إسرائيل تقصف صنعاء وتوجه إنذارا شديد اللهجة لإيران

استهداف المطار مجددا وتدمير آخر طائرة للخطوط اليمنية عاملة فيه.
الخميس 2025/05/29
آخر حبة في عنقود اليمنية

التدمير الذي أحدثه القصف الإسرائيلي لمطار صنعاء الدولي أظهر مجددا عدم التناسب في الخسائر التي تسببها جماعة الحوثي للدولة العبرية، والخسائر التي يتكبدها اليمن بسبب سلوك الجماعة التي لا تبدو مكترثة لذلك قدر اهتمامها بما تجنيه من وراء صراعها مع إسرائيل وآلتها الحربية المتطورة من دعاية سياسية، وسعيها للانسجام والتناغم مع خط داعمتها إيران.

صنعاء- استهدف الطيران الحربي الإسرائيلي، الأربعاء، مجدّدا مطار صنعاء الدولي وذلك بعد فترة وجيزة من إعلان جماعة الحوثي عن إعادة تشغيله بعد الاستهداف الإسرائيلي له في السادس من شهر مايو الجاري.

وجاء قصف المطار ردّا على استهداف الحوثيين بالصواريخ العابرة لمطار بن غوريون الدولي الذي لم يلحق به دمار مماثل للدمار الذي لحق بمطار صنعاء واقتصرت خسائر الدولة العبرية على اضطرابات ظرفية ومؤقتة في رحلات الطيران المدني.

ودمرت الضربات الإسرائيلية آخر طائرة في أسطول الخطوط اليمنية من الطائرات العاملة في مطار صنعاء وفقا لما أعلنته جماعة الحوثي، وذلك في مظهر على عدم التناسب في الخسائر التي تسببها الجماعة لإسرائيل، وتلك التي تحمّلها لليمن وبناه التحتية ومقدّراته المادية بدخولها في صراع غير متكافئ مع الدولة العبرية وآلتها الحربية فائقة التطوّر.

لكنّ الجماعة الموالية لإيران تبدو قليلة الاكتراث بذلك في سبيل الحصول على دعاية سياسية من وراء الصراع مع إسرائيل والذي تصنّفه ضمن سياق “نضالي وجهادي” يتمثّل في دعم الفلسطينيين ونصرة قضيتهم، وهو عنوان رئيسي أيضا في الدعاية الإيرانية.

معمر الإرياني: ميليشيا الحوثي تصر على تحويل ما تبقى من مقدرات اليمن إلى رماد

وحمل القصف الإسرائيلي رسالة شديدة اللهجة للحوثيين وأيضا إنذارا لحليفتهم وداعمتهم إيران وهو ما عبّر عنه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالقول إنّ “الحوثيين مجرد عرض مرضي. فالقوة الرئيسية التي تقف وراءهم هي إيران، وهي المسؤولة عن العدوان القادم من اليمن.”

وجاء ذلك فيما لا تزال احتمالات مهاجمة إسرائيل لمنشآت نووية إيرانية قائمة بحسب تقرير لصحيفة نيويورك تايمز قالت فيه إن الإدارة الأميركية تشعر بالقلق من إمكانية أن تشن الدولة العبرية هجوما على تلك المنشآت دون سابق إنذار.

وفيما حذّر هانس غروندربرغ من أنّ المواجهة بين الحوثيين وإسرائيل تفاقم هشاشة الأوضاع في اليمن والمنطقة، داعيا “جميع الأطراف المعنية إلى التحلي بضبط النفس والوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي بحماية المدنيين والبنى التحتية المدنية”، حمّلت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، جماعة الحوثي المسؤولية الكاملة عن تدمير طائرات الخطوط الجوية اليمنية “بعد تحذيرات طالبت مرارا بنقل الطائرات إلى مطار عدن أو أي مطار خارجي حفاظا عليها”.

وقال معمر الإرياني وزير الإعلام في بيان اليوم “رغم استهداف ثلاث طائرات سابقا رفضت ميليشيا الحوثي توجيهات الخطوط اليمنية بإخراج الطائرة الأخيرة المتبقية، حتى تم تدميرها”.

وأشار الإرياني إلى أن القيمة السوقية للطائرات الأربع التي تم تدميرها تقدر اليوم بـ130 مليون دولار، منها 40 مليونا لطائرة من طراز إيرباص 330، و90 مليونا لبقية الطائرات الثلاث.

وأضاف قوله “خسارة فادحة لشركة وطنية، ولشعب أنهكته الحرب التي فجرتها مليشيا الحوثي،” معتبرا أن “ما يحدث ليس إهمالا بل جريمة متعمدة، فالميليشيا تصر على تحويل ما تبقى من مقدرات اليمن إلى رماد، وتمعن في استخدام مؤسسات الدولة، مطاراتها وموانئها، لتنفيذ أجندة إيران”.

وشنت إسرائيل مجددا الأربعاء غارات على مطار العاصمة اليمنية غداة هجوم صاروخي للحوثيين ضمن سلسلة هجماتهم المتواصلة على الدولة العبرية.

وأعلنت قناة المسيرة التلفزيونية التابعة للحوثيين أن قصفا إسرائيليا طال المطار، وذلك بعد قول وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس في بيان إنّ “طائرات سلاح الجو قامت بقصف أهداف إرهابية تابعة لتنظيم الحوثيين في مطار صنعاء، ودمرت الطائرة الأخيرة التي كانت لا تزال قيد الاستخدام من قبل الحوثيين”.

وأضاف أن “الموانئ في اليمن ستستمر في التعرض لأضرار جسيمة، ومطار صنعاء سيتم تدميره مرارا وتكرارا، وكذلك البنى التحتية الاستراتيجية الأخرى في المنطقة التي يستخدمها تنظيم الحوثيين وداعموه،” متوعدا بمحاصرة الحوثيين برار بحرا وجوا.

◄ قصف المطار جاء ردّا على استهداف الحوثيين بالصواريخ العابرة لمطار بن غوريون الدولي

وجاء الهجوم غداة إعلان الجيش الإسرائيلي اعتراض صاروخ ومقذوف آخر أطلقا من اليمن، إضافة إلى إسقاطه صاروخا أطلق الأحد وصاروخين آخرين أطلقهما الحوثيون الخميس.

وأصدر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بيانا قال فيه “نعمل وفقا لمبدأ بسيط: من يُلحق بنا ضررا، سنُلحق به ضررا. ومن لا يُدرك هذا من خلال القوة، سيُدركه من خلال قوة أكبر. ولكن كما قلت مرارا.”

ونشر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي بالعربية أفيخاي أدرعي عبر حسابه على إكس بيانا قال فيه إن الضربات الأربعاء استهدفت “قطعا جوية تابعة لنظام الحوثي الإرهابي” كانت تستخدم “لنقل إرهابيين ليدفعوا باعتداءات إرهابية ضد دولة إسرائيل”.

وأضاف أنه “بشكل مماثل لميناء الحديدة والصليف اللذين تمت مهاجمتهما الأسبوع الماضي، يتم استعمال مطار صنعاء بشكل متواصل من قبل النظام الإرهابي الحوثي لأغراض إرهابية”.

وبين السادس والسابع من مايو الجاري شنت إسرائيل غارات مكثفة على المطار حيث تقوم الخطوط الجوية اليمنية بتسيير رحلات محدودة وجهتها الرئيسية العاصمة الأردنية عمّان بالإضافة إلى استقبال الرحلات الإنسانية التي تديرها الأمم المتحدة. وأعلن الحوثيون حينها أنّ المطار “دُمّر بالكامل” وقدروا حجم الخسائر التي لحقت به بنحو 500 مليون دولار.

وقبل عشرة أيام، أعلنت الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد في صنعاء في بيان بثته وكالة سبأ التابعة للحوثيين “استئناف الرحلات الجوية المجدولة من وإلى مطار صنعاء الدولي، عقب استكمال أعمال إعادة الجاهزية الفنية والتشغيلية للمطار”.

ومنذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة إثر هجوم غير مسبوق شنّته الحركة على الدولة العبرية في السابع من أكتوبر 2023، نفذ الحوثيون العشرات من الهجمات الصاروخية ضدّ الدولة العبرية وضدّ سفن في البحر الأحمر يؤكدون ارتباطها بها، في خطوة أدرجوها في إطار إسنادهم للحركة الفلسطينية.

وهدّدت إسرائيل قبل نحو أسبوعين باستهداف قادة الحوثيين بعد أن قصفت ميناءين تابعين لهم. لكن الحوثيين صعّدوا من تهديداتهم وأعلنوا “بدء العمل على فرض حظر بحري” على ميناء حيفا الإسرائيلي، محذّرين السفن المتّجهة إلى هذا المرفق من أنه بات “ضمن بنك الأهداف”.

وقال المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع إنّ الجماعة قرّرت “تنفيذ توجيهات القيادة ببدء العمل على فرض حظر بحريّ على ميناء حيفا،” وأشار إلى أن هذه الخطوة تأتي “ردا على تصعيد العدوّ الإسرائيليّ عدوانه الوحشيّ على إخواننا وأهلنا في غزة”.

3