رسائل مضمونة الوصول من عرض "الكرامة" العسكري

العرض العسكري الكبير الذي انتظم في مدينة بنغازي قبل أيام أكد بما لا يدع مجالا للشك وجود قوة ضاربة في ليبيا، قادرة على فرض الأمن والاستقرار، تأمين الحدود، حماية الثروات، واستعادة سيادة الدولة وضمان وحدتها، وإخراجها من نفق الفوضى والانفلات والانقسام الذي دخلته منذ 15 عاما.
جاء العرض بمناسبة الذكرى الحادية عشرة لعملية الكرامة، التي تحوّلت إلى ثورة حقيقية ضد الإرهاب والتطرف والتدخلات الخارجية المباشرة. وهي ثورة أطاحت بحكم الميليشيات التي حولت شرق ليبيا إلى إمارات طائفية للتنظيمات المتشددة، وسعت إلى إعادة البلاد إلى القرون الوسطى.
يتذكر سكان تلك المناطق ما كانت عليه مدن مثل بنغازي ودرنة من صراعات بين المتكالبين على السلطة، المتناحرين على الغنيمة، المختلفين في العقيدة، المتفقين على ثقافة الخراب، الساعين إلى تصفية كل من له صلة بمفهوم الدولة الوطنية، أو ممن خدم في مؤسساتها، أو دافع عن وحدتها وهويتها وحريتها وسلامة أراضيها.
◄ الاستعراض العسكري في ليبيا الذي شهدته وفود من عدة دول أكد بما لا يدع مجالا للشك أن الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر أصبح قوة لا يمكن الاستهانة بها
في أكتوبر 2014، أي بعد خمسة أشهر من إعلان عملية الكرامة، قال المشير خليفة حفتر “اليوم أنقل إليكم عن رجال عملية الكرامة أنهم صاروا جاهزين لتحقيق هدفهم المرحلي الأهم، وهو تحرير مدينة بنغازي. تحريرها هو المرحلة الإستراتيجية الأهم في معركة الجيش ضد الإرهاب، لأنه سيفتح الباب أمام تحرير كافة ربوع الوطن من الإرهابيين العابثين باستقراره وأمنه ووحدته.”
وأضاف “الساعات والأيام القادمة ستكون صعبة، لكن لا بد من ذلك لكي نعيد الأمن والأمان. فور انتهاء المعركة، سيعيد الجيش الحياة إلى المدينة، بعودة المدارس، الجامعات، المطارات، الموانئ، والمصالح الحكومية إلى العمل. علينا أن نواجه بجسارة عدوّنا اليوم، ونبني وطننا حرا مستقرا.”
وفي 5 يوليو 2017، أعلن المشير حفتر رسميا تحرير بنغازي من الجماعات الإرهابية والميليشيات الخارجة عن القانون. وفي 29 يونيو 2018، أعلن عن تحرير درنة من سيطرة تنظيم القاعدة، بعد أن كانت أول إمارة للسلفية الجهادية على الضفة الجنوبية للمتوسط. وفي أوائل 2019، تمكنت قوات الجيش من بسط نفوذها على كامل مناطق الجنوب، وفي 6 يناير 2020، نجحت في تحرير مدينة سرت من الميليشيات الخارجة عن القانون، التي ورثت حكم المدينة ومحيطها عن تنظيم داعش.
اليوم، يسيطر الجيش الوطني على أكثر من 80 في المئة من مساحة البلاد، ويضمن أمن واستقرار تلك المناطق الممتدة شرقا ووسطا وجنوبا، بالإضافة إلى بعض المناطق الغربية، عبر إدارة حكومية منبثقة عن مجلس النواب، وجاهزية مؤسسات عسكرية وأمنية توحي بوجود دولة مقتدرة، قادرة على قيادة عملية إعادة الإعمار، تحقيق المصالحة، وإدارة علاقاتها الخارجية وفق مصالحها ورؤيتها الإستراتيجية.
حمل العرض العسكري الكبير، الذي أقيم بالمدينة العسكرية في 26 مايو 2025، عدة رسائل واضحة، أبرزها أن ليبيا المستقبل لا يمكن أن تكون خارج إطار عملية الكرامة، وأن مايو 2014، الذي شهد انطلاق معركة الأمن والاستقرار والتنمية والإعمار والسيادة، طوى صفحة فبراير 2011، الذي كان بداية الفوضى والانفلات وتقسيم المجتمع ونهب ثروات البلاد وتسليم السلطة للجماعات الإرهابية.
◄ اليوم، يسيطر الجيش الوطني على أكثر من 80 في المئة من مساحة البلاد، ويضمن أمن واستقرار تلك المناطق الممتدة شرقا ووسطا وجنوبا، بالإضافة إلى بعض المناطق الغربية
الرسالة الثانية، أن الجيش الوطني هو عماد الدولة وحامي سيادتها، ولا يمكن بأيّ حال الحديث عن الحوار أو التوافق بينه وبين ميليشيات متورطة في القتل، النهب، السلب، الخطف، الاغتصاب، والعبث بمقدرات الشعب.
اليوم، بات الجيش الوطني قوة ضاربة يُحسب لها ألف حساب، داخليا وخارجيا، ولا يمكن تجاهل مكانتها أو تجاوز دورها في أيّ مشروع سياسي منتظر في البلاد. فأيّ خطة مستقبلية ستقوم على أحد خيارين، إما أن يبسط الجيش الوطني نفوذه على كامل البلاد، أو أن يظل مسيطرا على مناطق نفوذه الحالية، ضمن كيان اتحادي طبق دستور جديد مستوحى من دستور 1951.
الاستعراض العسكري، الذي شهدته وفود من عدة دول، أكد بما لا يدع مجالا للشك أن الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر أصبح قوة لا يمكن الاستهانة بها.
ووفق التصنيف السنوي لموقع Global Fire Power لعام 2025، احتل الجيش الليبي المرتبة 11 عربيا، التاسعة أفريقيا، والـ76 عالميا من بين 145 دولة. ما يعني أن القوة التي أطلقت قبل 11 عاما عملية الكرامة ببضع مئات من العسكريين والمتطوعين، استطاعت تحقيق إنجاز غير مسبوق، بتأسيس قوات مسلحة محترفة، وفق تراتبية معترف بها عالميا، تضم أكثر من 80 ألف مقاتل، وتمتلك مقدرات واسعة برا وجوا وبحرا وإلكترونيا، وتعتمد أحدث التقنيات.
كما تم إنشاء مدينة عسكرية حديثة تحمل اسم المشير خليفة حفتر، تقديرا لدوره في إعادة تأسيس الجيش ورسم ملامح الدولة الليبية الجديدة، حيث تعد هذه المنشأة من بين الأفضل في المنطقة من حيث البنية التحتية والتجهيزات العسكرية الحديثة.