تعليق واشنطن فرض عقوبات جديدة على طهران يفتح باب التكهنات

واشنطن - كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال"، اليوم الاثنين، عن توجيه صادر من المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، إلى وزارتي الخارجية والخزانة، يقضي بوقف فرض أي عقوبات جديدة على إيران.
يأتي هذا التوجيه في ظل ترقب جولة سادسة من المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة حول الملف النووي، ليثير تساؤلات حول مدى استمرارية سياسة "الضغط الأقصى" التي انتهجتها إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.
وبينما أكدت الصحيفة، نقلًا عن مصدر، أن القيود المفروضة على مبيعات النفط والأصول الإيرانية المجمدة ستظل قائمة، فإن هذا القرار يمثل تحولا لافتا في التعامل مع طهران قبل استئناف المحادثات.
وأفاد مصدر الصحيفة المقرب من البيت الأبيض أن حملة "الضغط الأقصى" التي شنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لا تزال قائمة، مشيرًا إلى أن السياسة الجديدة أُبلغت لكبار المسؤولين في مجلس الأمن القومي ووزارة الخزانة، ثم إلى وزارة الخارجية.
وأضاف أن "المسؤولين المعنيين بشؤون الشرق الأوسط أُطلعوا على السياسة الجديدة، ولكن كان لا بد من نشر التوجيه على نطاق أوسع".
ومع ذلك، تشير تقارير "وول ستريت جورنال" إلى أن الخبر صدر من البيت الأبيض وليس من مجلس الأمن القومي أو وزارة الخزانة كما هو متوقع، وهو ما يعكس حالة "فوضى" يعاني منها مجلس الأمن القومي بعد منح إدارة ترامب أكثر من 100 موظف إجازة، وعدم تسوية المسؤوليات المتعلقة بالسياسات الجديدة بشكل كامل بين وزارة الخارجية ومكتب نائب الرئيس.
وأفادت قناة "سي بي إس" بأن فريق الاتصالات التابع لمجلس الأمن القومي في طريقه إلى الحل، وقد تدخل مكتب المتحدثة باسم البيت الأبيض لسد هذه الثغرة.
وأضافت الصحيفة أنه عندما طُلب من البيت الأبيض التعليق على توقف العقوبات، لم ينكر ذلك، لكنه قدّم البيان التالي من نائبة السكرتير الصحفي آنا كيلي "سيتم الإعلان عن أي قرارات جديدة فيما يتعلق بالعقوبات من قبل البيت الأبيض أو الوكالات ذات الصلة داخل الإدارة".
جاء قرار إيقاف النشاط الإيراني - دون تحديد نقطة نهاية - بعد فترة وجيزة من تجميد تصنيف روتيني للعقوبات من قِبل وزارة الخزانة، مما عطل تصنيفين آخرين على الأقل في جدول أعمالها، ولم تُعلن أي عقوبات أميركية جديدة على إيران منذ 21 مايو.
وهذا التوقف المفاجئ أثار انقسامًا داخل إدارة ترامب؛ فبينما يرى بعض المسؤولين أن هذه السياسة تهدف فقط إلى إبطاء إجراءات العقوبات الجديدة والتدقيق فيها في ضوء المحادثات النووية الحساسة، يخشى آخرون أن يكون اللاعبون الرئيسيون في السياسة قد غابوا عن المشهد، وفوجئوا بهذا التوقف الشامل.
كما يفتقر المسؤولون الأميركيون إلى الوضوح بشأن نطاق تطبيق قرار الإيقاف، وما إذا كان يقتصر على العقوبات الجديدة فقط، أو أن أي نشاط جديد لتطبيق العقوبات القائمة سيُخالف العقوبات الحالية أيضًا.
وتحرص إدارة ترامب على عدم إثارة الإيرانيين بلا داعٍ خلال المفاوضات النووية، خاصة وأن الضغط هو ما دفع إيران إلى طاولة المفاوضات وكانت العقوبات الأميركية الأخيرة في بدايتها، كما بدأوا يحققون نجاحًا في تعطيل صادرات النفط الإيرانية إلى الصين.
وترى الصحيفة أن إيران تستغل المحادثات لكسب الوقت وتهدئة الأوضاع، حتى مع رفضها الشروط الأميركية مما يقوض الثقة ويُعقد مسار التوصل إلى اتفاق شامل وموثوق.
وتؤكد تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية هذا التوجه، حيث أظهر تقريران سريان للوكالة أن إيران ماضية قدما في إنتاج اليورانيوم عالي التخصيب، وأنها خدعت المفتشين بشأن أنشطتها النووية لسنوات، مستغلة أي حسن نية قُدّم لها.
وأشارت تقارير الوكالة إلى أن التخصيب إلى هذا المستوى المرتفع "يثير قلقًا بالغًا" لأنها الدولة الوحيدة التي تقدم على ذلك بدون إنتاج أسلحة نووية، مما يثير الشكوك حول نواياها الحقيقية.
وأكد الرئيس ترامب في كتبه على أهمية "التعامل انطلاقًا من قوتك، والضغط هو أكبر قوة يمكنك امتلاكها"، وقد مارس هذه السياسة بفعالية في بداية ولايته. ومع ذلك، يثير التوجيه الجديد بتجميد العقوبات تساؤلات حول ما إذا كانت إدارته ستحد الآن من نفوذها، أو ما إذا كانت هذه الخطوة مجرد تكتيك مؤقت في خضم المفاوضات.
في 30 مايو الماضي، أعلن ترامب إمكانية إبرام اتفاق قريب مع طهران بشأن برنامجها النووي. لكن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، أشار من جانبه إلى أن البلدين ما زالا بعيدين عن إبرام اتفاق.
وأعلن عراقجي، السبت، أنه تلقى اقتراحا مكتوبا من الجانب الأميركي عبر الوسيط العماني، لافتا إلى أن بلاده تعد ردا مكتوبا عليه أيضا.
ويُرتقب أن تُعقد جولة سادسة بين الطرفين لمواصلة المحادثات التي انطلقت في 12 أبريل الماضي، والتي وصفت بالإيجابية حتى الآن، رغم العقدة الأساسية التي لا تزال قائمة والمتمثلة بالسماح لإيران بتخصيب اليورانيوم على أراضيها. ويبقى تأثير قرار وقف العقوبات على مسار هذه المفاوضات وعلى سياسة واشنطن تجاه طهران في المستقبل أمرا جوهريا ومحط ترقب.