مؤشرات صادمة تكشف التكاليف الاقتصادية الباهظة للآفات الزراعية

باريس - كشفت مؤشرات دولية صادمة الاثنين عن حجم التكاليف الباهظة للآفات الزراعية جراء النباتات التي تسد مجاري الأنهار إلى الحشرات الناقلة للأمراض، ما يعطي فكرة عن حجم التحديات التي تواجه العالم في المستقبل، خاصة مع التغيرات المناخية.
وتشير الأبحاث الحديثة إلى أن تغير المناخ وتغير استخدام الأراضي وفقدان التنوع البيولوجي، تعتبر عوامل تؤدي إلى تفاقم الآفات الزراعية وتوسيع نطاق انتشارها، ما ينذر بآثار مقلقة على الأمن الغذائي العالمي في المستقبل.
وأظهرت دراسة حديثة أن الكلفة الاقتصادية الحقيقية للأنواع الغازية كزهرة الياسنت المائية المعروفة بـ”ورد النيل” والبعوض النمري أعلى مما كان مقدّرا سابقا.
وسعى فريق من الباحثين متعددي الجنسية في دراسة نشرتها مجلة “نيتشر إيكولودجي أند إيفولوشن” إلى تكوين فكرة أكثر دقة عن الثقل الاقتصادي لهذه الآفة التي تهدد الزراعة وتنشر الأمراض وتؤدي إلى انقراض الأنواع النباتية والحيوانية.
وخلص تقويم الباحثين إلى أن الكلفة بلغت نحو 2215 مليار دولار ما بين 1960 و2022، أي أنها تَفوق بنحو 17 مرة تقويم قاعدة البيانات المرجعية “إنفاكوست” (126.81 مليار دولار)، وتعادل نحو 35 مليار دولار سنويا في المتوسط.
ومنذ أوائل ستينات القرن الماضي، كلفت الأضرار الناجمة عن النباتات والحيوانات الدخيلة التي توسعت في مناطق جديدة المجتمع أكثر من 2.2 تريليون دولار.
وقال الباحث بجامعة جنوب بوهيميا في فودناني بجمهورية التشيك إسماعيل سوتو، وهو أحد معدّي الدراسة الرئيسيين، لوكالة فرانس برس “كنّا نتوقع أن تكون التقديرات أقل من الواقع، لكنّ حجم الفرق مذهل.”
واستخدم الباحثون بيانات عن 162 نوعا غازيا مثل الضفدع الأميركي الذي تم توثيق تكاليفه جيدا في عدد من البلدان. وبعد ذلك أعدّوا نموذجا للتكاليف لـ78 دولة أخرى كبنغلاديش وكوستاريكا التي لم تكن بياناتها متاحة من قبل.
وتُعَدّ أوروبا القارة الأكثر تأثرا بهذه الظاهرة بنسبة 71 في المئة من التكاليف، وتتقدم على أميركا الشمالية وآسيا.
وتشكل النباتات مثل زهرة الربيع المائية، التي تزدهر في مستنقع بواتفين، المجموعة التي تُسبب أكبر عدد من المشاكل، أكثر من المفصليات (عائلة كبيرة تضم الحشرات) والثدييات والطيور.
ما يصل إلى 40 في المئة من المحاصيل حول العالم قد تتعرض للتلف قبل الحصاد بسبب الآفات، ما يؤدي إلى خسائر بالمليارات من الدولارات سنويًا
ويمكن للحيوانات أيضًا أن تُسبب أضرارًا مدمرة. وأوضح سوتو أن “الخنازير البرية على سبيل المثال، تتسبب في أضرار زراعية من خلال تدمير المحاصيل، كالذرة أو الكروم، ما يؤدي إلى خسائر فادحة للمزارعين.”
وأضاف أن “بعوض النمر هو ناقل لحمى الضنك وفايروس زيكا، مع تكلفة مباشرة عالية على صحة الإنسان.” ومن الأمثلة الأخرى نبات العقدة اليابانية، وهو نبات غازٍ منتشر بكثرة في أوروبا، ويتطلب برامج باهظة التكلفة لاستئصاله.
وتوقعت مجموعة الخبراء التابعة للأمم المتحدة في مجال التنوع البيولوجي وخدمات النظم الإيكولوجية في عام 2023 خسارة أكبر من ذلك بكثير، قد تتجاوز 400 مليار دولار سنويا على مستوى العالم بسبب الغزوات البيولوجية.
وقال سوتو “تعتمد دراستنا على 162 نوعا فحسب (…) وربما لا يزال رقمنا يمثل تقديرا أقل من تقدير مشكلة أوسع نطاقا، وبالتالي فإن التكاليف الاقتصادية الحقيقية قد تكون أعلى من ذلك.”
ومطلع مايو، نشرت مجلة “ناتور ريفيو إيرث آند أنفيرنمنت” دراسة قيّم فيها فريق دولي بقيادة باحثين من جامعة خبي الصينية تأثير ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية.
وتوصل الباحثون إلى أن ذلك قد يؤدي إلى زيادة أضرار الآفات وخسائر في غلة المحاصيل بنسبة 46 في المئة للقمح و19 في المئة للأرز و31 في المئة للذرة.
وتُظهر التقديرات أن ما يصل إلى 40 في المئة من المحاصيل حول العالم قد تتعرض للتلف قبل الحصاد بسبب الآفات، ما يؤدي إلى خسائر بالمليارات من الدولارات سنويًا.