عمّان - دشن الأردن مرحلة الاستثمارات في احتياطياته المنسية من النحاس من خلال إبرام أول شراكة للتنقيب واستغلال خامات هذا المعدن في منطقة أبو خشيبة في وادي عربة جنوب البحر الميت.

ووقّع وزير الطاقة والثروة المعدنية صالح الخرابشة وعضو هيئة المديرين، مدير عام شركة وادي عربة للمعادن هاني معتوق الأسمر اتفاقية لاستخراج النحاس من المنطقة على مساحة 48 كيلومترا مربعا ولمدة 30 عاما.

ويكتسب التركيز على النحاس أهمية إستراتيجية للبلد من حيث تعزيز المكانة الاقتصادية للبلد في الشرق الأوسط والعالم وإعادة الزخم الاستثماري لقطاع التعدين، كونه ينسجم مع رؤية التحديث، بما يدعم جهود السلطات للتحول الأخضر مستقبلا.

وعززت المؤشرات الإيجابية آمال البلد بالتنقيب واستكشاف نحاسه في مناطق الجنوب، حيث أظهرت التقارير وجود نتائج ذات جدوى في هذا الخام، ما يحقق نقلة نوعية في القطاع.

ويأتي الاهتمام بالقطاع وخاصة النحاس تزامنا مع تزايد الطلب العالمي، باعتباره من المعادن الإستراتيجية للعديد من الصناعات، فضلا عن أهمية العناصر المصاحبة له، والتي ستكون لها قيمة مهمة في خفض الكربون.

والمعدن الأحمر الذي لم يحظ بالاهتمام الكافي على الأقل خلال السنوات الأربع الأخيرة حول العالم، هو شريان أساسي لشبكات الطاقة والمعدات الكهربائية وغيرها من المصادر والصناعات التي تعتمد عليه، والوسيلة الرئيسية للحد من الغازات الدفيئة.

وأكد الخرابشة أن الخطوة تأتي في إطار تعزيز قطاع التعدين، بما يتماشى مع برنامج التحديث الهادف إلى استغلال الثروات الطبيعية وتعظيم الاستفادة منها لتحقيق قفزات نوعية في النمو الاقتصادي واستحداث فرص عمل للأردنيين.

ونسبت وكالة الأنباء الأردنية إلى الخرابشة قوله إن “الشركة أنهت دراسات الجدوى الاقتصادية الأولية ضمن مذكرة التفاهم الموقعة مطلع عام 2022″، مشيرا إلى وجود احتياطات من النحاس في الصخور النارية، وستتم مواصلة الدراسات بشأنها قبل مرحلة التطوير.

وبينت الدراسات أن المنطقة تحتوي على كميات جيولوجية تقدر ما بين 20 و30 مليون طن من خام النحاس في صخور المنطقة وبنسبة تراكيز مجدية اقتصاديا.

وتلزم الاتفاقية شركة وادي عربة للمعادن بتقديم كفالة حسن تنفيذ لضمان جدية العمل والمضي بالإجراءات اللازمة لإصدار القانون الخاص الذي يقره البرلمان لحقوق الامتياز، كما تلتزم بالشروط البيئية والتشريعية النافذة للشركات المساهمة الأردنية.

وتتضمن بنود الاتفاقية طرح الشركة لما لا يقل عن 49 في المئة من أسهمها للاكتتاب العام، مع احتفاظها بنسبة لا تزيد عن 51 في المئة من الأسهم.

وأكد الأسمر أن الشركة ستباشر العمل مبكرا، وسيتم إنشاء مصنع مختص بالصناعات التحويلية لإنتاج المنتجات النحاسية.

وعبّر عن تقديره للحكومة للموافقة على توقيع هذه الاتفاقية المهمة والتي تأتي في إطار جهود الدولة للتركيز على قطاع التعدين، مؤكدا التزام الشركة بالعمل ضمن الأطر الزمنية المحددة.

وتحظر الاتفاقية على الشركة بيع أو تصدير أو توزيع المعادن كخام غير معالج، وتلزم المطور بمعالجة جميع المعادن والمعادن المصاحبة المستخرجة إلى درجة نقاوة محددة في ملحق الاتفاقية قبل البيع أو التوزيع أو التصدير.

والهدف من ذلك تعظيم المنفعة للاقتصاد، كما أن عوائد هذا الاستثمار ستزداد لصالح الخزينة حسب سعر المادة الخام في الأسواق العالمية.

وأوضح مدير مديرية الجيولوجيا والتعدين في الوزارة هشام الزيود، أن الاتفاقية حددت النموذج المالي ونسبة الأتاوة المرتبطة بسعر النحاس بحيث لا تقل عن 3 في المئة من الإيراد الكلي قبل احتساب التكاليف وتزداد مع زيادة السعر حسب بورصات المعادن العالمية.

وسيتم، وفقا للنموذج المالي المتفق عليه مع الشركة في مرحلة التفاوض، وفق الزيود، استفاء جميع الضرائب الأخرى من قبل الحكومة، والتي تشكل 31 في المئة من صافي الأرباح.

ويؤكد خبراء منصة أنتليكت لأبحاث السوق أن النحاس يلعب دورا حيويا في مختلف الصناعات، إذ يستخدمه قطاع البناء في الأسلاك والسباكة، بينما تعتمد صناعة الإلكترونيات عليه لمكونات مثل لوحات الدوائر والمحركات الكهربائية.

ومع التحول نحو الطاقة البديلة، ارتفع الطلب العالمي على النحاس بمقدار 50 في المئة خلال العامين الأخيرين، لأنه مادة رئيسية في الألواح الشمسية وتوربينات الرياح وبطاريات السيارات الكهربائية.

وتعكف وزارة الطاقة الأردنية عبر فرق التفاوض على استكمال إجراءات الاتفاق على بنود الاتفاقيات التنفيذية لخام الذهب في منطقة أبو خشيبة والعناصر الأرضية النادرة مع الشركة البيئية الجديدة وتعدين النحاس في ضانا مع الشركة المتكاملة.

كما تجهز لعقد اتفاقيتين تنفيذيتين لتعدين خام الفوسفات في منطقة الريشة مع شركتي العربية للتعدين وتسنيم العمانية.