مهرجان بورسعيد السينمائي يطلق اسم محمود ياسين على دورته التأسيسية

بورسعيد (مصر)- تستعد محافظ بورسعيد الواقعة شمال شرق القاهرة، لإطلاق فعاليات الدورة الأولى من مهرجان بورسعيد السينمائي الدولي، الذي تراهن من خلاله على تثبيت اسمها على خارطة المهرجانات السينمائية الفاعلة والمؤثرة وطنيا ودوليا.
ويُقام المهرجان تحت رعاية اللواء محب حبشي محافظ بورسعيد، والدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، ونقابة المهن السينمائية برئاسة الأستاذ مسعد فودة، ويُقام تحت مظلة جمعية بورسعيد للفنون المسرحية والثقافية برئاسة الفنان عبدالسلام الألفي.
واختارت إدارة المهرجان أن تحمل الدورة التأسيسية اسم النجم المصري الراحل محمود ياسين، على أن تُقام خلال الفترة من 18 إلى 22 سبتمبر المقبل، برئاسة الناقد السينمائي أحمد عسر.

والفنان الراحل محمود ياسين هو واحد من أعمدة الفن المصري والعربي، وُلد في الثاني من يونيو عام 1941 بمدينة بورسعيد. نشأ في أسرة مصرية عادية، وكان يتمتع منذ صغره بموهبة واضحة في الإلقاء والتمثيل. التحق بكلية الحقوق في جامعة عين شمس وتخرج منها عام 1964، لكنه لم يعمل في المحاماة، بل انجذب إلى عالم الفن، وانضم إلى المسرح القومي ليبدأ منه رحلته الفنية الطويلة والمميزة.
تميّز محمود ياسين بأداء رصين وصوت رخيم جعل حضوره على المسرح والشاشة مميزًا للغاية. شارك في عدد هائل من الأعمال الفنية، تجاوزت الـ150 فيلمًا سينمائيًا، إلى جانب العديد من المسلسلات التلفزيونية والمسرحيات. كان من أبرز نجوم فترة السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، ولقّب حينها بـ”فتى الشاشة الأول” نظرًا لكثرة بطولاته في الأفلام الرومانسية والوطنية.
من أشهر أفلامه السينمائية: “الخيط الرفيع”، “أنف وثلاث عيون”، “الرصاصة لا تزال في جيبي”، “شيء من الخوف”، “العذاب امرأة”، و”حب وكبرياء”. أما على صعيد التلفزيون، فقد تألق في مسلسلات مثل “أبوحنيفة النعمان”، “سوق العصر”، “ماما في القسم”، و”أصابع الزمن”. وعلى خشبة المسرح، قدّم أعمالًا متميزة مثل “ليلة مصرع جيفارا”، “وا قدساه”، و”الخديوي”.
وخلال مسيرته الطويلة، حصل محمود ياسين على العديد من الجوائز والتكريمات من مهرجانات مصرية وعربية، منها مهرجان القاهرة السينمائي ومهرجان الإسكندرية، تقديرًا لعطائه الفني الراقي. كما ظل حتى آخر أيامه رمزًا للوقار والجدية في الفن.
حظي الفنان محمود ياسين بتقدير واسع من النقاد طوال مسيرته الفنية، إذ اعتبروه ممثلًا استثنائيًا يمتلك أدوات فنية متكاملة، تجمع بين الحضور الطاغي، والصوت المؤثر، والقدرة على التعبير الدقيق عن المشاعر المعقدة. وقد ركّز النقاد بشكل خاص على أدائه في الأدوار الرومانسية والوطنية، معتبرين إياه أحد أبرز نجوم جيله في تجسيد صورة “البطل” سواء في ساحات الحب أو ساحات المعركة، كما في فيلم “الرصاصة لا تزال في جيبي”، الذي اعتُبر من أهم الأفلام المرتبطة بحرب أكتوبر، وواحدًا من أبرز الأفلام الوطنية في تاريخ السينما المصرية.
الفيلم تعاون فيه محمود ياسين مع المخرج حسام الدين مصطفى، إلى جانب نخبة من الفنانين مثل نجوى إبراهيم وحسين فهمي ويوسف شعبان وصلاح قابيل.
يستند الفيلم إلى قصة قصيرة لإحسان عبدالقدوس، ويستعرض من خلال شخصية محمد – الجندي المصري – رحلة التحول من الهزيمة بعد نكسة يونيو 1967 إلى النصر في حرب أكتوبر 1973.

وبالرغم من تقدمه في السن، فإن ظهوره في أدوار الأب الحكيم والرمز الأخلاقي في أعماله الأخيرة قوبل بإعجاب كبير، وأكد على نضجه الفني واستمراره في التأثير.
وتوفي الفنان الكبير يوم 14 أكتوبر عام 2020، بعد صراع مع المرض، تاركًا خلفه إرثًا فنيًا غنيًا يُخلّد اسمه في ذاكرة الفن المصري والعربي.
وأشار رئيس المهرجان إلى أن مهرجان بورسعيد السينمائي الدولي سيُمثل منصة مهمة للاحتفاء بالإبداع السينمائي، وترسيخ مكانة بورسعيد كمنارة ثقافية وسينمائية، كما يسعى إلى فتح آفاق جديدة للتواصل بين صنّاع الأفلام من مختلف دول العالم، ليكون تجربة ثقافية وفنية ثرية تُثري جمهور المدينة.
وأكد أنه يمكن متابعة كافة تفاصيل المهرجان عبر الموقع الرسمي وصفحات التواصل الاجتماعي الخاصة بالمهرجان.
وأعرب عسر عن بالغ امتنانه لمحافظة بورسعيد على اهتمامها الكبير بالثقافة والفنون، ورعايتها للمهرجان، ما يعكس إيمانها العميق بدور الفن في تنمية المجتمع، ويؤكد حرص قادتها على ترسيخ مكانة بورسعيد كمركز ثقافي وسينمائي متميز.
كما وجّه الناقد السينمائي الشكر والتقدير لوزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو، على دعمه الكامل للمهرجان منذ انطلاق فكرته، مؤكدًا أن هذا الدعم يعكس وعي الوزارة بأهمية الفن كأداة للتنوير، وحرصها على دعم المبادرات الجادة التي تعزز من دور الثقافة في بناء الإنسان والمجتمع.
ويُعد مهرجان بورسعيد السينمائي الدولي خطوة واعدة لترسيخ حضور المدينة على خريطة المهرجانات السينمائية في مصر والمنطقة، حيث يأمل القائمون عليه أن تنجح دورته الأولى في تحقيق انطلاقة فنية متميزة تُعبّر عن هوية بورسعيد الثقافية والسياحية.
يذكر أن المهرجان كان من المقرر أن ينطلق خلال الأسبوع الأول من ديسمبر 2024، ولكنه توقف قبل افتتاحه بساعات قليلة، ما أحدث بلبلة وتساؤلات في الأوساط الفنية. وبررت إدارة المهرجان قرارها بالتأجيل بأنه جاء استجابة لقرار المحافظة، مؤكدة آنذاك حرصها على تقديم فعالية تليق بمكانة المدينة وعراقتها وتعزز من مكانها كمدينة تاريخية وسياحية وأيضًا تقديم دورة مميزة لصناع الأفلام المشاركة في المهرجان وكل المشاركين في المهرجان من لجان تحكيم وضيوف.