خطاب إيراني مختلف تجاه لبنان فهل تتجه طهران لفك ارتباطها بحزب الله

الاعتقاد بفك إيران لارتباطها مع حزب الله مستبعد لكن طهران قد تفضل الإيهام بذلك لتجنب الكثير من المنغصات.
الخميس 2025/06/05
إيران لا يمكن أن تسلّم بسهولة

بيروت - بدا اللقاء الذي جمع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بالأمين العام لحزب الله نعيم قاسم، مختلفا عن باقي اللقاءات التي جمعت بين المسؤولين الإيرانيين وقادة الحزب، فيما يعكس رغبة طهران في إظهار وجود قدر من المسافة بينهما.

وطغى على تصريحات الوزير الإيراني، بحسب بيان أورده حزب الله عن اللقاء، التأكيد على رغبة طهران في مساعدة لبنان، وتعزيز التعاون معه، دون الإشارة إلى دعم “المقاومة”، كما كان يحرص المسؤولون الإيرانيون في السابق خلال زياراتهم إلى بيروت.

ويثير الأمر تساؤلات حول ما إذا كانت إيران تتجه لفك الارتباط مع حزب الله، في سياق ما يدور من مفاوضات خلف الكواليس بين طهران وواشنطن للتوصل إلى اتفاق، أم أن الأمر لا يعدو كونه مجرد مناورة لتخفيف الضغوط عنها، وأيضا لطمأنة الجانب الرسمي اللبناني بأنها لن تتدخل في شؤون البلاد الداخلية، وأنها حريصة على فتح صفحة جديدة مع بيروت قوامها التعامل وفق ما تحدده الأطر الرسمية.

ولم يشر البيان الذي أصدره حزب الله إلى مكان عقد اللقاء أو زمانه، بينما لا يظهر قاسم علنا منذ أن خلف الأمين العام السابق للحزب حسن نصرالله الذي قتل بغارة إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية في سبتمبر في خضّم حرب دامية خاضها الطرفان، وانتهت باتفاق هش لوقف إطلاق النار في نوفمبر.

ونقل البيان عن عراقجي تشديده على “أهمية العلاقات الثنائية مع لبنان” واهتمام إيران “بمساعدة لبنان والوقوف إلى جانبه في الأمور الاقتصادية والسياسية والاجتماعية على قاعدة الاحترام المتبادل وتعزيز التعاون بين البلدين”.

عباس عراقجي: إيران مهتمة بمساعدة لبنان والوقوف إلى جانبه
عباس عراقجي: إيران مهتمة بمساعدة لبنان والوقوف إلى جانبه

وشكر قاسم من جهته إيران “على الدعم المستمر للشعب اللبناني ومقاومته”، وفقا للبيان، كما لفت إلى “قناعة حزب الله وعمله الدؤوب لنهضة لبنان واستقراره وسيادته وطرد الاحتلال من أراضيه”. وكان الوزير الإيراني قال في منشور على منصة إكس “هدفنا وأملنا هو فتح صفحة جديدة في علاقتنا (مع لبنان) الممتدة لقرون، والمبنية على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة”.

وأكّد أنه أعرب خلال اجتماعاته الثلاثاء مع رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الوزراء نواف سلام ووزير الخارجية يوسف رجي، عن دعمه الكامل “لاستقلال لبنان وسيادته وسلامة أراضيه وإعادة إعماره في ظل الاحتلال الإسرائيلي.”

ويرى مراقبون أن الاعتقاد في إمكانية فك إيران لارتباطها مع حزب الله أمر مستبعد للغاية، لكن طهران قد تفضل في هذه المرحلة تخفيف هذا الرابط، أو الإيهام بذلك لتجنب الكثير من المنغصات سواء كان مع الإدارة الأميركية أو مع الدولة اللبنانية.

ولسنوات طويلة، شكّل حزب الله المدعوم من إيران طرفا مهيمنا سياسيا وعسكريا في لبنان، لكنه خرج منهكا من حربه الأخيرة مع إسرائيل التي انتهت بوقف إطلاق نار في السابع والعشرين من نوفمبر. وقتلت خلالها الدولة العبرية عددا كبيرا من قادة الحزب، كما دمّرت جزءا كبيرا من ترسانته وبناه التحتية.

وقال رجي في منشور على إكس إن لبنان “يعوّل على حرص إيران على أمنه واستقراره وسلمه الأهلي ليتمكن من تجاوز التحديّات الجسام التي يواجهها، بدءا باستكمال الجهد الدبلوماسي الرامي إلى تحرير الأراضي التي ما زالت تحتلّها إسرائيل ووقف اعتداءاتها المتواصلة، وبسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها وحصر السلاح بيدها”.

وأكّد مصدر حكومي لبناني أن زيارة الوزير الإيراني شكّلت “صفحة جديدة بالعلاقات بين البلدين على قاعدة الاحترام المتبادل (…) وعدم تدخّل أي دولة بشؤون الدولة الأخرى.” وفي أبريل، استدعت الخارجية اللبنانية السفير الإيراني احتجاجا على منشور كان تطرّق فيه إلى مسألة “نزع السلاح”. وتؤكد السلطات اللبنانية على ضرورة أن يسلّم حزب الله سلاحه الذي يقول إنه لمواجهة إسرائيل، وتدعو إلى حلول دبلوماسية مع الدولة العبرية.

وأكّد رئيس الجمهورية جوزيف عون في بيان صدر عن مكتب الرئاسة الثلاثاء أن “الحوار الداخلي هو المدخل لكل المسائل المختلف عليها”، مشددا على أن من “أولويات” لبنان هي “إعادة إعمار” المناطق التي تضررت جراء الحرب الأخيرة. وكان الوزير الإيراني قال لصحافيين الثلاثاء إن “الشركات الإيرانية مستعدة للمشاركة في إعادة إعمار لبنان.”

2