سلطنة عمان تؤسس شركة لتنظيم تسويق موارد التعدين وتصديرها

وزارة الطاقة والمعادن تصدر قرارًا بتأسيس "الشركة العمانية لتجارة المعادن".
الأربعاء 2025/05/28
مسار إصلاحي شامل لمنظومة إدارة المعادن

مسقط - أعلنت سلطنة عمان الثلاثاء عن تأسيس شركة جديدة تعهد لها تجارة المعادن، في خطوة تؤكد اهتمام الحكومة بهذا القطاع كإحدى ركائز تنويع الاقتصاد.

وأصدرت وزارة الطاقة والمعادن قرارًا بتأسيس “الشركة العمانية لتجارة المعادن” بهدف تنظيم تسويق وتصدير المعادن في سلطنة عُمان وتعزيز القيمة المحلية المضافة من الموارد الطبيعية.

وتأتي المبادرة ضمن مسار إصلاحي شامل لمنظومة إدارة المعادن وتحقيق التكامل بين جوانب الاستغلال الاقتصادي والاستدامة البيئية والاجتماعية.

ونص القرار على تقنين تصدير خامي الجبس والكروم مع منح أولوية تلبية احتياجات السوق المحلية، إضافة إلى اشتراط ألا تقل نسبة تركيز خام الكروم المُصدّر عن 36 في المئة والسماح بتصدير الكروم المعالج بجميع نسب التركيز شريطة موافقة الوزارة.

ويهدف ذلك إلى إحكام الرقابة على عمليات التسويق، ورفع قدرة السلطنة التفاوضية في الأسواق العالمية، وتعزيز الشفافية في تسعير الخامات العُمانية.

وجاء هذا التوجه استجابة لتحديات هيكلية تعاني منها سوق المعادن، أبرزها تعدد الوسطاء وغياب آليات التسويق المتخصصة، ما أدى إلى تراجع الأسعار رغم ارتفاع حجم الإنتاج.

واعتبر صلاح بن حفيظ الذهب، مدير عام الاستثمارات بوزارة الطاقة، أن القرار يمثل محطة مفصلية في مسيرة تطوير قطاع المعادن في البلاد، ويُجسد توجها نحو تعزيز كفاءة إدارة الموارد، بإعادة تنظيم سلسلة التصدير وتأسيس شركة تعنى بتسويق المعادن.

ويبلغ عدد التراخيص التعدينية السارية لخام الجبس 15 ترخيصًا، مع إنتاج بلغ العام الماضي نحو 14 مليون طن، فيما يبلغ عدد التراخيص السارية لخام الكروم 29 ترخيصًا، وبلغ إنتاجه خلال الفترة نفسها نحو 300 ألف طن.

وتعكس هذه الأرقام وفرة الموارد المعدنية والحاجة إلى إدارة مؤسسية موحدة تضمن الاستفادة المثلى منها وتسويقها بما يعزز العائد الوطني.

وستتولى الشركة الجديدة التابعة لشركة تنمية معادن عُمان مسؤولية إدارة الصادرات بشكل مركزي، وتوحيد العقود والمواصفات، والتفاوض مع المشترين الدوليين وفق معايير مهنية، بما يرفع متوسط أسعار الخامات المُصدرة ويزيد من الإيرادات.

ومن المنتظر أن يُسهم التنظيم الجديد في تقليل التلاعب بالأسعار، وتحسين كفاءة عمليات النقل والتصدير، ورفع مستوى الشفافية في السوق، وتمكين الحكومة من مراقبة الريع والعوائد بشكل أفضل.

صلاح الذهب: القرار محطة مفصلية في تعزيز كفاءة إدارة الموارد
صلاح الذهب: القرار محطة مفصلية في تعزيز كفاءة إدارة الموارد

كما يُعزز القرار فرص التصنيع المحلي والتوظيف، ويدعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المرتبطة بسلاسل الإمداد، ويُوفر بيئة أعمال قائمة على الكفاءة والتكامل.

ونسبت وكالة الأنباء العمانية الرسمية إلى الذهب قوله “القرار هدفه مواجهة التحديات التي واجهتها السوق خلال السنوات الماضية، وفي مقدمتها غياب التنسيق وتعدد الوسطاء وتفاوت الأسعار.”

وأوضح أن ذلك أدى إلى تراجع تنافسية المنتج العُماني في بعض الأسواق، رغم ارتفاع حجم الإنتاج وجودة الخامات.

وبين أن الشركة ستكون هي الجهة المختصة بتجميع الكميات، وتوحيد المواصفات، والتفاوض باحترافية مع الأسواق العالمية، ما سيُسهم في رفع القيمة التسويقية للمنتج العُماني، وتحقيق عوائد أعلى للدولة والمستثمرين على حد السواء.

كما أن منح السوق المحلية الأولوية في شراء الخامات قبل التصدير، يعد خطوة إستراتيجية لدعم الصناعات التحويلية وتعزيز استقرار سلاسل الإمداد الصناعية داخل سلطنة عمان.

وقال الذهب إن “هذا القرار يأتي كذلك في إطار التحول المؤسسي الذي تقوده وزارة الطاقة والمعادن منذ دمج قطاعي الطاقة والمعادن.”

وعملت الوزارة على تطوير السياسات واللوائح، وتحسين بيئة الاستثمار، وتطبيق أنظمة حوكمة موحدة، ورافق هذا التحول إنشاء قواعد بيانات جيولوجية وطنية، وتفعيل خطط القيمة المحلية المضافة.

وعلاوة على ذلك تسهيل حصول المستثمرين على الامتيازات ضمن بيئة عمل منظمة وشفافة، ما ينسجم مع مستهدفات رؤية عُمان 2040 في بناء اقتصاد متنوع ومستدام، قائم على المعرفة والاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية.

وأكد الذهب أن التنظيم سيُسهم في ترسيخ بيئة استثمارية أكثر موثوقية، تدعم نمو الشركات، وتفتح المجال أمام شراكات صناعية وتجارية مجدية وتُعزز التوظيف، وتُراعي مبادئ الصحة والسلامة المهنية وحماية البيئة، ليصبح قطاع المعادن رافدًا تنمويًا حيويًا.

وتتماشى الخطوة مع جهود وزارة الطاقة لتعزيز القيمة المحلية المضافة، بإلزام الشركات بتبني خطط واضحة لتعميق المحتوى المحلي، وتشجيع توطين سلاسل الإمداد والخدمات في كافة مراحل العمليات المعدنية، ودعم الصناعات التحويلية التي تضيف قيمة للمعادن الخام قبل التصدير.

من المنتظر أن يُسهم التنظيم الجديد في تقليل التلاعب بالأسعار، وتحسين كفاءة عمليات النقل والتصدير، ورفع مستوى الشفافية في السوق

كما يأتي ذلك ضمن مظلة مبادرة “مجد” التي أطلقتها الوزارة لتجميع وتقييم جهود القيمة المحلية المضافة في قطاع الطاقة والمعادن.

ومنحت الوزارة فترة انتقالية مدتها عامًا كاملًا تتيح للشركات إنهاء عقودها الحالية، واستيعاب آلية التسويق الجديدة، كما تعتزم الوزارة تنظيم جلسات تعريفية وتدريبية للمعنيين، إلى جانب تأهيل كوادر متخصصة لإدارة عمليات البيع والتفاوض ضمن الأطر الجديدة.

وأشار مطر بن سالم البادي، الرئيس التنفيذي لشركة تنمية معادن عُمان، إلى أن هذا التفويض يُمثل محطة إستراتيجية تهدف إلى تعزيز كفاءة سلسلة التوريد وتوحيد جهود التسويق وضمان شفافية وعدالة الأسعار.

وقال إن “الشركة تعمل حاليًا على تطوير منظومة متكاملة تشمل إجراءات التسجيل، وعقود الشراء، وآليات التسعير المستندة إلى مؤشرات عالمية، إلى جانب خدمات لوجستية متكاملة لضمان موثوقية التوريد ومرونة الشحن.”

وأوضح أنه سيتم إعطاء السوق المحلية الأولوية في الحصول على هذه الخامات، وضمان جاهزية القطاع الخاص للتفاعل مع النموذج الجديد.

وبين البادي أن الشركة ستطلق برنامج تسجيل للموردين والمشترين ابتداءً من الربع الثالث لعام 2025، استعدادًا لتفعيل النظام رسميًا في مايو 2026، مؤكدًا على أهمية التواصل المبكر مع مختلف الفاعلين في السوق.

ودعا كافة المنتجين والمستثمرين والشركاء التجاريين إلى التواصل مع الشركة لاستكشاف فرص التعاون ضمن هذا الإطار الجديد، سواء في مجال التصدير أو من خلال شراكات صناعية لتحويل الخام محليًا وتوفير فرص استثمارية واعدة.

وأكد على أن هذا التوجه يُمثل خطوة نوعية نحو تمكين سلطنة عُمان من تحقيق أقصى استفادة من قطاع المعادن، وتعزيز موقعها التنافسي في الأسواق العالمية.

10