انتخابات إسرائيلية مبكرة تلوح في الأفق مع تصاعد أزمة تجنيد الحريديم

تل أبيب - تصاعدت حدة التوترات السياسية في إسرائيل اليوم الأربعاء، مع إعلان حزب متشدد انسحابه من الائتلاف الحاكم، وسعي المعارضة لتقديم اقتراح من شأنه حل الكنيست خلال الأيام المقبلة، مما يضع مستقبل حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على المحك.
وجاء هذا القرار على خلفية خلافات عميقة حول خطط فرض الخدمة العسكرية الإلزامية على الرجال اليهود الأرثوذكس المتشددين، وهي قضية ظلت نقطة صراع محتدمة في المشهد السياسي الإسرائيلي لعقود طويلة.
وقال كبار حاخامات تحالف "يهودية التوراة المتحدة" أن الحزب سيسحب دعمه للحكومة، اعتراضا على مساعي إجبار الرجال اليهود الأرثوذكس المتشددين دينيا على الخدمة في الجيش الإسرائيلي.
ويشغل الحزب، الذي يمثل الطائفة اليهودية الحريدية المتشددة، سبعة من أصل 120 مقعدا في البرلمان الإسرائيلي (الكنيست).
وتشغل حكومة نتنياهو اليمينية الدينية حاليا 68 مقعدا، مما يعني أن انسحاب حزب "يهودية التوراة المتحدة" سيجعل أغلبية حكومته على المحك، ويفتح الباب أمام محاولات من أحزاب المعارضة لحل البرلمان، فيما تشير استطلاعات الرأي إلى أن نتنياهو قد يخسر الانتخابات المقبلة، التي من المقرر إجراؤها في أكتوبر المقبل.
وأفادت تقارير إسرائيلية أن كبار الزعماء الروحيين المتشددين يرفضون التحدث مع نتنياهو قبل اتخاذ القرار المصيري، في حين لا يزال حزب شاس، برئاسة أرييه درعي صامتا بشأن ما إذا كانت سيبقى في الحكومة أم لا.
وأكدت أحزاب معارضة عدة، مثل العمل وإسرائيل بيتنا وهناك مستقبل (بقيادة زعيم المعارضة يائير لابيد)، اليوم الأربعاء أنها ستطرح الأسبوع المقبل مشروع قانون لحل الكنيست والذهاب نحو إجراء انتخابات عامة.
وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت أن المرجعيات الدينية الأشكنازية لأحزاب الحريديم أوعزت لأعضاء الكنيست بتأييد قانون حلّ الكنيست والتصويت لصالحه.
وذكرت أن التطورات جاءت على خلفية ما وصفه مسؤولون حريديم بأنّه فشل اللقاء برئيس لجنة الخارجية والأمن بالكنيست يولي أدليشطان بشأن تشريع قانون لإعفاء الحريديم من الخدمة العسكرية.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين في حزب "يهودية التوراة" أنّ قرارا اتخذ بالذهاب لإجراء انتخابات عامة.
كما نقلت القناة الـ12 عن مصادر أن رئيس الكتلة البرلمانية لحزب "يهودية التوراة" موشي غافني تلقى تعليمات بترك الحكومة والعمل على تفكيكها.
وقال لابيد، في الجلسة العامة للكنيست "هذا الكنيست انتهى. لا يمكنكم الاستمرار في الدفع بنا من كارثة إلى أخرى".
ونقلت "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية اليوم الأربعاء، عن لابيد القول "ولن تقروا قانون الإعفاء من الخدمة العسكرية بينما نرى يوميا إعلانات /الموافقة على النشر. " وأضاف "يقتل أطفال إسرائيل يوميا، دفاعا عن وطننا".
وخلال الأسابيع الماضية، تزايدت التوقعات بإجراء انتخابات مبكرة في إسرائيل في ظل تهديد بعض الأحزاب الحريدية بالاستقالة من الحكومة الإسرائيلية على خلفية ملف التجنيد، وتهديدات وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بمعارضة أي صفقة جزئية تؤدي إلى وقف الحرب في قطاع غزة.
ولطالما كانت قضية تجنيد الرجال الإسرائيليين المتدينين الحريديم بشدة في الجيش نقطة توتر داخل ائتلاف نتنياهو وخارجه.
ويشكل الحريديم نحو 13 في المئة من سكان إسرائيل البالغ عددهم 10 ملايين نسمة، ويرفضون الخدمة العسكرية بدعوى تكريس حياتهم لدراسة التوراة، معتبرين أن الاندماج في المجتمع العلماني يشكل تهديدا لهويتهم الدينية واستمرارية مجتمعهم.
وعلى مدى عقود تمكن أفراد الطائفة من تفادي التجنيد عند بلوغهم سن الـ18، عبر الحصول على تأجيلات متكررة بحجة الدراسة في المعاهد الدينية، حتى بلوغهم سن الإعفاء من الخدمة، والتي تبلغ حاليا 26 عاما.
عادت قضية تجنيد الحريديم إلى الواجهة وبقوة بسبب الحرب الدائرة في غزة، حيث حذر القادة العسكريون من نقص عاجل في الجنود الجاهزين للقتال
ورغم أنه تم إعفاء أفراد المجتمعات الأرثوذكسية المتشددة من الخدمة العسكرية الإلزامية على مدى عقود، فقد انتهى الإعفاء في العام الماضي، وفشلت الحكومة في إصدار قانون جديد لتعزيز هذا الوضع الخاص.
وفي صيف عام 2024، قضت المحكمة العليا بتجنيد الرجال الأرثوذكس المتشددين في الخدمة العسكرية، مما زاد من حدة التوتر.
ويرى كثير من اليهود المتشددين أن الخدمة العسكرية تهدد نمط حياتهم الديني، ويعود ذلك جزئيا إلى أن النساء والرجال يخدمون معًا في الجيش، وهو ما يتعارض مع معتقداتهم.