زيادة إنتاج أوبك+ تضع واشنطن في مواجهة معضلة النفط الصخري

انتعاشة الإنتاج الأميركي لن تكون كافية لحماية شركات الحفر إذا كانت أوبك+ تسعى بالفعل إلى إشعال حرب أسعار أخرى.
الخميس 2025/05/29
مساعي استعادة حصته السوقية التي فقدها أمام منتجي النفط الصخري

واشنطن – تثير زيادة الإنتاج التي تتجه إليها دول أوبك+ المخاوف في واشنطن من أن هذه السياسة تستهدف ضرب إنتاج النفط الصخري الأميركي من جديد، وأن كبار المنتجين واستعادة الحصة التي استحوذت عليها الولايات المتحدة خلال إستراتيجية خفض الإنتاج التي اعتمدها التكتل النفطي.

وواجهت منظمة أوبك النفطية، قبل حوالي عقد، النفط الصخري الأميركي مباشرة من خلال زيادة الإنتاج إلى أقصى حد وإغراق السوق بالنفط. وأدى ذلك إلى انهيار الأسعار وتضرر العديد من شركات حفر النفط الصخري. لكن الشركات التي نجت من الأزمة حسّنت تقنيات الاستخراج التي تعتمدها وخفضت التكاليف، واستعادت في النهاية حصتها السوقية من أوبك.

ورغم أن تكاليف إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة لا تزال أعلى من تكاليف إنتاج الآبار السعودية التقليدية، إلا أن القطاع شهد تحسنا ملحوظا منذ سنة 2014 من حيث ضبط التكاليف والكفاءة.

إيرينا سلاف: هدف أوبك+ استعادة الحصة التي فقدها أمام منتجي النفط الصخري
إيرينا سلاف: هدف أوبك+ استعادة الحصة التي فقدها أمام منتجي النفط الصخري

لكن بعد عودة أوبك+ إلى المرونة في ضبط الحصص ما سمح بتدفق كميات كبيرة إلى السوق، فإن الإنتاج الأميركي أصبح أكثر ضعفا وأقل مناعة في مواجهة حرب الأسعار، بعدما سجل منتجو النفط الصخري ارتفاعا في التكاليف في السنوات الثلاث الماضية.

وترى الكاتبة إيرينا سلاف في تقرير لموقع أويل برايس أن انتعاشة الإنتاج الأميركي لن تكون كافية لحماية شركات الحفر إذا كانت أوبك+ تسعى بالفعل إلى إشعال حرب أسعار أخرى.

وتنقل سلاف عن عدة مصادر تأكيدها أن هدف كارتل كبار المنتجين يكمن في استعادة حصته السوقية التي فقدها أمام منتجي النفط الصخري الأميركي. وتدرس المجموعة لهذا السبب زيادة ثالثة في الإنتاج قدرها 411 ألف برميل يوميا لشهر يوليو.

وأوضح مصدر مطّلع على النهج الإستراتيجي السعودي، بحسب وصف رويترز، أن الهدف يتضمن خلق حالة من الغموض في السوق بهدف تعطيل عمليات التخطيط لدى المنافسين مع الحفاظ على أسعار النفط دون عتبة 60 دولارا للبرميل.

ويواجه منتجو النفط الصخري الأميركيون بالفعل حالة من عدم اليقين بسبب رسوم الرئيس دونالد ترامب والتوقعات الضعيفة للطلب على النفط. كما تتنافس الولايات المتحدة مباشرة مع أوبك+ بشكل رئيسي في السوق الأوروبية، حيث يسعى القادة السياسيون بالفعل إلى التخلص من النفط، بما يلقي بظلال من الشك على الطلب على المدى الطويل.

ويعني هذا أن بإمكان أوبك+ الانتظار ببساطة ريثما يخفض منتجو النفط الصخري الأميركيون إنتاجهم تحت وطأة الضغوط المالية.

ووفقا لأحدث مسح للطاقة أجراه بنك الاحتياطي الفيدرالي في دالاس، يحتاج منتجو النفط الصخري الأميركيون إلى أسعار تتراوح بين 26 و45 دولارا للبرميل حتى يتمكنوا من تغطية نفقات التشغيل في الآبار الحالية.

pp

ومع ذلك، ولحفر آبار جديدة بشكل مربح، يجب أن تصل الأسعار إلى 61 دولارا للبرميل على الأقل بالنسبة إلى خام غرب تكساس الوسيط، وما يصل إلى 70 دولارا للآبار في أجزاء من حوض بيرميان خارج جزء حوض ديلاوير.

وبالنتيجة، يبقى حفر النفط الصخري مكلفا نظرا إلى عوامل مثل تضخم تكلفة المواد وتراجع إنتاج الآبار الطبيعية. لذلك، قد لا يضطر أوبك+ حتى إلى قبول انخفاض الإيرادات لإجبار المنتجين المستقلين الأصغر حجما على الانسحاب، خاصة وأن شركات النفط الكبرى لن تختفي، ومن المرجح أن تنمو بشكل أكبر.

ووفقا لتحليل رويترز، فإن إستراتيجية أوبك+ في إغراق الأسواق بالنفط الخام منخفض التكلفة لتقويض منتجي النفط الصخري الأميركيين تأتي في أعقاب تآكل كبير في هيمنة الكارتل على السوق العالمية، حيث تراجعت من سيطرة الأغلبية التي تجاوزت 50 في المئة قبل ثورة النفط الصخري إلى 40 في المئة قبل عشر سنوات، وإلى 25 في المئة فقط في العام الحالي. وفي المقابل، وسّعت الولايات المتحدة حضورها في السوق من 14 في المئة إلى 20 في المئة خلال هذه الفترة.

منتجو النفط الصخري الأميركيون يواجهون حالة من عدم اليقين بسبب رسوم الرئيس دونالد ترامب والتوقعات الضعيفة للطلب على النفط

مع ذلك، لا يزال 25 في المئة يُشكل جزءا كبيرا من المعروض العالمي، وعند إضافته إلى أعضاء أوبك+، تصل النسبة إلى 48 في المئة، أي ما يُقارب نصف الإجمالي العالمي. ورغم أن مجموعة أوبك+ ليست موحدة مثل أوبك (كما يتضح من إجراءات الإنتاج في كازاخستان) إلا أن التحالف لا يزال يتمتع بقوة سوقية كبيرة بفضل إنتاجه المُجمّع.

وترى سلاف أنه في غياب الضرورة الملحة لتقويض منتجي النفط الصخري الأميركي، يجب على أوبك+ دراسة عامل حاسم آخر قبل الشروع في حرب أسعار جديدة، وهو أن حروب الأسعار تُلحق الضرر بجميع الأطراف في نهاية المطاف.

والثلاثاء قال وزير الطاقة الإماراتي سهيل بن محمد المزروعي إن مجموعة أوبك+ تبذل قصارى جهدها لتحقيق التوازن في سوق النفط لكنها في حاجة إلى الانتباه لزيادة الطلب.

وبينما يحتفظ منتجو النفط في الشرق الأوسط بمزايا التكلفة في استخراج النفط التقليدي، لا تزال أنظمتهم المالية تعتمد اعتمادا كبيرا على ارتفاع أسعار النفط الخام لتلبية متطلبات الميزانية. وبالتالي، إذا كانت مجموعة أوبك+ تفكر بالفعل في خوض حرب أسعار مع النفط الصخري الأميركي، فمن المرجح أن تكون حربها أكثر تحفظا مقارنة بعام 2014.

1