إعادة فتح بورصة دمشق تبث التفاؤل بانتعاش أعمال المستثمرين

دمشق- تستعد سوريا لإعادة فتح سوق دمشق للأوراق المالية (البورصة المحلية) مطلع الشهر المقبل، في نقطة تحول لتحريك نشاط هذا السوق الذي تحتاج لسنوات من أجل جعله نشطا على النحو المطلوب مع تحسين الإجراءات التنظيمية لجذب المستثمرين.
وكشف وزير المالية محمد يسر برنية الثلاثاء، أن عودة النشاط للبورصة ستبدأ في الثاني من يونيو، على أن يقتصر التداول في المرحلة الأولى على ثلاثة أيام أسبوعيا.
وأشار في تصريح لوكالة الأنباء السورية الرسمية إلى أن السلطات “اتخذت الإجراءات اللازمة للتأكد من سلامة الامتثال لمواجهة عمليات غسل الأموال،” مضيفا أن إعادة افتتاح السوق ستساهم في “تنشيط الاقتصاد، وتحريك المعاملات المالية.”
وكانت البورصة قد توقفت عن العمل مؤقتاً في الثامن من ديسمبر الماضي. وبعد يومين، أدى قصف إسرائيلي استهدف مركز البحوث القريب إلى تعطل بعض أنظمة السوق، خاصة مع عدم استقرار النظام المصرفي بعد سقوط نظام بشار الأسد.
وتشرف هيئة الأوراق والأسواق المالية التي تأسست في عام 2005 كجهة ناظمة على نشاط البورصة، وبموجب القانون ترتبط برئيس مجلس الوزراء وتتمتع بالشخصية الاعتبارية وبالاستقلال المالي والإداري.
وتمارس الهيئة دورها بالإشراف والرقابة والفعاليات المتعلقة بالسوق عبر تنظيم وتطوير نشاطاته ومكوناته. وتشرف الهيئة على الشركات المساهمة والخدمات والوساطة المالية ومفتشي الحسابات من خلال مديرياتها باختصاصاتها المختلفة.
ويدير السوق مجلس إدارة منتخب ومعيّن، يتألف من رئيس المجلس ونائبه والمدير التنفيذي، وأعضاء يمثلون الشركات المدرجة، بالإضافة إلى ممثلين عن مصرف سوريا المركزي وهيئة الأوراق والأسواق المالية السورية.
ويأتي قرار إعادة فتح السوق، بعدما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن عزمه شطب العقوبات عن دمشق بعد محادثات مع ولي العهد السعودي في الرياض في 13 مايو الجاري.
وبعد أيام، رفع الاتحاد الأوروبي العقوبات الاقتصادية عن دمشق بشكل رسمي، كما أصدرت وزارة الخزانة الأميركية قرارا يمنح تخفيفاً فورياً للعقوبات، وإعفاءً لمدة 180 يوماً من العقوبات الإلزامية المفروضة بموجب قانون “قيصر.”
وتضم بورصة دمشق التي يهيمن عليها قطاع المصارف، 27 شركة مدرجة، وتبلغ قيمتها نحو 17.6 تريليون ليرة (1.6 مليار دولار) وفق سعر الصرف الرسمي المحدد من قبل المركزي بحوالي 11 ألف ليرة للدولار.
ووفق المنصة الإلكترونية للبورصة، فهي تضم 15 بنكا وست شركات تأمين، بالإضافة إلى 6 شركات تعمل في قطاعات الخدمات والصناعة والاتصالات، بواقع شركتين في كل قطاع.
وهناك 5 شركات مدرجة هي الأكبر من حيث القيمة تنشط في قطاعات المصارف والتأمين والاتصالات والخدمات والصناعة، حيث تتصدر شركة سيريتيل موبايل تيليكوم القائمة بنحو 110.48 مليار ليرة (8.55 مليون دولار).
وتأتي شركة إسمنت البادية في المركز الثاني بنحو 33.25 مليار ليرة (2.73 مليون دولار)، ثم الشركة السورية الوطنية للتأمين قيمتها 9.04 مليار ليرة (699.6 ألف دولار).
وتحتل الشركة الأهلية للنقل المركز الرابع من حيث القيمة بواقع 7.76 مليار ليرة (600.5 ألف دولار)، يليها البنك العربي - سورية بنحو 6.9 مليار ليرة (533.9 ألف دولار).
وبالإضافة إلى إعادة فتح السوق، أكد برنية أن الحكومة تجري عملية “تطوير شاملة” لقطاع الأوراق المالية، بما يشمل منظومة التداول والمقاصة والتسوية الإلكترونية والخدمات الرقمية. وأوضح كذلك أنه سيتم توسيع الأدوات الاستثمارية، وتحفيز جانبي العرض والطلب على الأوراق المالية، إضافة للاهتمام بالتوعية.
27
شركة مدرجة في السوق البالغ قيمته نحو 1.6 مليار دولار، وأغلبها من القطاع المصرفي
وقال “ستكون هناك مراجعة شاملة للتشريعات المالية القائمة وتحديثها، لتنسجم مع الاتجاهات الحديثة والمعايير العالمية والممارسات العالمية السليمة وتعزز دور السوق في دعم تمويل الاقتصاد والتنمية، بما يخدم أغراض التوسع في الاقتصاد في السنوات القادمة.”
ولا تقتصر مراجعة التشريعات على الجانب المالي، إذ تعهد الرئيس أحمد الشرع بعد يوم من رفع العقوبات، بـ”الالتزام بتعزيز مناخ الأعمال وتقديم التسهيلات،” لتمكين رؤوس الأموال من التدفق إلى البلاد للمساهمة في إعادة الإعمار. وشدد الشرع على أن البلاد ترحب بجميع المستثمرين، ودعاهم إلى “الاستفادة من الفرص المتاحة في مختلف القطاعات.”
ومع البدء برفع العقوبات، شهدت البلاد تدفقاً استثمارياً واضحاً، فقد أبرمت الهيئة العامة للمنافذ البحرية والبرية اتفاقا مع مجموعة موانئ دبي بقيمة 800 مليون دولار ستقوم بموجبه الشركة الإماراتية بتطوير وتشغيل محطة حاويات متعددة الأغراض في ميناء طرطوس
كما ستتولى سي.أم.أي – سي.جي.أم الفرنسية، ثالث أكبر شركة شحن حاويات عبر البحر في العالم، تطوير وتشغيل ميناء اللاذقية في سوريا بقيمة تصل إلى 230 مليون يورو.
وبالإضافة إلى ذلك، استقبلت البلاد طلبات لتأسيس نحو 500 شركة في مختلف القطاعات منذ بداية السنة، بحسب وزير الاقتصاد والصناعة محمد نضال الشعار.
والأسبوع الماضي أعلن مستشار وزير الاقتصاد رازي محي الدين أن بلاده عادت رسميا إلى نظام سويفت العالمي، ما يمكّن البلد من تنفيذ عمليات التحويلات المصرفية التي تُعتبر أساسية لتشغيل الأسواق المالية.
وقال محي الدين في تصريحات لبلومبيرغ الشرق إن “العودة إلى نظام التحويلات البنكية ستشجع المستثمرين السوريين والعرب والأجانب على دخول السوق السورية مجددا بعد سنوات من العزلة المالية.”