خامنئي يعارض التدخل الأميركي في تخصيب اليورانيوم الإيراني

مسؤول إيراني كبير يؤكد أن طهران منفتحة على إبرام اتفاق نووي قائم على تشكل اتحاد إقليمي لتخصيب اليورانيوم يتخذ من إيران مقرا له.
الأربعاء 2025/06/04
خامنئي: محطات الطاقة النووية بلا تخصيب لا قيمة لها لنا

طهران - أكد المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية آية الله علي خامنئي الأربعاء أن الولايات المتحدة لا يمكن أن يكون لها رأي في تخصيب اليورانيوم من جانب إيران، مشددا على ضرورة الحفاظ على هذه القدرة النووية لطهران.

ويأتي هذا الموقف الإيراني في وقت تجري فيه مباحثات مكثفة وغير مسبوقة بين طهران وواشنطن بشأن ملف إيران النووي، والتي تتضمن مقترحا أميركيا لإنشاء اتحاد إقليمي لتخصيب اليورانيوم.

وكانت سلطنة عمان قدمت الاقتراح الأميركي لاتفاق نووي جديد إلى إيران السبت. وتتوسط مسقط في محادثات بين وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ومبعوث الرئيس دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف.

وبعد خمس جولات من المحادثات، لا تزال هناك العديد من القضايا التي يصعب حلها، ومنها إصرار إيران على مواصلة تخصيب اليورانيوم على أراضيها ورفضها شحن كامل مخزونها الحالي من اليورانيوم عالي التخصيب إلى الخارج. واليورانيوم مادة خام يمكن استخدامها لصنع قنابل نووية.

خلال خطاب ألقاه في الذكرى السادسة والثلاثين لرحيل مرشد الثورة الإيرانية آية الله الخميني، وجه خامنئي رسالة واضحة لواشنطن "لِمَ تتدخلون في قرار إيران تخصيب اليورانيوم من عدمه؟ لا يمكن أن يكون لكم رأي في ذلك".

ووصف خامنئي المقترح الأميركي بأنه "يتعارض مع مبدأ 'نحن نستطيع' بنسبة 100 بالمئة"، مقتبسا عبارة من شعار للحكومة الإيرانية.

كما شدد خامنئي على أن طهران بحاجة ماسة للحفاظ على قدرتها على تخصيب اليورانيوم، مبررا ذلك بالقول "إذا كان لدينا 100 محطة طاقة نووية دون أن يكون لدينا تخصيب، فلن تكون صالحة للاستخدام بالنسبة لنا".

وأضاف "إذا لم يكن لدينا تخصيب، فعلينا أن نمد يدنا (نتوسل) إلى الولايات المتحدة".

وتؤكد هذه التصريحات على الأهمية الاستراتيجية التي توليها إيران لامتلاك قدرتها الخاصة على تخصيب اليورانيوم، حتى وإن كانت بعض الدول النووية تعتمد على موردين خارجيين.

وفي المقابل، نقل موقع أكسيوس الإخباري الأميركي الأربعاء عن مسؤول إيراني كبير قوله إن طهران منفتحة على إبرام اتفاق نووي مع الولايات المتحدة يدور حول فكرة تشكيل اتحاد إقليمي لتخصيب اليورانيوم يتخذ من إيران مقرًا له.

ويُعد اتحاد التخصيب الإقليمي عنصرا أساسيا في الاقتراح الذي قدمه ويتكوف لإيران السبت. وهذا المقترح يمثل محاولة للتوفيق بين موقف الرئيس ترامب الذي سبق أن أكد على عدم جواز السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم، وبين إصرار طهران على استمرار التخصيب على أراضيها.

وأفاد المسؤول الإيراني الكبير لأكسيوس بأنه "إذا كان الكونسورتيوم يعمل داخل الأراضي الإيرانية، فقد يستحق الدراسة. ومع ذلك، إذا كان مقره خارج حدود البلاد، فسيكون محكوما عليه بالفشل بالتأكيد".

ويشير هذا الرد إلى أن طهران قد لا ترفض عرض ويتكوف رفضا قاطعا، بل قد تسعى بدلا من ذلك إلى التفاوض بشأن الشروط الدقيقة.

لا يزال من غير الواضح ما إذا كان يتعين على إيران أن تتخلى كليًا عن برنامجها للتخصيب، حيث ذكر موقع أكسيوس أن إيران ستكون قادرة على تخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء تصل إلى 3 بالمئة لبعض الوقت.

ورغم خمس جولات من المحادثات بين إيران والولايات المتحدة، لا تزال تفاصيل المقترح الأميركي غير واضحة.

وذكر تقرير لموقع "أكسيوس" تفاصيل المقترح التي أكدها مسؤول أميركي بشكل منفصل، وتشمل احتمال تشكيل كونسورتيوم سيضم الولايات المتحدة وإيران ودولا مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر وحتى تركيا.

وسيوفر هذا الاتحاد الوقود النووي للدول الراغبة في تطوير برامج نووية مدنية، وسيخضع لمراقبة مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية. قد يتيح هذا المسار للولايات المتحدة الإعلان عن عدم سماحها لإيران بالتخصيب بشكل منفرد، بينما يمكن لإيران الإصرار على أن خطها الأحمر بشأن التخصيب لا يزال قائما.

وفقا للمقترح الأميركي، سيركز الاتفاق النووي على إنشاء كونسورتيوم إقليمي للتخصيب تحت شروط تمنع إيران من تطوير قدرات تخصيب محلية تتجاوز الضروري للأغراض المدنية. كما تتضمن الشروط أنه بعد توقيع الاتفاق، سيتعين على إيران خفض تركيز التخصيب مؤقتا إلى 3 بالمئة. ويجب أن تُصبح منشآت التخصيب الإيرانية تحت الأرض "غير عاملة" لفترة زمنية يتفق عليها الطرفان، وأن يُقتصر نشاط التخصيب في المنشآت الإيرانية فوق الأرض مؤقتًا على المستوى اللازم لوقود المفاعلات النووية.

ولا تزال الولايات المتحدة تنتظر رد إيران على المقترح في الأيام المقبلة، وقد أعلن مسؤولون إيرانيون رغبتهم في مزيد من الوضوح بشأن موعد وكيفية رفع الولايات المتحدة عقوباتها بموجب المقترح.

وأفادت مصادر بأن جولة سادسة من المحادثات النووية بين ويتكوف ووزير الخارجية الإيراني قد تُعقد نهاية هذا الأسبوع في الشرق الأوسط.

ويعد التوصل إلى اتفاق أحد الأولويات الدبلوماسية العديدة التي يتعامل معها ترامب ومبعوثه إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف. وقد يؤدي الاتفاق إلى رفع الولايات المتحدة بعض عقوباتها الاقتصادية القاسية على إيران، مقابل أن تحد طهران بشكل كبير من تخصيب اليورانيوم أو تنهيه.

لكن الفشل في التوصل إلى اتفاق قد يؤدي إلى تصاعد التوترات بشكل أكبر في منطقة الشرق الأوسط المتوتر بالفعل بسبب الحرب بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة. كما قد يدخل الاقتصاد الإيراني، الذي يعاني منذ فترة طويلة، في حالة انهيار سريع، مما قد يفاقم الاضطرابات المتزايدة في الداخل. وقد تنفذ إسرائيل أو الولايات المتحدة هجمات جوية، طالما هددت بها، ضد المنشآت النووية الإيرانية.

ومن جهتها، قد تقرر طهران إنهاء تعاونها بالكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والإسراع نحو صنع قنبلة نووية. والتوصل إلى شروط يتفق عليها الطرفان سيُشكل تحديا، ناهيك عن إنشاء مثل هذا الكونسورتيوم فعليا.