عراقيان وتونسي يتوجون بجائزة العويس الثقافية في الأدب والدراسات

جائزة سلطان بن علي العويس تكرم الأدباء والكتاب والمفكرين والعلماء العرب في دورتها التاسعة عشرة.
الاثنين 2025/06/02
سعيد وكجه جي والتميمي مؤثرون في الثقافة العربية

دبي - فازت الروائية العراقية إنعام كجه جي الأحد بجائزة سلطان بن علي العويس الثقافية في الإمارات بمجال القصة والرواية والمسرحية في دورتها التاسعة عشرة.

كجه جي ولدت في بغداد ودرست في جامعتها قبل أن تنتقل إلى باريس، وهي تعمل في مجال الصحافة والترجمة والكتابة وأصدرت العديد من الروايات منها “سواقي القلوب” و”الحفيدة الأميركية” و”طشاري” و”صيف سويسري”.

وذكر بيان لمؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية أن لجنة التحكيم منحت كجه جي الجائزة “لما تميزت به كتابتها الأدبية من قدرة على المزج بين الجانبين التوثيقي والأدبي.”

وأضاف البيان “برزت في أعمالها موضوعات الهوية، والمنفى، والاغتراب، والتشظي النفسي، والحنين الذي يعيد اكتشاف الماضي ويطرحه برؤية نقدية جديدة.”

إنعام كجه جي وحميد سعيد وعبدالجليل التميمي يتوجون بجائزة سلطان بن علي العويس الثقافية نظير تجاربهم الفريدة

حققت الكاتبة العراقية إنعام كجه جي معادلة صعبة يتمنى كل كاتب عربي بلوغها، ألا وهي ثقة القراء وانتظارهم لأعمالها الجديدة، دون سقوطها في التوجهات التجارية التي تميز بعض الكتاب الجماهيريين. إذ ربما كان للجوائز التي ترشحت إليها أعمال الكاتبة دور، وربما كان للصحافة دور أيضا.

وتصفها مواطنتها الكاتبة العراقية لطفية الدليمي بأنها “من بين حارسات الروح الإنسانية؛ فهي الفياضة بالمحبة والجمال، المبدعة التي تخلق في رواياتها عوالم لا ينافسها فيها أحد ولا تشبه إلا نفسها.”

كما فاز العراقي حميد سعيد بالجائزة في مجال الشعر. سعيد، شاعرا وإنسانا، شكّل في الضمير الجمعي العراقي أيقونة محبة، لا يخفى تأثيرها على أحد، وامتد هذا التأثير والحضور إلى ربوع الوطن العربي، وربما إلى العديد من مراكز البحث في الجامعات الأجنبية. حوله كتبت الكثير من المؤلفات التي لم تتوقف عند شعره فحسب.

تجربة الشاعر حميد سعيد تجربة حياتية وإبداعية ثرية بما تشمله من قراءات متنوعة وسفر عاشه بكل غناه من أناس وثقافة وأماكن متنوعة وتاريخ حضاري منذ نشأته في العراق، ثم التزامه المطلق بقضية فلسطين، ثم إسبانيا ثم المغرب.

الشاعر العراقي كتب الشعر مدفوعا برغبته في أن يمزج الأسطوري بالواقعي. ذلك ما دفعه إلى استلهام شخصيات مغامرة، بعضها ينتمي إلى التاريخ والبعض الآخر اخترعه خيال الكتابة كما هو حال أوليس العائد إلى إيثاكا.

ربما يُخيل إلى البعض أن سعيدا هو شاعر ملتزم بالمعنى السياسي استنادا إلى الوظائف التي تقلدها في العراق سابقا. تلك فكرة مسبقة سرعان ما يتخلى عنها المرء حين يقرأ شعره.

وذهبت الجائزة في مجال الدراسات الأدبية والنقد إلى المغربي حميد لحمداني، الذي يعد أحد أبرز الوجوه النقديّة في المغرب، لما يقدّمه من جهود ثريّة في مجال الإبداع والنقد، ونقد النقد، في وقت تزايدت فيه ملامح التباين في تقدير هذه المجالات، وحجم التداخل بينها، كما يتعرض النقاد لاتهامات تتعلق بمواقفهم وانحيازاتهم المسبقة.

على امتداد مسيرته كتب لحمداني العديد من الأعمال الهامة في مجال نقد النقد متعرضًا للحديث عن التطبيقات النقدية لعدد من المناهج مثل البنيوية والموضوعاتية والنقد التاريخي والنفساني.

 فيما حصل على الجائزة في مجال الدراسات الإنسانية المستقبلية التونسي عبدالجليل التميمي (1939)، والذي يعتبر حدثا معرفيا كامل الأوصاف في البلاد العربية، وقد انطلق من فراغات هائلة في الحقول البحثية والمعرفية والعلمية العربية، وتصدى لتقديم بديل تاريخي جديد يقرأ في الصدور، ويصوغ تاريخا جديدا؛ تاريخ الهامش أو تاريخا مختلفا عن صوْغ رسمي أطنب في تجميل نفسه وتقديس الأقوياء.

لجنة التحكيم تمنح كجه جي الجائزة لما تميزت به كتابتها الأدبية من قدرة على المزج بين الجانبين التوثيقي والأدبي

أصدر التميمي أكثر من 12 كتابا بدءا من كتابه “بحوث ووثائق في التاريخ المغربي 1816 – 1871” الذي صدر عام 1971 وصولا إلى “تساؤلات حول مجتمع المعرفة والمؤرخين والبحث في البلاد العربية” الذي صدر عام 2004، مرورا بـ”موجز الدفاتر العربية والتركية بالجزائر” (1984)، و”دراسات في التاريخ العربي – الأفريقي” (1994)، و”دراسات حول العلاقات الإسلامية – المسيحية” (1996)، و”دراسات في منهجية الحكم والسياسة البورقيبية” (2004) وغيرها الكثير.

كان التميمي أول باحث ومؤرخ عربي يصل إلى الوثائق العربية في إسطنبول منذ عام 1965، ولذلك تعلم اللغة التركية ليكتشف رصيدا هائلا من المعلومات المهمة في الأرشيف التركي، وهي وثائق تتناول تاريخ “الإيالات” العربية في العصر العثماني، كما توصل إلى وثائق مهمة أيضا تهم الوجود العربي الإسلامي في الأندلس خاصة في المرحلة الفاصلة بين سقوط غرناطة (1492) وطرد العرب المسلمين منها.

ويذكر أن جائزة سلطان بن علي العويس تأسست عام 1987 بهدف تشجيع وتكريم الأدباء والكتاب والمفكرين والعلماء العرب وهي تحمل اسم الشاعر الإماراتي الذي توفي عام 2000 عن عمر ناهز 75 عاما.

وتبلغ قيمة الجائزة التي تقدم كل عامين 120 ألف دولار في كل مجال وهي القيمة التي قرر مجلس الأمناء في الآونة الأخيرة رفعها إلى 150 ألف دولار.

وقال الأمين العام للمؤسسة عبدالحميد أحمد إن لجنة التحكيم قررت فوز هؤلاء الأدباء والمفكرين “لتميزهم كل في مجاله، ولأعمالهم التي ساهمت في تطور الأدب والثقافة في العالم العربي.”

12