الأطباء الشبان في تونس يردّون على تجاهل السلطة لمطالبهم بإضراب أوسع

متابعون يرون أن آلية الحوار والتفاوض بين الطرفين هي السبيل الأمثل لمعالجة الملف.
الثلاثاء 2025/06/03
الوضعية على حالها

تونس - يصعّد الأطباء الشبان في تونس بتنفيذ إضراب قطاعي واسع لمدة خمسة أيام، في ردّ على ما اعتبروه تجاهلا من السلطة لمطالبهم التي كانوا قد أعلنوها في تحركات سابقة.

وفي الوقت الذي يقول فيه المشرفون على المنظمة إنهم استنفدوا كل سبل الحوار مع السلطة وعدم التوصل إلى حلول بخصوص عدد من المطالب المهنية والمادية، يرى متابعون للشأن التونسي، أن آلية الحوار والتفاوض بين الطرفين، هي السبيل الأمثل لمعالجة الملف.

وقررت المنظمة التونسية للأطباء الشبان الدخول بداية من يوم 12 يونيو الجاري في إضراب عام لمدة 5 أيام احتجاجا، على عدم استجابة سلطة الإشراف لمطالب الأطباء الشبان.

وقال رئيس المنظمة التونسية للأطباء الشبان، وجيه ذكار، إن الإضراب العام عن العمل لمدة 5 أيام سيشمل جميع الأنشطة الاستشفائية والجامعية بكافة المؤسسات الصحية باستثناء حصص الاستمرار وأقسام الطوارئ، مع مقاطعة اختيار مراكز التربصات للأطباء المقيمين.

وأوضح أن اتخاذ هذا القرار جاء على خلفية عدم استجابة سلطة الإشراف لمطالب الأطباء الشبان رغم تعدد التحركات الاحتجاجية التي قاموا بتنفيذها خلال الفترة الأخيرة.

نبيل الرابحي: المفاوضات هي الوسيلة الوحيدة لامتصاص الغضب
نبيل الرابحي: المفاوضات هي الوسيلة الوحيدة لامتصاص الغضب

وأوضح رئيس المنظمة أن هذا الإضراب جاء بعد استنفاد كل سبل الحوار وعدم التوصل إلى حلول بخصوص عدد من النقاط ومنها بالخصوص تحسين ظروف الخدمة المدنية من خلال الترفيع في المنحة المسندة أسوة ببقية المجندين لأداء الخدمة الوطنية في إطار التعيينات الفردية، والذين يتمتعون بكامل أجورهم من مؤسساتهم الأصلية.

وتطالب منظمة الأطباء الشبان أيضا بالتطبيق الفعلي لشروط الإعفاء من الخدمة المدنية للأطباء الشبان، وتحديد آجال واضحة لإلغاء إجبارية الخدمة المدنية، خاصة في ظل تزايد عدد الأطباء في إطار عقود العمل بالمناطق ذات الأولوية.

وشدد رئيس المنظمة على ضرورة تحسين الظروف المادية للأطباء الشبان، وذلك من خلال الزيادة في منحة الإقامة والتربص في الطب، وتمكينهم من منحة خطر العدوى، بالإضافة إلى صرف كل المتخلدات المالية المتعلقة بحصص الاستمرار، بما يتماشى مع القيمة العلمية والجهد المبذول من قبل الأطباء الشبان.

وكانت المنظمة قد نفذت الجمعة مسيرة حاشدة شارك فيها المئات من الأطباء الشبّان وذلك بالتزامن مع إضراب في كافة الأقسام الاستشفائية والأنشطة الأكاديمية وفي كافة كليات الطب باستثناء أقسام الاستعجالي وحصص الاستمرار.

ويقول مراقبون، إن مطالب الأطباء الشبان مشروعة، لكن الإكراهات المالية للدولة وتزايد المطلبية الاجتماعية قد يحولان دون تحقيقها.

وأفاد المحلل السياسي نبيل الرابحي أن ” كل المطالب تعتبر مشروعة وعلى السلطة أن تأخذ بالحد الأدنى في ذلك”، لافتا أن “الإضراب هو حقّ دستوري، لكن المفاوضات هي الوسيلة الوحيدة لامتصاص الغضب.”

وأكد في تصريح لـ”العرب”، “نعلم الوضعية المالية للدولة، وهناك العديد من المطالب الاجتماعية الملحّة، والدولة لديها إكراهات مالية ومطالبة بالبحث عن توازنات.”

وشدد الرابحي على “ضرورة الجلوس على طاولة التفاوض لإيجاد الحلول المناسبة.”

الإضراب العام عن العمل لمدة 5 أيام سيشمل جميع الأنشطة الاستشفائية والجامعية بكافة المؤسسات الصحية باستثناء حصص الاستمرار وأقسام الطوارئ

ويقدر عدد الأطباء الشبان في تونس بنحو 7 آلاف طبيب، يتوزعون بين طلاب الطب في مراحلهم المتقدمة، والأطباء المتدربين في المستشفيات، وأطباء التخصص.

وتواجه تونس منذ سنوات نزيفا مستمرا في الكفاءات الطبية، حيث تشير بيانات صادرة عن نقابة الأطباء التونسيين إلى هجرة الآلاف من الأطباء نحو الخارج.

وفي قت سابق، أكدت رئيسة النقابة ريم غشام، “مغادرة نحو 3000 طبيب للبلاد منذ عام 2022، بمعدل يقارب 1000 طبيب سنويًا، بينهم أطباء حديثو التخرج، وآخرون ذوو خبرة يعملون في القطاعين العام والخاص.

وحسب معطيات نقابة الأطباء للعام 2024، يبلغ عدد الأطباء في تونس نحو 29 ألف طبيب وطبيبة.

ويتسبّب ضعف عدد الإطارات الطبّية وشبه الطبّية بالجهات الداخلية والمستشفيات الجهوية في مشاكل إضافيّة للمرضى في المناطق المهمّشة حيث يجدون أنفسهم مضطرّين إلى قطع مسافات طويلة للوصول إلى أقرب مستشفى جهوي أو محلّي، ومن ثمّ انتظار موعد قد يأتي متأخّرا جدّا أو نتائج تحليل لا تصدر إلّا بعد فوات الأوان.

ويشهد القطاع الصحي في تونس تحديات كبيرة، منها نقص الموارد البشرية والمعدات، وتزايد الضغط على المستشفيات، خاصة بعد جائحة كورونا.

كما يعاني العديد من المهنيين في القطاع من ظروف عمل صعبة، وتأخر صرف المستحقات المالية، بينما يحذّر متابعون من أن الإضراب قد يؤدي إلى شلل في الخدمات الطبية، وتأخير في مواعيد العمليات والاستشارات، ما قد يؤثر سلبًا على صحة المرضى، خاصة في المناطق الداخلية التي تعتمد بشكل كبير على المستشفيات العمومية. وقد يزيد من الضغط على أقسام الطوارئ، التي ستواصل العمل خلال الإضراب. ​

ويواجه القطاع زيادة عدد الأطباء الذين يتخرجون كل سنة، في مقابل تدهور البنية التحتية للمستشفيات العمومية، والتي لم تعد منحصرة فقط في المناطق الداخلية بل طالت أيضا المستشفيات في المحافظات الكبرى.

4