أسعار النفط المنخفضة تدفع أرامكو إلى جمع المزيد من الديون

إستراتيجية الشركة قادرة على التأقلم مع الظروف العالمية المتقلبة.
الجمعة 2025/05/30
مستمرون في ضبط الأوضاع

في ظل تراجع أسعار النفط عالميًا، تواجه شركة أرامكو السعودية ضغوطًا متزايدة تدفعها إلى الاتجاه نحو جمع المزيد من الديون لتعزيز مركزها المالي والحفاظ على التزاماتها الاستثمارية وتوزيع الأرباح، رغم تأكيد مسؤوليها على قدرة إستراتيجيتها في التأقلم مع الظروف المتقلبة.

الرياض – يخطط عملاق النفط السعودي أرامكو لجمع المزيد من الديون خلال العام الجاري، حيث تسعى الشركة إلى دعم موازنة ماليتها بسبب تراجع عوائدها التي أفرزتها أسعار الخام المنخفضة في الأسواق العالمية.

وفي وقتٍ جمعت فيه أكبر شركة مُصدرة للنفط في العالم 5 مليارات دولار من طرح سندات هذا الأسبوع، كشف رئيسها التنفيذي أمين الناصر أن أرامكو ” تستهدف اقتراض المزيد لتمويل النمو وتحسين الرفع المالي بميزانيتها العمومية.”

وتحتاج شركة الأموال إلى سد فجوة تمويلية، إذ تراجع التدفق النقدي الحر بسبب ضعف أسعار الخام بما لا يكفي توزيعات أرباحها النقدية الضخمة حتى بعدما قلصتها.

أمين الناصر: بإمكان الشركة أن تتحمل فترة من ضعف أسعار الخام
أمين الناصر: بإمكان الشركة أن تتحمل فترة من ضعف أسعار الخام

ورفع ذلك صافي مديونية الشركة إلى أعلى مستوياته في حوالي ثلاث سنوات ودفع نسب الاقتراض إلى الارتفاع، لكنها لا تزال أقل كثيرا مقارنة مع بعض شركات النفط الكبرى الأخرى.

وقال الناصر في مقابلة مع تلفزيون بلومبيرغ إن “نسبة المديونية لدينا الآن حوالي 5 في المئة. لا يزال ذلك واحدا من أدنى المستويات في الصناعة.” وأضاف “سنواصل طرق أسواق السندات في المستقبل.”

وباعت أرامكو سندات مقومة بالدولار على ثلاث شرائح الثلاثاء الماضي، لترتفع إصداراتها على مدار العام الماضي إلى 14 مليار دولار، وتُضيف إلى زخم موجة اقتراض تقوم بها الحكومة السعودية وشركاتها التابعة.

وسجلت مستويات الدين لدى البلد الخليجي قفزة غير مسبوقة خلال الربع الماضي، حيث تقترض الحكومة بكثافة لسد عجز متوقع في الميزانية نتيجة خطة التنويع الاقتصادي الطموحة وتراجع أسعار النفط.

وارتفعت نسبة مديونية أرامكو إلى 5.3 في المئة بنهاية مارس الماضي مقارنة مع 4.5 في المئة مع نهاية العام الماضي. ويُقارن هذا مع متوسط 14 في المئة لشركات النفط العالمية خلال العام الماضي، حسب ما ذكرته الشركة في وقت سابق من الشهر.

وتشير البيانات إلى أن نسبة المديونية لدى شركة شل تبلغ 18.7 في المئة، في حين تبلغ 14.3 في المئة لدى شركة توتال إنيرجيز.

وبلغ العائد على الشريحة لأجل 30 عاما بقيمة 2.25 مليار دولار، وهي أطول الشرائح، 1.55 نقطة مئوية فوق عائد سندات الخزانة الأميركية للأجل ذاته.

وهذا يزيد بنحو 50 نقطة أساس عن علاوة المخاطر السيادية للسعودية، وفق بيانات بنك جي.بي مورغان تشيس آند كو، ما يجعلها جاذبة للمستثمرين.

وأدى ضعف أسعار النفط في الأسواق إلى انخفاض صافي أرباح أرامكو بنسبة 4.6 في المئة على أساس سنوي خلال الربع الأول من العام الجاري.

5.3

في المئة نسبة مديونية الشركة بنهاية مارس الماضي مقارنة مع 4.5 في المئة بنهاية 2024

أما التدفق النقدي الحر، الذي يشير إلى حجم الأموال المتبقية من العمليات بعد حساب الاستثمارات والإنفاق، فتراجع بواقع 16 في المئة إلى 19.2 مليار دولار، وهو ما لا يكفي لسداد التوزيعات النقدية المُخفضة البالغة 21.36 مليار دولار.

وتفاقمت بعض ضغوط الأسعار على الشركة مع انخفاض الخام 12 في المئة منذ مطلع أبريل الماضي عندما فرضت الولايات المتحدة أكبر موجة من الرسوم الجمركية على الإطلاق.

وتراجعت أسعار النفط كذلك منذ أن اتفق تحالف أوبك+، الذي يضم أعضاء منظمة أوبك وحلفاءها تقودهم روسيا، على زيادة الإنتاج بنحو مليون برميل يوميا في أبريل ومايو ويونيو.

وقادت السعودية مساعي أكبر المنتجين في تحالف أوبك+ لتسريع وتيرة إلغاء تخفيضات الإنتاج، في وقتٍ يشهد مخاوف بشأن الطلب بفعل السياسات الجمركية العالمية للرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وتمسك الناصر بنظرته المتفائلة، قائلاً إن “الطلب ارتفع بمقدار 1.7 مليون برميل يوميا في الربع الأول من العام الجاري ويواصل النمو.”

وأضاف أن أرامكو، التي لديها واحد من أدنى مستويات كلفة استخراج النفط في العالم عند نحو 3 دولارات للبرميل، “يمكنها تحمل فترة من ضعف الأسعار.”

وأوضح أن “الأساسيات لا تزال قوية والرسوم الجمركية كان لها بعض التأثير على الاقتصاد العالمي والمعنويات، لكن رغم ذلك فالعوامل الأساسية قوية ونعتقد أن ذلك سيستمر في المستقبل المنظور.”

والخميس ذكرت شركات تكرير أن السعودية، أكبر مصدّر للنفط في العالم، قد تخفض أسعار خامها للمشترين الآسيويين في يوليو إلى أدنى مستوياتها في ستة أشهر، في أعقاب الخسائر التي لحقت بالأسعار القياسية بفعل زيادة المعروض من أوبك+.

18.7

في المئة نسبة المديونية لدى شركة شل، في حين تبلغ 14.3 في المئة لدى شركة توتال إنيرجيز

وتحدد أرامكو أسعارها للخام بناء على توصيات من المتعاملين وبعد حساب التغير في قيمة نفطها على مدار الشهر الماضي، استنادا إلى العوائد وأسعار المنتجات.

وأوضحت أربعة مصادر في قطاع التكرير بآسيا في استطلاع أجرته رويترز أن سعر البيع الرسمي للخام العربي الخفيف الرائد لشهر يوليو قد ينخفض 40 إلى 50 سنتا إلى ما بين 90 سنتا ودولار واحد للبرميل عن الشهر السابق.

وأظهرت بيانات رويترز أن مثل هذا الخفض سيضع سعر البيع الرسمي للخام العربي الخفيف في يوليو عند أدنى مستوياته منذ يناير.

وعادة ما تصدر أسعار الخام السعودي في الخامس من كل شهر تقريبا، وتحدد اتجاه أسعار الخام الإيراني والكويتي والعراقي، وهو ما يؤثر على نحو 9 ملايين برميل يوميا من الخام المتجه إلى آسيا.

وبالنسبة إلى الدرجات السعودية الأخرى أظهر المسح أنه من المتوقع أن تنخفض أسعار الخام العربي الخفيف جدا والخام العربي المتوسط والخام العربي الثقيل لشهر يوليو بين 30 و45 سنتا للبرميل عن شهر يونيو.

وقالت مصادر إن “ثماني دول أعضاء في أوبك+، التي من المقرر أن تجتمع يوم السبت، قد تقرر زيادة الإنتاج في يوليو 411 ألف برميل يوميا.”

وتأتي زيادات الإمدادات في الوقت الذي يواجه فيه النمو الاقتصادي العالمي مصاعب بسبب حرب الرسوم التي أطلقتها الولايات المتحدة.

وأثر ارتفاع الإمدادات على الأسعار القياسية في الشرق الأوسط هذا الشهر، حيث بلغ متوسط العلاوة الفورية لخام دبي 1.21 دولار للبرميل حتى 27 مايو، بانخفاض 45 سنتا عن متوسط أبريل.

11