انحسار عالمي في إصدار الديون السيادية المقومة بالدولار خلال 2025

لندن- تُصدر الحكومات في آسيا وأوروبا ديونًا بالدولار أقل بكثير من المعتاد، مُفضّلةً الإصدار محليًا لتجنب التعرض لارتفاع عوائد السندات التي تصدرها الولايات المتحدة، وتقلبات أسعار العملات، والمخاوف الأوسع نطاقًا بشأن مالية الحكومة الأميركية.
ووفقًا لبيانات ديلوجيك، انخفض إصدار السندات الدولارية من قِبل جهات سيادية غير أميركية بنسبة 19 في المئة ليصل إلى 86.2 مليار دولار في الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام، على أساس سنوي، مُسجلًا أول انخفاض له منذ ثلاث سنوات.
وانخفض إصدار السندات الدولارية من كندا والسعودية خلال الفترة من يناير إلى مايو بنسبة 31 في المئة و29 في المئة ليصل إلى 10.9 مليار دولار و11.9 مليار دولار على التوالي. كما انخفض إصدار بولندا بنسبة 31 في المئة ليصل إلى 5.4 مليار دولار.
وفي الوقت نفسه، أظهرت بيانات ديلوجيك أن إصدارات السندات السيادية العالمية بالعملة المحلية قد ارتفعت إلى أعلى مستوى لها في خمس سنوات، مسجلةً 326 مليار دولار أميركي حتى الآن هذا العام.
ويأتي هذا الانخفاض في إصدار السندات الدولارية في وقتٍ يتراجع فيه المستثمرون العالميون عن الأصول الأميركية، ويعزى ذلك جزئيًا إلى الرسوم الجمركية، وتشكيكهم في الهيمنة المالية الأميركية وسلامتها.
وصرّح جوني تشين، مدير المحافظ في فريق ديون الأسواق الناشئة في ويليام بلير، بأن ارتفاع إصدارات العملات المحلية مدفوعٌ إلى حد كبير بانخفاض أسعار الفائدة المحلية مع انحسار الضغوط التضخمية.
وأشار في تصريحات لوكالة رويترز إلى أن الهند وإندونيسيا وتايلاند قد خفضت أسعار الفائدة المرجعية لديها هذا العام.
وقال “في حالة الهند، ازداد نضج سوق الديون بالعملة المحلية مع إدراج ديون العملة المحلية الهندية في مؤشرات السندات العالمية.”
ورجّح تشين أن يكون هذا التطور قد وسّع قاعدة المستثمرين، ما دفع إلى المزيد من إصدارات العملات المحلية في عام 2025.
وتدرس البرازيل إصدار أول سنداتها السيادية باليوان، وفقًا لمصدرين حكوميين، بعد أن اختتمت زيارة الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا إلى بكين بموجة من الإعلانات الاستثمارية الصينية واتفاقية مبادلة العملات.
وأظهرت البيانات أن إصدار البرازيل للسندات السيادية المقومة بالدولار الأميركي انخفض بنسبة 44 في المئة ليصل إلى 2.4 مليار دولار هذا العام.
وجمعت السعودية 2.25 مليار يورو (2.36 مليار دولار) من خلال بيع سندات مقومة باليورو، بما في ذلك الشريحة الأولى ممّا يسمّى بالسندات الخضراء.
وجاءت الإصدارات كجزء من برنامجها العالمي لإصدار السندات متوسطة الأجل، بما يتماشى مع إستراتيجيتها لتنويع مصادر الدخل بعيدًا عن التمويل المرتبط بالدولار.
وقال كينيث أورتشارد، رئيس قسم الدخل الثابت الدولي في شركة تي. رو برايس، ومقرها لندن “يكمن التحدي في التعامل بالعملة المحلية في أن هذه الإصدارات تميل إلى أن تكون أصغر بكثير، كما أنها أقل سيولة.”
19
في المئة نسبة تراجع إصدار السندات خلال أول 5 أشهر من هذا العام ليبلغ 86.2 مليار دولار
وأضاف “لكننا نعتقد أنه مع مرور الوقت، سيكون هناك المزيد من المستثمرين الدوليين في تلك الأسواق.”
وحذّرت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد الاثنين الماضي من أن النظام الاقتصادي العالمي المدعوم بالدولار الأميركي “يتصدّع” وطرحت فكرة تحوّل اليورو إلى عملة الاحتياطي العالمي.
وتتزايد مشاعر الإحباط في العواصم الأوروبية بسبب هيمنة الدولار كعملة احتياطية عالمية، ما يمنح الولايات المتحدة قوة دبلوماسية واقتصادية ليس لها نظير في العالم المعولم.
وتخضع الحكومات والبنوك والشركات متعددة الجنسيات لرحمة واشنطن التي تملك السلطة القانونية لمنع دخول أيّ شركة أو دولة إلى الاقتصاد العالمي في حال وجود خلاف بينها وبين الولايات المتحدة.
ولكن بسبب السياسة الاقتصادية الأميركية المتقلبة، قلل المستثمرون العالميون من انكشافهم على الأصول المقومة بالدولار في الأشهر القليلة الماضية، لكنّ عددا كبيرا منهم لجأ إلى الذهب نظرا إلى عدم وجود بديل مباشر.
وعلى أرض الواقع، لا يزال الدور العالمي لليورو في حالة جمود منذ عقود نظرا إلى عدم اكتمال المؤسسات المالية التابعة للاتحاد الأوروبي وعدم إبداء الحكومات رغبة تُذكر في الشروع في المزيد من التكامل.
وتراجع دور الدولار منذ سنوات ويشكل الآن 58 في المئة من الاحتياطيات الدولية العالمية بعدما كان يتجاوز 60 في المئة، وهي أدنى نسبة منذ عقود، ولكنه لا يزال أعلى بكثير من حصة اليورو البالغة 20 في المئة.