهمة مضنية

بغداد - تعكف السلطات العراقية على تنفيذ خطة طموحة من أجل تحقيق الاكتفاء الذاتي من منتجات اللحوم عبر تنمية قطعان الماشية خلال السنوات المقبلة على الرغم من التحديات التي تواجه المسؤولين، ولاسيما في ما يتعلق بالجفاف.

وأكد المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح قدرة بلده على تحقيق الاكتفاء من الثروة الحيوانية باعتماد إستراتيجية للأمن الغذائي للفترة بين 2025 و2035، مشيرا إلى الفرص المتاحة في هذا المجال.

وشدد على أن تحقيق الاكتفاء الذاتي ليس مستحيلا، بل إنه ممكن باعتماد “إستراتيجية تبنى على تقييم علمي لاحتياجات السكان في العقد المقبل في ضوء تحديات المناخ” مع التعويل على الشراكات بين القطاعين العام والخاص والموارد المائية وتطويع التكنولوجيا.

ويشهد البلد منذ سنوات أزمات مياه تظهر بوضوح في أشهر الصيف، بسبب الجفاف الذي أحدثه تقليص تركيا لإمدادات المياه لنهري دجلة والفرات بنسبة 70 في المئة، إلى جانب قطع إيران لمعظم الجداول والأنهر والتي كانت تغذي سابقا نهر دجلة في العراق.

مظهر محمد صالح: تحقيق الهدف ليس مستحيلا، وهناك فرص كثيرة متاحة
مظهر محمد صالح: تحقيق الهدف ليس مستحيلا، وهناك فرص كثيرة متاحة

ونسبت وكالة الأنباء العراقية الرسمية إلى صالح قوله إن “الوقت قد حان لإطلاق برنامج الشراكة الإستراتيجية بين الحكومة والقطاع الخاص، من خلال تبني (برنامج الدفعة الزراعية القوية للإنتاج الزراعي والحيواني)، باعتباره نقطة انطلاق نحو التنويع الشامل.”

وأوضح في تصريحاته الأحد أن “البرنامج ينبغي أن يقوم على إشراك الضمانات السيادية كوسيلة لتشجيع بناء مرافق زراعية كبرى تعتمد التكنولوجيا المتقدمة، وتوفر تفاعلاً مباشراً مع المجتمعين الزراعي المحلي والدولي، في إطار رؤية وطنية مشتركة.”

ويرى أن الإستراتيجية يجب أن تتضمن تأسيس صندوق سيادي أو تمويلي خاص لدعم المشاريع الزراعية الكبرى، وتسهيل تسجيل الأراضي الزراعية، وتوفير قروض ميسرة للمزارعين.

وبالإضافة إلى ذلك، وضع برامج للتحسين الغذائي والتسويق والحماية من الجفاف والتصحر، مؤكدا على “ضرورة الاستفادة من التقدم التكنولوجي والذكاء الاصطناعي لدعم الإنتاج والتسويق وتطوير أداء مؤسسات الدولة الزراعية وهيئاتها العلمية.”

وشهدت قطعان الماشية في البلاد نموا في السنوات الأخيرة لتناهز حوالي 20.42 مليون رأس، بحسب إحصائيات لوزارة الزراعة تعود إلى العام 2024.

ووفق تلك البيانات يبلغ عدد رؤوس الأغنام نحو 16.52 مليون والماعز حوالي 1.36 مليون رأس والأبقار أكثر من 1.87 مليون، أما الجاموس فقد تجاوز 462.2 ألف رأس والإبل 204.8 ألف، إلى جانب الأسماك والدواجن.

ويبدو البلد النفطي أمام فرصة للاستفادة من تجارب دول متقدمة زراعيا، وفق صالح، عبر تنفيذ مشاريع إستراتيجية للإنتاج الحيواني، بالتعاون مع شركات أوروبية أو دول الجوار، للمساهمة في تحقيق تنمية مستدامة، وتلبية معايير الاكتفاء الغذائي.

وقال “هذا التوجه ينسجم مع النجاحات التي حققها العراق مؤخراً في دعم إنتاج الحبوب، عبر تخصيص موارد من الموازنة العامة لأمن الحبوب، مما شجع على توسيع قاعدة الأمن الغذائي وسد الفجوة في الطلب المتزايد على المنتجات الغذائية الأساسية.”

من شأن الاستثمار في الزراعة الرعوية وتربية الماشية لاسيما في وسط العراق وجنوبه أن يُعزّز قطاع التصدير لدول الجوار، ومن ثمَّ توفير الآلاف من فرص العمل للشباب

ويظهر تقييم أعده باحثون من جامعتي غوتنغن وإدنبرة شمل تحليل بيانات إنتاج الغذاء في 186 دولة، غطت مجالات كاللحوم والألبان النشويات والأسماك والبقوليات والبذور والخضراوات والفواكه أن العراق من بين 6 دول لم تحقق الاكتفاء في هذه المحاصيل.

ومؤخرا بدأت وزارة الزراعة بتشجيع الاستثمار في مجال إنتاج العجول والأبقار الحلوب، وتم وضع خطط بالتعاون مع القطاع الخاص المتخصص في هذا المجال، وقد بدأت هذه الخطط تؤتي ثمارها، حيث انطلقت عدة مشاريع.

ويشكل صندوق دعم المزارعين وصندوق الإقراض الزراعي الميسر والمبادرة الزراعية مصادر تمويل مهمة لتلك المشاريع الخاصة بتربية الحيوانات وتسمين العجول.

ويزيد عدد سكان العراق عن 45 مليونا نصفهم تقريبا من النساء وثلثهم يقلّ عمرهم عن 15 عاما، وفق أرقام لتعداد شامل هو الأول منذ عقود أعلن عنه في نوفمبر الماضي.

ومن شأن الاستثمار في الزراعة الرعوية وتربية الماشية لاسيما في وسط العراق وجنوبه أن يُعزّز قطاع التصدير لدول الجوار، ومن ثمَّ توفير الآلاف من فرص العمل للشباب، خاصة خريجي كليات الزراعة والطب البيطري.

كما أن الاستثمارات ستدر الملايين من الدولارات سنويا للسوق المحليّة عبر تطوير الصناعات التحويلية باعتبارها أحد الحلول العملية الفعالة لتعزيز الصادرات غير النفطية.

ويعتقد صالح أن هناك فرصة حقيقية لإحلال بدائل محلية محل واردات المنتجات الغذائية والحيوانية على المدى الطويل، عبر شراكة متوازنة بين الدولة والسوق، ضمن برامج التنمية الاقتصادية المستدامة، التي ينبغي أن تكون الزراعة المحور الأساسي لها.

11