قوى حزبية تدعو السلطة إلى الحوار ووقف سياسة الانغلاق في الجزائر

حزب جيل جديد يدين تعرض أحد قياداته لحكم قضائي بالسجن.
الاثنين 2025/06/02
السلطة تشدد قبضتها على الأحزاب

تتعالى الأصوات الحزبية والسياسية المعارضة للسلطة في الجزائر منادية بضرورة تنظيم حوار وطني شامل، يكون مفتوحا على كل التيارات الفكرية والسياسية، في مسعى لإنهاء حالة الانغلاق السياسي وانفراد السلطة بصنع القرار.

الجزائر - رفعت قوى حزبية جزائرية من مختلف التشكيلات السياسية والأيديولوجية صوتها مجددا للسلطة من أجل وضع حد لنمط الانغلاق الممنهج، ودعتها إلى الحوار الشامل والمفتوح، بهدف بلورة مخارج لأزمة داخلية يتم تجاهلها، كما حذرت من تداعيات التطورات الإقليمية المتصاعدة، في ظل غياب توافق داخلي وتماسك بين الفواعل السياسية والأهلية في البلاد.

وعبر حزب جيل جديد المعارض عن رفضه وإدانته لما تعرضت له مناضلته، وأحد كوادره في الإدارة المركزية، نهيمة عباد من حكم قضائي بالسجن، بسبب تنديدها بإدارة وسياسة إحدى البلديات الواقعة بالقرب من العاصمة، ووصف الإجراء بـ”المقاربة الأمنية ضد المواطنين”، في تلميح لسياسة الغلق التي تمارسها السلطة ضد المناضلين والناشطين السياسيين.

وذكر في بيان اطلعت عليه “العرب” أن “نهيمة عباد لم تُتهم بالفساد ولا بالاختلاس ولا بأي تجاوز مالي، بل حُكم عليها بالسجن لأن رئيس البلدية شعر بالإحراج ورفع شكوى للنيابة العامة. وبدلاً من تحمل مسؤولياته ومعالجة المشاكل الحقيقية، اختبأ خلف منصبه للانتقام من امرأة شريفة ووطنية.”

هناك إجماع غير معلن بين قوى سياسية في الجزائر على ضرورة الذهاب إلى حوار، من أجل احتواء حالة الشلل الداخلي

وأضاف “إذا كان أسلوبها في الخطاب لا يروق للبعض، فإن الواقع البائس والممارسات المشبوهة في التسيير المحلي تفسر ذلك بوضوح. وبدلاً من فتح تحقيقات جادة حول هذه التجاوزات، فضّلت السلطات المحلية معاقبة مواطنة نموذجية، كان يُفترض أن تُكرّم في بلدان تحترم الكلمة الحرة.”

وتابع “من البديهي أن قضية السيدة عباد ليست حالة معزولة، فهي ليست الأولى، ويبدو للأسف أنها لن تكون الأخيرة. وكان من المفترض أن تُقلق السلطات العليا في البلاد رؤية مواطنين نزهاء وملتزمين بالتغيير، يُعاملون بهذه الطريقة التي لا تُفضي إلا إلى الإحباط والاستقالة الجماعية من الشأن العام.”

ولفت الحزب إلى أن الضغوط الممارسة على المناضلين وتكميم الإعلام وتوظيف القضاء لقمع العمل السياسي لا تبشر بالاستقرار، بل تُؤدي إلى إحباط الأمة وزرع بذور الاحتجاج.

ويأتي هذا الموقف في خضم سياق تهيمن عليه الأحادية السلطوية، حيث يتم رفض الأصوات والآراء المعارضة لها، كما يجري غلق وسائل الإعلام أمام النقاش الحر ونقد مؤسسات الدولة، وامتد الأمر إلى حملة شنها موالون للسلطة على شبكات التواصل الاجتماعي، ضد نواب برلمانيين انتقدوا أداء الحكومة، خاصة وزير الاتصال.

وتسود حالة إجماع غير معلن بين قوى سياسية، منها المعارض ومنها المقرب من السلطة، على ضرورة الذهاب إلى حوار وطني شامل ومفتوح، من أجل احتواء حالة الشلل الداخلي، والتخندق ضد التطورات الإقليمية المتسارعة في المنطقة، وهو ما دعا إليه الرئيس عبدالمجيد تبون في خطاب التنصيب رئيسا للبلاد لولاية ثانية في شهر سبتمبر الماضي، لكن لا شيء يوحي بوجود مسعى للخطوة التي وعد بها الرجل الأول في الدولة.

وأكد الأمين العام الأول لجبهة القوى الاشتراكية يوسف أوشيش، في خطاب له بمناسبة انعقاد المجلس الوطني لحزبه، على أن “الجزائر تمر بمرحلة دقيقة من تاريخها، في ظل عالم مضطرب يعاد فيه رسم الخرائط الجيوسياسية وفرض منطق الهيمنة والصراعات بالوسائل الهجينة، وهو ما يجعلها، بموقعها وثرواتها، عرضة لأطماع ومخاطر متزايدة.”

واستعرض الرجل الأول في الحزب المعارض بقلق الأوضاع الإقليمية والدولية، بداية من تحوّل ليبيا إلى ساحة صراع دولي، ومنطقة الساحل إلى مسرح لحروب هجينة تتداخل فيها المصالح الدولية تحت غطاء مكافحة الإرهاب، بينما تتكاثر التهديدات على حدود الجزائر، واعتبر أن ما يُحاك في المنطقة لا يستهدف الأنظمة فقط بل تماسك المجتمعات وهوياتها ومقاومتها.

وعبر أوشيش عن تمسك جبهة القوى الاشتراكية بمبادئها في الدفاع عن الدولة الوطنية وسيادتها ووحدتها وتماسكها، داعيا إلى تسمية التهديدات بأسمائها وبناء جبهة وطنية موحدة لمواجهتها، ومطالبا السلطة بتغيير المقاربات السياسية، وإعادة جسور الثقة بين الشعب والدولة عبر مسار ديمقراطي منفتح. وأشار إلى أن “حماية البلاد تبدأ من مشروع سياسي جامع، لا بشعارات جوفاء أو انغلاق أمني.”

حركة مجتمع السلم تدعو إلى ضرورة تجاوز حالة الجمود السياسي التي تشهدها البلاد بسبب غياب الحوار الوطني الجاد والغموض الذي يحيط بمصير عدد من مشاريع القوانين

ولفت المتحدث إلى أن “مناعة الدولة تُبنى بإصلاحات جذرية، وباقتصاد منتج، وبمؤسسات شفافة، ومجتمع مدني حي، وإعلام حر، وعدالة مستقلة، وشباب فاعل.”

ودعا إلى “إلغاء المادة 87 مكرر من قانون العقوبات، ومراجعة كل التشريعات المقيّدة للحريات، ووقف تمرير القوانين المصيرية بطريقة أحادية، لأن الديمقراطية هي الحصن المنيع لأي أمة، فضلا عن ضرورة مراجعة قانون الانتخابات قبل أي استحقاق مقبل، لترسيخ تمثيل سياسي شفاف وتنافسي، فالحاجة لطبقة سياسية وطنية ذات مصداقية قادرة على إعادة الثقة للعمل السياسي. وأن أمن الجزائر يجب أن يعكس تنوعها، وأن التعددية الثقافية من إسلام وأمازيغية وعروبة وحداثة هي مصدر قوة يجب حمايته.”

ومن جهة أخرى دعت حركة مجتمع السلم، في بيان لها، إلى “تجاوز حالة الجمود السياسي التي تشهدها البلاد،” مشيرة إلى “غياب الحوار الوطني الجاد والغموض الذي يحيط بمصير عدد من مشاريع القوانين.”

كما دعت إلى ضرورة تجاوز حالة الجمود السياسي التي تشهدها البلاد بسبب غياب الحوار الوطني الجاد والغموض الذي يحيط بمصير عدد من مشاريع القوانين، لاسيما تلك المتعلقة بتنظيم الحياة السياسية والجماعات المحلية.

وأكدت الحركة التي تتبنى خطا معارضا داخل البرلمان أن “هذه القوانين تمثل فرصة لتحريك الساحة السياسية، وفتح المجال أمام مشاركة الشباب، ما يتطلب استعجال إصدارها في إطار انفتاح شامل على كل الفاعلين السياسيين، وأن مشروع قانون التعبئة العامة مناسبة لبناء توافق وطني يشمل كل الأطراف السياسية والمجتمعية، وهو فرصة لمعالجة الإخلالات الداخلية على مختلف الأصعدة، بما يعزز مناعة البلاد في المرحلة المقبلة.”

4